عندما يحذر قايد صالح من كل تدخل (مغربي) في شؤون الجزائر

DR

في 01/10/2019 على الساعة 15:02

اختار رئيس الأركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، مدينة وهران، التي تقع على الحدود مع المغرب، من أجل توجيه تحذير سخيف يوم أمس الاثنين 30 شتنبر من كل "تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لبلاده". وفي ما يلي التفاصيل.

اختيار مدينة جزائرية تقع على الحدود مع المغرب من أجل قول ترهات ليس وليد الصدفة. وحتى توقيع هذا الخطاب الذي ألقاه الجنرال والذي هاجم فيه، دون أن يسمي أحدا، "القوى الأجنبية" الغامضة التي تريد الشر بالجزائر.

هذه التفاهات التي فاه بها الرجل القوي في نظام العسكر الجزائري لم تضف أي جديد على الأقل من ناحية الشكل، عندما نعلم أن اللجوء إلى نظرية "العدو الخارجي" تحولت إلى "عملة وطنية" يستعملها النظام العسكري منذ استقلال الجزائر سنة 1962.

هذا النظام ينهج تقليدا طويلا والذي، كقاعدة عامة، يميز كل الأنظمة الديكتاتورية، وهو أن كل ديكتاتور بحاجة بالضرورة إلى عدو، حتى ولو كان وهميا، لتبرير وجوده في عيون شعبه.

وقال الجنرال في ذلك الخطاب: "لقد سبق لي وأن أشرت في العديد من المناسبات أن هناك أطرافا خارجية معادية تتربص بالجزائر وتحاول التدخل في شؤونها الداخلية، بتواطؤ مفضوح مع العصابة في الداخل التي نحذرها من اللعب بالنار". غير أنه لم تكن له الشجاعة من أجل ذكر أسماء "تلك الأطراف الخارجية المعادية" التي تتربص بالجزائر.

هل كان الجنرال أحمد قايد صالح يقصد بذلك النائبة البرلمانية وعضوة الحزب الاشتراكي البلجيكي، ماري أرينا، التي عبرت عن مساندتها للشعب الجزائري قبل الجمعة 32 للمظاهرات في الجزائر يوم 27 شتنبر 2019؟ "اليوم، يتم التظاهر للأسبوع الثاني والثلاثين في الجزائر ضد النظام الجزائري الحالي. المتظاهرون، رجالا ونساء وشبابا وغيرهم، يطالبون بنظام ديمقراطي في الجزائر"، هكذا صرحت النائبة الأوربية البلجيكية. هل هذا الدعم الصادر عن نائبة عادية بالبرلمان الأوربي يمكن أن يثير مخاوف الحاكم الجديد للجزائر إلى درجة يوجه فيه تحذيرا ضد هذا "التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للجزائر" المزعوم؟

تجب الإشارة إلى أن المفوضية الأوربية، التي هي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوربي، احتفظت بنفس المسافة اتجاه الشعب والنظام القمعي الجزائري، رافضة التعليق على الوضعية في الجزائر.

وماذا عن المغرب؟ هل هو المعني حقيقة بخطاب الجنرال؟ تجب الإشارة إلى أنه لم يصدر عن المغرب أي موقف اتجاه ما يقع على حدوده الشرقية. لماذا قام بهذا "التحذير" عندما تمتنع هذه "الأطراف الأجنبية المعادية" عن "كل تدخل" في الشؤون الداخلية للجزائر؟

ما الذي يتوهم، إذن، الجنرال اليوم وجود أعداء في كل مكان، خاصة على حدوده الغربية، أي المغرب؟

وكشف أحد الملاحظين العارفين بخبايا الأمور في الجزائر، والذي رفض الكشف عن هويته أن "الجزائر بالمقابل تصر على التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب بتقديم رشى تقدر بملايير البترودولار لمنظمات غير حكومية مرتزقة من أجل تدبيج تقارير مغلوطة عن المغرب، في حين أن الشعب الجزائري لا يكابد الجوع والفقر".

لماذا يسمح الجنرال أحمد قايد صالح لنفسه برفض أن يتدخل بلد جار "في الشؤون الداخلية لبلاده"، في حين أن بلاده مازال يحتضن على أراضيه جبهة البوليساريو الانفصالية، ومازال يقدم لها كل أنواع الدعم (المالي والديبلوماسي وحتى العسكري)؟

لا يوجد لدى هذا الجنرال المتلبد الذهن جواب على هذا السؤال. كما لا توجد له أجوبة على مطالب الشعب الجزائري الشقيق الذي يصارع منذ 22 فبراير الماضي من أجل طرد كل بقايا النظام العسكري من السلطة، بما في ذلك قايد صالح، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية وشعبية حقا.

هذا هو الموضوع الحقيقي، سيدي الجنرال!

تحرير من طرف محمد حمروش
في 01/10/2019 على الساعة 15:02