أصبح الأمر رسميا: مشروع قانون في الولايات المتحدة يصنف «بوليساريو» كمنظمة إرهابية

Le secrétaire d’État américain Marco Rubio aux côtés du ministre marocain des Affaires étrangères Nasser Bourita, lors de leur rencontre au département d’État à Washington, DC, le 8 avril 2025. (AFP).

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى جانب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال لقائهما في وزارة الخارجية في واشنطن العاصمة، في 8 أبريل 2025. (أ ف ب)

في 27/06/2025 على الساعة 11:31

وفاء بوعد كرره مرارا، قدّم النائب الجمهوري جو ويلسون، إلى جانب النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، مشروع قانون يهدف إلى تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي أجنبي في الولايات المتحدة. ويستند هذا المقترح إلى الدور النشط الذي تؤديه الجبهة كوكيل عن قوى إقليمية كإيران وحزب الله، بدعم مكشوف من نظام الجزائر، الذي بات يُنظر إليه كراعٍ بارز للإرهاب الدولي.

الوعد تحقق. النائب الجمهوري المحافظ جو ويلسون، المعروف بدعمه القوي لدونالد ترامب، أطلق مشروع قانون ثنائي التوجه، يحمل توقيعه إلى جانب الديمقراطي جيمي بانيتا، يرمي إلى إدراج جبهة « بوليساريو » الانفصالية على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية الأجنبية. خطوة وُصفت بالقوية والصريحة. وقد أعلن ويلسون عن هذا التحرك بنفسه على منصة «إكس»، يوم الخميس 26 يونيو 2025، في تاريخ سيكون له ما بعده.

Le député républicain Joe Wilson et le Congressman démocrate Jimmy Panetta,

وقال ويلسون في تغريدة لافتة: «البوليساريو ميليشيا ماركسية تدعمها إيران، وحزب الله، وروسيا. وهي تمنح لإيران موطئ قدم استراتيجي في إفريقيا وتزعزع استقرار المملكة المغربية، الحليف التاريخي للولايات المتحدة منذ 248 سنة».

وأضاف: «أنا سعيد بتقديم تشريع مشترك مع النائب جيمي بانيتا لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية!».

هذه الخطوة التشريعية لم تأت من فراغ. ففي 9 أبريل الماضي، وخلال لقاء في واشنطن مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عبّر ويلسون بوضوح عن موقفه، قائلا: « سعيد بلقاء وزير الخارجية المغربي لمناقشة شراكتنا الطويلة الأمد والتزامنا بالسلام في المنطقة، خصوصا استقرار الصحراء في مواجهة إرهابيي البوليساريو »، واصفا الجبهة الانفصالية بأنها تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي.

ومنذ ذلك الحين، ظل يؤكد أن طرح مشروع القانون كان مسألة وقت فقط. وفي 22 ماي الماضي، عاد مجددا ليعلن عزمه على تقديم النص التشريعي، وعبّر عن ثقته في تمريره، قائلا: «القانون قادم قريبا»، قبل أن يُردف: «ترامب سيتكفل بالأمر».

الفارق الزمني بين الأقوال والأفعال لم يكن طويلا. ففي 11 أبريل، أعلن ويلسون عن الشروع في إدخال مشروع القانون، ثم جدّد في 19 أبريل عبر «إكس» دعوته لتصنيف البوليساريو «جماعة إرهابية أجنبية»، مؤكدا مرة أخرى: «ترامب سيتولى ذلك».

وتأتي هذه المبادرة البرلمانية في سياق مواقف أمريكية أخرى وازنة، لا سيما تأكيد واشنطن مجددا دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، باعتبار مبادرة الحكم الذاتي الأساس الوحيد الممكن لحل النزاع. ففي 8 أبريل 2025، وخلال استقبال رسمي لناصر بوريطة، أعاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تأكيد هذا الموقف، مضيفا أن « الولايات المتحدة ستُسهم في أي تقدم نحو هذا الهدف »، وفق بيان رسمي صادر عن الخارجية الأمريكية.

في المقابل، تتوالى المؤشرات على الطبيعة الإرهابية المتأصلة في جبهة البوليساريو، التي تتلقى دعما وتسليحا وتمويلا من النظام الجزائري، مع انكشاف علاقاتها الوثيقة بإيران، خصوصا من خلال ميليشيا يقودها المدعو بن بطوش. مراكز تفكير أمريكية وازنة بدأت تُقارب هذا الملف من نفس الزاوية، وتصل إلى الاستنتاج ذاته: البوليساريو منظمة إرهابية ويجب التعامل معها على هذا الأساس.

من بين هذه المؤسسات، نشير إلى تحليل حديث صادر عن روبرت غرينواي، مدير مركز أليسون للأمن القومي التابع لمؤسسة Heritage Foundation، وأمين غوليدي، باحث زائر في معهد شيلبي كولوم ديفيس ضمن المؤسسة نفسها. وجاء في المقال التحليلي المعنون: «لماذا على الولايات المتحدة أن تواجه البوليساريو، الوكيل الإرهابي»، أن الجبهة أصبحت مركزاً لتقاطع خطير يجمع الطائرات المسيّرة الإيرانية، والشبكات الروسية، والتهريب الساحلي، والتهديدات الجهادية، وكلها تصب في مشروع انفصالي تدعمه الجزائر.

وأوضح الكاتبان أن « مقاتلي البوليساريو يستخدمون طائرات بدون طيار من طراز إيراني، ويتقاسمون الممرات الصحراوية مع قوافل لوجستية تابعة لوكلاء روس، ويفرضون ضرائب على طرق التهريب التي تخدم الجهاديين في منطقة الساحل. وكل هذا يحصل على مرمى صاروخ من مضيق جبل طارق، أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم ».

وفي السياق ذاته، أصدر معهد Hudson Institute وثيقة تحليلية تؤكد التوصيف نفسه، مدعومة بكشف صحفي حديث لصحيفة «واشنطن بوست»، التي نشرت في عدد السبت 12 أبريل تحقيقا موسّعا حول الميليشيات التي قاتلت إلى جانب النظام السوري، بينها مئات المرتزقة المنتمين لجبهة البوليساريو.

وأكدت الصحيفة، نقلا عن مصادر في الأجهزة الأمنية السورية الجديدة ودبلوماسيين غربيين، أن « إيران دربت مقاتلين من البوليساريو، وهي جماعة متمردة متمركزة في الجزائر تسعى لفصل الصحراء الغربية عن المغرب. ويوجد حاليا المئات من هؤلاء المقاتلين رهن الاحتجاز».

كل هذه المؤشرات تعزز رواية المغرب التي طالما ربطت بين إيران و«حزب الله» و«البوليساريو» عبر الوساطة الجزائرية، وهي رواية باتت اليوم تلقى آذانا صاغية داخل المؤسسات الأمريكية.

هذه المعطيات التي تكشف بشكل صارخ عن العلاقات العضوية بين إيران، وحزب الله، والبوليساريو عبر الجزائر، لم تعد تترك مجالا للمناورة، ما دفع الإدارة الأمريكية الجديدة إلى التحرك. ومع المشروع الذي تقدم به جو ويلسون وجيمي بانيتا، يمكن القول إن « القنبلة قد انفجرت ».

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/06/2025 على الساعة 11:31