الحملة التي أطلقها ناشطون داخل الجزائر وخارجها تدعو الجيش للعودة إلى دوره الطبيعي في حماية الحدود والأمن، وترك إدارة شؤون الدولة للمدنيين. ترافقت هذه الدعوة مع انتشار مقاطع فيديو لمواطنين جزائريين يعبرون عن استيائهم من الوضع الراهن، مطالبين بتغيير حقيقي ينهي عقودا من التسلط العسكري.
ولقي الهاشتاغ تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، مع دعوات متزايدة للنزول إلى الشارع لاستعادة الحكم المدني.
مطالب بتحرير الدولة من قبضة العسكر
تشير العديد من مقاطع الفيديو التي تداولها المواطنون عبر الإنترنت إلى رغبة متزايدة في إنهاء الحكم العسكري الذي سيطر على البلاد منذ انقلاب عام 1965، عندما أطاح وزير الدفاع آنذاك، هواري بومدين، بأول رئيس مدني للجزائر أحمد بن بلة، مؤسسا لحكم عسكري ما زال جاثما فوق صدور الجزائريين حتى اليوم.
طوال هذه العقود، تحول الجيش الجزائري إلى القوة المهيمنة على جميع مفاصل الدولة، حيث يتحكم في تعيين وإقالة الرؤساء، ويدير جميع الأنشطة الحيوية بالتوازي مع السلطة التنفيذية. رئيس الأركان الحالي، سعيد شنقريحة، يعتبر مثالا حيا على هذا النفوذ المتشابك بين الجيش والرئيس عبد المجيد تبون.
السياسات الفاشلة تُشعل الغضب الشعبي
القرارات الاقتصادية التي تبناها النظام العسكري الحاكم، خصوصا خنق الاستيراد بدعوى الحفاظ على العملة الصعبة، فاقمت من معاناة المواطنين. هذا النهج أدى إلى نقص حاد في المواد الأساسية، بدءا من السيارات والأجهزة الإلكترونية وصولا إلى السلع اليومية مثل القهوة. كما تسبب ذلك في كساد كبير للأسواق، وارتفاع معدلات البطالة، وتصاعد التضخم، في وقت شهدت فيه العملة الوطنية انهيارا كبيرا أمام الدولار واليورو.
وفي المقابل، خصص النظام حوالي 25 مليار دولار للتسلح، متجاهلا الأولويات المعيشية للمواطنين. هذه المفارقة أثارت حنق الجزائريين، الذين باتوا يشعرون بأن احتياجاتهم الأساسية مهملة في ظل سياسات لا تعير أهمية لتحسين أوضاعهم.
استدعاء روح الحراك الشعبي
لم يكن هذا الغضب جديدا؛ فقد شهدت الجزائر في عام 2019 حراكا شعبيا واسعا انطلق في البداية للاحتجاج على ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، قبل أن يتحول إلى حركة تطالب بإنهاء الحكم العسكري. لكن النظام واجه هذه الاحتجاجات بقمع شديد، حيث اعتُقل مئات الناشطين، وحكم على بعضهم بالسجن المؤبد، بينما اضطر آخرون للهرب خارج البلاد خوفا من الاعتقال.
هل ستؤدي حملة #مانيش_راضي إلى التغيير؟
اليوم، يتزايد الحديث عن النزول إلى الشارع مجددا للمطالبة بحكم مدني يعيد للدولة هويتها المسلوبة.
ويرى الجزائريون أن استمرار القبضة العسكرية على مفاصل الدولة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التأزم الداخلي والعزلة الخارجية.
إن صرخة #مانيش_راضي ليست مجرد هاشتاغ، بل هي تعبير عن أزمة عميقة تتطلب استجابة عاجلة. فالمطالب واضحة: جيش يركز على حماية الحدود، ودولة مدنية تمنح الجزائريين فرصة لبناء مستقبل أفضل. الكرة الآن في ملعب الشعب الجزائري ليقرر مصيره، فهل سيستطيع كسر قيود الماضي وفتح صفحة جديدة من الحرية والحكم الرشيد؟
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا