الجزائر: الجنرال سعيد شنقريحة يكشف مرة أخرى أنه مصاب بهذيان المؤامرة والبارانويا الحادة

سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري

سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري . DR

في 18/04/2022 على الساعة 18:00

يوم السبت 16 أبريل في برج باجي مختار، وهي منطقة تقع في أقصى جنوب الجزائر، عاد الجنرال سعيد شنقريحة مرة أخرى ليشنف أسماع قواته بنظرية المؤامرة التي تتعرض لها الجزائر. وهكذا هاجم اليوتوبرز الذين وصفهم بـ"المرتزقة" والذين يحاولون "زرع بذور التفرقة بين الشعب وجيشه".

أظهر رئيس أركان الجيش الجزائري، الجنرال سعيد شنقريحة، مرة أخرى يوم السبت 16 أبريل في برج باجي مختار الواقعة في أقصى جنوب الجزائر على الحدود مع مالي، أن المؤسسات الدستورية والسياسية في البلاد ليست سوى واجهة للسلطة العسكرية.

أعطى شنقريحة -مرة أخرى- الدليل على ازدراء المؤسسات الجزائرية من خلال منح نفسه الحق في التحدث عن السياسة أمام قواته، داعيا المواطنين الجزائريين، انطلاقا من ثكنة عسكرية، إلى "الثقة في مؤسسات الدولة، على رأسها الجيش الوطني الشعبي... لبناء الجزائر الجديدة".

أما رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمانيون والأحزاب السياسية والمجتمع المدني... فهم خارج التغطية.

وأكد شنقريحة أن "الأطراف المأجورة تحاول وعن قصد زرع بذور التفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وبين الشعب وجيشه. وهي أوهام وتخيلات لن تتحقق على أرض الشهداء".

هذا الخطاب، المليء بالريع الذاكرة الذي لا مفر منه، والذي لم يكشف عما سماه "الأطراف المأجورة"، هو عرض من أعراض الهذيان والبارانويا التي أصابت الطغمة العسكرية الجزائرية. كما أنه يثبت بوضوح أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقوم فيها رئيس أركان الجيش نفسه بمهمة رئيسية، ليس للدفاع عن حدود البلاد، ولكن لتعقب وملاحظة المواطنين الناشطين على الشبكات الاجتماعية الذين ينددون بعدم كفاءة وفساد وتسلط الجيش واستحواذه على مقاليد الحكم في البلاد.

لا يمكننا في أي بلد آخر في العالم، باستثناء الجزائر، أن نسمع عن جيش يحارب مواطنيه المصنفين على أنهم "إرهابيون" أو "مرتزقة" لمجرد أنهم اختاروا التعبير عن معارضتهم للنظام العسكري على شبكة الأنترنيت؟

وهذه الهستيريا هي مصدر التعبئة غير المسبوقة للطغمة العسكرية الجزائرية في الآونة الأخيرة، بهدف تسلم أو طرد جميع معارضيها في الخارج. تعبئة تجسدت، في الوقت الحالي، بطرد شابين مؤثرين من إسبانيا، وهما الدركي السابق محمد عبد الله، الذي تم تسليمه في غشت 2021، والعريف السابق بالجيش محمد بن حليمة، الذي تم تسليمه يوم 25 مارس الماضي.

وتم تقديم هذين الشابين عند عودتهما القسرية إلى الجزائر كغنائم حرب، وتم عرضهما بشكل مهين للكرامة للإنسانية على شاشة التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى المقربة من النظام، بهدف ترهيب الرأي العام المحلي وبالتالي إخراس الأصوات المعارضة التي لازالت تنشط في الخارج.

وبحسب مصادرنا، فإن النظام الجزائري يرهق محاوريه الغربيين بمطالبته باستمرار بطرد الجزائريين الشرفاء الذين لا جريمة لهم سوى التنديد بالنظام العسكري-السياسية الذي يبدد ثروات ولا يترك أي أمل في المستقبل للشباب. "بتكرار مطالبه بتسليم المواطنين الجزائريين الذين لم يرتكبوا أي جريمة يعاقب عليها القانون، فإن النظام الجزائري يحرج محاوريه الغربيين، ولا سيما الفرنسيين، الذين لا يعرفون كيف يفهمونه أنه مطالبه غير قابلة للتحقيق"، بحسب ما أكده مصدر ديبلوماسي أوربي لـLe360 .

