قضية بوعلام صنصال: الدفاع يعلن اللجوء إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية

الأديب والكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الروائي المعروف بآرائه الجريئة وانتقاداته اللاذعة للنظام العسكري الجزائري

في 13/03/2025 على الساعة 11:30

بعد مرور أربعة أشهر على الاعتقال التعسفي للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر، لا يزال الكاتب البالغ من العمر 80 عاما محروما من حقوقه في الدفاع عن نفسه. وعلى الرغم من الدعوات العديدة للإفراج الفوري عنه، خاصة أنه يعاني من السرطان، فإن النظام الجزائري يرفض التراجع عن قراره. وفي ظل الأزمة العميقة التي تمر بها العلاقات الفرنسية الجزائرية، أعلن محامي بوعلام صنصال، فرانسوا زيمري، أنه سيلجأ إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية.


منذ 16 نونبر الماضي، يقبع بوعلام صنصال، المصاب بسرطان البروستاتا، في السجون الجزائرية. وُجهت إليه تهمة « المساس بوحدة التراب الوطني »، ويُعتبر خائنا من قبل النظام الجزائري بسبب تصريحاته في مقابلة مع برنامج فرونتير، حيث تحدث عن التاريخ المغربي للصحراء الشرقية. ورغم ذلك، تم حرمانه من حقه في الدفاع عن نفسه، حيث بررت السلطات الجزائرية هذا القرار بكون محاميه، فرانسوا زيمري، يهوديا.

بسبب ديانته اليهودية، لم يُمنح زيمري تأشيرة دخول إلى الجزائر، بل وتعرض لحملة تشويه ذات طابع معاد للسامية في وسائل الإعلام الجزائرية وحتى على أعلى مستويات السلطة. ونتيجة لذلك، « نُصح » بوعلام صنصال بتغيير محاميه واختيار محام غير يهودي، وهو ما رفضه الكاتب بشدة.

ولم تتوقف الضغوط عند هذا الحد، حيث كشف محاميه أنه تم الضغط على صنصال مرتين خلال الأسبوعين الماضيين لإجباره على تغيير محاميه، رغم تهديده بالدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على ذلك.

ويضيف زيمري، خلال مؤتمر صحفي عُقد في باريس يوم الثلاثاء 11 مارس، أن « هذا هو الوقت الذي تم فيه عزله تماما، هو وعائلته، ليخيم على وضعه غطاء من الخوف والتهديدات والترهيب ».

مخاوف متزايدة

تزداد المخاوف بشأن مصير الكاتب، خاصة أنه لم ترد عنه أية أخبار منذ أسابيع. يصف دفاعه هذا التعتيم الإعلامي بالمقلق، مشيرا إلى أن صنصال، المحتجز في الجزائر، كان قد بدأ يفقد الأمل، مما دفعه إلى الحديث عن شعوره بـ« الاكتئاب ». ولا تسمح السلطات الجزائرية بزيارته سوى لزوجته فقط، وبمعدل محدود جدا، مما زاد من عزلته.

من التهدئة إلى المواجهة

في 11 مارس، أعلن المحامي فرانسوا زيمري، الذي كان يتبع نهجا هادئا في السابق، عن قلقه البالغ خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر دار النشر غاليمار، الناشر لأعمال بوعلام صنصال.

وقال: « بعد قرابة أربعة أشهر من اعتقاله، لا تزال طلباتي للحصول على تأشيرة معلقة دون رد. لم أتمكن من زيارة موكلي، ولم يُسمح لي بدخول مكتب قاضي التحقيق، ولم أتمكن من الاطلاع على التهم الموجهة إليه. وبالتالي، أصبح الدفاع عنه مستحيلا. وعندما يكون الدفاع مستحيلا، وعندما يُمنع المحامي فعليا من ممارسة مهامه، فإننا لا نتحدث عن محاكمة عادلة، بل عن اعتقال تعسفي ».

بسبب هذا الوضع، قرر زيمري تغيير استراتيجيته، حيث لم تُحقق محاولات التهدئة أية نتائج. فقد أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمام غرفتي البرلمان الجزائري، عن « إدانة » بوعلام صنصال دون محاكمة، ووصفه علنا بـ »اللص مجهول الهوية » و« النذل »، متجاهلا تماما مبدأ قرينة البراءة والفصل بين السلطات ومتطلبات منصب رئيس الجمهورية.

اللجوء إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية

نظرا لاستحالة ممارسة مهامه كمحام، أعلن زيمري أنه سيبدأ اعتبارا من يوم الأربعاء 12 مارس في مخاطبة « هيئات الأمم المتحدة وجميع المنظمات التي تشارك فيها الجزائر، من أجل التنديد بالطبيعة التعسفية لهذا الاحتجاز والانتهاكات الجسيمة للمعاهدات التي تنص على ضرورة ضمان محاكمة عادلة »، وفقا لما ذكرته صحيفة لو فيغارو.

وتتمثل الاستراتيجية الجديدة في اللجوء إلى « الإجراءات الخاصة » للأمم المتحدة، لا سيما تلك المتعلقة باستقلال القضاء، وحقوق المحامين، وضمان الفصل بين السلطات، وقرينة البراءة، والتي تشكل أساس أي عملية قضائية عادلة.

وأكد زيمري أنه « سنستخدم كل السبل الدبلوماسية والقضائية الممكنة للتنديد بهذا الاعتقال »، مشيرا إلى أن الجزائر، بصفتها عضوا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حساسة جدا لصورتها على الساحة الدولية.

من جانبه، شدد أنطوان غاليمار، الرئيس التنفيذي لدار النشر غاليمار، على أن القضية لا تتعلق فقط بمحاكمة بوعلام صنصال، بل إنها « رهينة الأزمة التي تمر بها العلاقات الفرنسية الجزائرية ».

وأضاف: « حالة الغموض التي نعيشها حول وضعه القانوني تثبت أن الأمر مرتبط بجدول سياسي ودبلوماسي خارج عن إرادتنا ».

كما أعلن عن تنظيم مؤتمرات صحفية دورية حتى يتم الإفراج عن بوعلام صنصال، بهدف إبقاء القضية في دائرة الاهتمام ومنعها من السقوط في طي النسيان، مؤكدا على أهمية نشر المعلومات الموثوقة لدعم جهود التوعية.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 13/03/2025 على الساعة 11:30