الصحراء: مجلس الأمن يؤيد المجهودات المغربية ويحمل المسؤولية للجزائر في النزاع المفتعل

مجلس الأمن

مجلس الأمن . DR

في 27/10/2022 على الساعة 17:38

قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654، الذي تم التصويت عليه يوم الخميس 27 أكتوبر 2022، بأغلبية 13 صوتا مؤيدا وامتناع عضوين عن التصويت، يكرس ويؤيد جهود المغرب من أجل التوصل إلى حل لنزاع الصحراء، ويحمل مرة أخرى مسؤولية الجزائر، المدعوة إلى العودة إلى طاولة الحوار التي يعارضها النظام القائم.

هذا قرار سلس، يتماشى مع القرار الذي تم التصويت عليه في عام 2021، ويؤكد ديناميكية تعزز خطة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي الوحيد لنزاع الصحراء.

وهذا أيضا قرار دامغ يحمل المسؤولية للجزائر، التي تجد نفسها مدعوة للجلوس حول طاولة مع المغرب والبوليساريو الانفصالية وموريتانيا للمشاركة في عملية التفاوض.

وأقر القرار بأغلبية 13 صوتا مؤيدا وامتناع عضوين عن التصويت، وهما وبدون مفاجأة روسيا وكينيا، البلد الذي يعارض حرسها القديم توجهات الرئيس المنتخب الجديد.

يذكر أن مجلس الأمن يتألف من 15 عضوا، من بينهم 5 أعضاء دائمين (الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا) و 10 أعضاء تنتخبهم الجمعية العامة لفترة سنتين. الدول الـ 10 غير دائمة العضوية في مجلس الأمن هي ألبانيا والبرازيل والإمارات العربية المتحدة وغانا والهند وأيرلندا وكينيا والمكسيك والنرويج والغابون، التي تترأس خلال أكتوبر هذه الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة.

© Copyright : DR المسودة الأولى لقرار مجلس الأمن، الذي تعده الولايات المتحدة الأمريكية، هي نفسها التي تم التصويت عليها.

في العام الماضي، كان رد فعل النظام الجزائري هستيريا على مشروع القرار 2602. وبالفعل، قبل أسبوع من التصويت على القرار، بدأت الجزائر في توزيع مذكرة رسمية على أعضاء مجلس الأمن تؤكد فيها بأن قرار عدم المشاركة في الموائد المستديرة قرار "لا رجعة فيه". هذا العام، حرص النظام الجزائري، بحسب معلوماتنا، على عدم الاحتجاج على أعضاء مجلس الأمن. لا شك أن الصفعة التي تلقاها العام الماضي لعبت دورا رادعا.

فكيف سيكون رد فعل النظام الجزائري على تبني القرار 2654؟. في العام الماضي، اتخذ النظام موقفا يخالف بشكل جذري بياناته السابقة. وبالفعل، رفضت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان صحفي، القرار الأممي رقم 2602.

"بعد مصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار 2602 (2021) بتجديد ولاية المينورسو، تعرب الجزائر عن عميق أسفها إزاء النهج غير المتوازن الذي يفتقر إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في مجلس الأمن"، هكذا ردت حينها الوزارة التي يشرف عليها رمطان لعمامرة.

ماذا ستفعل الجزائر هذه المرة؟ ترفض مرة أخرى قرار مجلس الأمن وتعزل نفسها عن منظومة المجتمع الدولي؟ هل ستتلزم الصمت المخزي؟ هل ستقبل الجلوس إلى طاولة الحوار مع المغرب؟ أيا كان الإجراء الذي ستتخذه الجزائر بشأن قرار مجلس الأمن، فإنه يأتي في توقيت غير مناسب للنظام، الذي تعرض لإهانات متتالية بعض رفض رؤساء وملوك دول حضور قمة جامعة الدول العربية، المقرر عقدها في فاتح نونبر.

ويؤكد القرار على ضرورة إجراء المفاوضات التي تضم "جميع الأطراف المعنية"، أي "المغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا والجزائر"، بغية التوصل إلى "حل عادل ودائم ومقبول للطرفين، على أساس التوافق". وفي هذا الصدد، تم ذكر الجزائر أربع مرات.

وتؤكد الوثيقة على ضرورة إعادة إطلاق عملية الموائد المستديرة التي تجمع مختلف أطراف النزاع، وهو ما تعارضه الجزائر. ويؤيد النص أيضا "استمرار المشاورات بين المبعوث الشخصي والمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا"، ويشجع الأطراف الأربعة على التعامل مع المبعوث الشخصي "طوال مدة هذه العملية بروح من الواقعية والتوافق".

ويذهب مجلس الأمن إلى أبعد من ذلك، حيث يدعو إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد المغاربي، لأنه الكفيل بتحقيق "الاستقرار" و"الأمن" في المنطقة، فضلا عن توفير فرص النمو والشغل في المنطقة المغاربية، ولكن أيضا في منطقة الساحل.

ويمكن أن يغضب هذا الأمر الجزائر، التي تعمل على تقويض أي احتمال للوحدة في المنطقة، من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب من جانب واحد، ومن خلال دعمها بكل الوسائل كيانا وهميا.

وبعدما أخذ علما "بالمقترح المغربي (للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية للصحراء) المقدم يوم 11 أبريل 2007 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فإن قرار مجلس الأمن يشيد" بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب بغية إيجاد حل". كما أشادت الوثيقة بالخطوات والمبادرات التي اتخذتها المملكة في مجال حقوق الإنسان في الصحراء، ورحبت بالدور الذي تلعبه لجان المجلس الوطني لحقوق الإنسان العاملة في الداخلة والعيون، وتفاعل البلاد مع الإجراءات الخاصة بمجالس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وبخصوص البوليساريو، يعرب القرار عن قلق مجلس الأمن من انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء، "وأخذ علما بالالتزامات التي قطعتها جبهة البوليساريو لدى المبعوث الشخصي السابق"، وشدد على أهمية "تجديد الاحترام التام" لتلك الالتزامات.

يؤكد النص على ضرورة أن تكون قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، المينورسو، "قادرة على القيام بدوريات بكل أمان ودون عوائق"، إذ تمنع البوليساريو أفراد المينورسو من التحرك شرق الجدار الدفاعي. كما دعا مجلس الأمر إلى ضرورة إحصاء الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف، وهو مطلب طالما رفضته الجزائر. وهنا مرة أخرى، من الضروري أن نتابع باهتمام كيف ستتعامل الجزائر مع هذا الأمر الصادر عن الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة. في غضون ذلك، قرر مجلس الأمن تمديد ولاية المينورسو حتى 31 أكتوبر 2023.

يؤكد هذا القرار الديناميية المغربية في التعامل مع هذا الملف. وستواصل المملكة عملها بهدوء، من خلال زيادة عدد الدول الداعمة لمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء، وتشجيع الدول الأخرى على فتح قنصليات في العيون والداخلة. لذلك فإن المركز الأساسي لتدبير ملف الصحراء لا يوجد في نيويورك، بل في الرباط.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/10/2022 على الساعة 17:38