وخلال زيارته الخاطفة للجزائر يوم 13 أبريل، استقبل رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان إيف لودريان من طرف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون. هذا الأخير ذكر مرة أخرى، حسب مصادرنا، اسم من يتم تقديمه على أنه "إرهابي"، وهو فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبايل (حركة الماك). لم يكتف الرئيس الجزائري بإثارة هذا الاسم فقط، لكنه ذكر أسماء الصحفيين هشام عبود وأمير بوخرص (المعروف باسم أمير DZ) وعبدو السمار وأنور مالك، وجميعهم نشيطون جدا على شبكات التواصل الاجتماعي، ويبلغ عددهم متابعيهم بمئات الآلاف. لكن رفض وزير الخارجية الفرنسي أغضب بشكل كبير النظام الجزائري.

لكن اليوتوبرز الذين يمنعون الطغمة العسكرية من النوم ليسوا فقط في فرنسا. من بين "الأطراف المأجورة... التي خانت وطنها وباعت ضمائرها وشرفها"، على حد تعبير سعيد شنقريحة، تأتي حركة "رشاد"، وهي منظمة سلمية ذات توجه الإسلامي، اتهمت أحيانا بأنها مجرد أداة في يد فرنسا وحلف شمال الأطلسي لمهاجمة مصالح الجزائر، وأحيانا أخرى لخدمة أجندة تركية قطرية، وأحيانا أخرى لخدمة مصالح مغربية إسرائيلية.

وضعت هذه الحركة، التي اتهمت بأنها حركة "إرهابية" مثلها مثل حركة الماك من قبل المجلس الأعلى للأمن، على "القائمة الوطنية" لـ"الإرهابيين" المطلوبين دوليا، والتي نشرت أسماء الأعضاء المنتمين لها في الجريدة الرسمية في العدد 11 الصادر يوم الخميس 17 فبراير2022، قبل أن يتم حذفها في اليوم الموالي وتمت إعادة نشرها بعد أيام. من بين مؤسسي حركة رشاد، يوجد الدبلوماسي الجزائري السابق العربي زيتوت، وهو الآن لاجئ في المملكة المتحدة، والذي يعد اليوم بلا شك أحد المعارضين الشرسين للنظام الجزائري.

في العدد الأخير من مجلة الجيش الشهرية (أبريل 2022)، اعتقدت افتتاحية جنرالات الجزائر أنه يمكن إقامة صلة بين المؤثرين الجزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي والإرهابيين المزعومين الذين تم عرضهم مؤخرا في الجزائر في وسائل الإعلام. وبالتالي فهما يشكلان "وجهين لعملة واحدة". علاوة على ذلك، فإن خطاب شنقريحة الأخير يتماشى تماما مع افتتاحية الوسيلة الدعائية للجيش الجزائري.

وتجدر الإشارة إلى أن سعيد شنقريحة اختار التحدث في نهاية هذا الأسبوع من منطقة برج باجي مختار، حيث قتل ثلاثة جنود جزائريين، بينهم ضابط، يوم 20 مارس الماضي عقب هجوم إرهابي مزعوم، ولم يتم التعرف مرتكبيه. وهي محاولة بلا شك ملتوية من رئيس أركان الجيش الجزائري لفرض ارتباط بين إرهابيين حقيقيين ومؤثرين سلميين ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.

في الواقع، إن جيشا خائفا من خمسة أشخاص، ينشطون فقط على شبكات التواصل الاجتماعي، يكشف قبل كل شيء عن هشاشته وعدم استعداده لتنفيذ مهامه الحقيقية في اليوم الذي سيتعين عليه فيه التصرف كجيش.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 18/04/2022 على الساعة 18:00