وزير الخارجية الروسي يُذَكِّرُ الجزائر بحدودها المصطنعة التي تدين بها للاستعمار الفرنسي

وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف

في 16/10/2025 على الساعة 16:30

فيديوخلال مؤتمر صحفي عقده يوم الاثنين الماضي في موسكو، بحضور عدد من الصحفيين العرب، أهان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، النظام الجزائري، كما فعل في غشت 2023. فعندما سئل عن قضايا إقليمية، وتحديدا الصحراء ودول الساحل، نأى وزير الخارجية الروسي بنفسه بوضوح عن الجزائر. ودافع عن مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، بل دافع عن مالي في مواجهتها الحالية مع الجزائر.

أمام عدد كبير من الصحفيين العرب، الذين استدعاهم خلال مؤتمر صحفي لشرح أسباب تأجيل القمة الروسية-العربية، التي كان من المقرر عقدها في 15 أكتوبر، كشف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن غدر «أصدقائه الجزائريين» بعد سؤال استفزازي من صحفية جزائرية.

لم يكن من المستغرب أن تنتهز هذه الصحفية الفرصة لطرح سؤال حول الصحراء. ولكن الذي من الصعب فهمه هو كيف تجرأت على اتهام روسيا بارتكاب جرائم ضد المدنيين الماليين، الذين يزعم أنهم قتلوا على يد عناصر من الفيلق الإفريقي (Africa corps)، وهي وحدة تابعة للجيش الروسي حلت محل قوات فاغنر شبه العسكرية بعد حلها.

وقد أعطى هذا الاستفزاز لافروف الفرصة لفضح النظام الجزائري وإذلاله. بالنسبة لسيرغي لافروف، فإن السؤال حول مالي، الذي قرأته صحفية التلفزيون العمومي الجزائري « قناة الجزائر الدولية » (AL24 News) قد كتب لها من الجزائر. وفي هذه النقطة بالذات، فإن لافروف ليس مخطئا على الإطلاق، لأن هذه القناة التلفزيونية تتبع مباشرة لقسم التواصل في الرئاسة الجزائرية. تم إطلاق هذه الوسيلة الإعلامية في نونبر 2021، بهدف وحيد هو تلميع صورة الرئيس تبون، ولكن أيضا لتكون بمثابة مصنع للأخبار الزائفة لمهاجمة المغرب بشكل يومي. وهو خط تحريري لا يجهله الروس، كما أكد لافروف بوضوح للصحفية الجزائرية.

أجاب لافروف أمام الكاميرات: «سؤالك مدروس بشكل جيد، وقد قرأتِه بشكل جيد. ولكن كما تعلمين، فإن الفيلق الإفريقي هو وحدة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع الروسية. جيشنا لا ينفذ عمليات ضد المدنيين أو البنيات التحتية المدنية. وهذا أمر معروف. إذا كان لدى هيئة تحريريكم أو من طلبوا منك إثارة هذا الموضوع أدلة على مثل هذه الاتهامات، فعليهم تقديمها، لأن روسيا تتهم زورا بارتكاب جرائم خطيرة ومروعة».

وأوضح لافروف أيضا: «فيما يتعلق بمخاوف الجزائر من وجود الفيلق الإفريقي في دول الساحل، أود أن أشير إلى أن وجودنا العسكري في مالي يستجيب لطلب من السلطات الشرعية في ذلك البلد».

وحسب قوله، هناك توترات قائمة بين مالي والجزائر، توترات تعود جذورها، كما أوضح رئيس الدبلوماسية الروسية، إلى الحقبة الاستعمارية عندما رسم المستعمر حدود كل دولة دون مراعاة الوحدة الإثنية لمناطق معينة في إفريقيا. واستشهد لافروف بحالة الطوارق الذين انقسموا بين شمال مالي وجنوب الجزائر.

وتابع سيرغي لافروف قائلا إن معظم الصراعات في القارة الإفريقية تعزى إلى حدود مصطنعة ورثت عن الاستعمار. وهي إشارة من لافروف لتذكير النظام الجزائري بأن حدود الجزائر مصطنعة، وقد توسعت بشكل مفرط على يد المستعمر الفرنسي عبر اقتطاع أراض من دول أخرى، بما في ذلك مالي. وأعرب الدبلوماسي الروسي المخضرم عن اختلافه مع النظام الجزائري، المدافع المتحمس عن الحدود الاستعمارية، والذي يستغل الآن قضية الطوارق للتدخل في شؤون مالي.

لم تثر تصريحات سيرغي لافروف بشأن حدود الجزائر أي رد فعل في الجزائر. بدت الحكومة ووسائل الإعلام مصدومة من هذه الضربة الآتية من دولة حليفة، المورد الرئيسي للجيش الجزائري. وفي ضوء خطورة تصريحات وزير الخارجية، لم يحرك النظام الجزائري سوى عضو واحد في البرلمان، وهو رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الجزائرية-الروسية. كان عبد السلام بشاغة هو من تحدث، كصديق، وبحرج كبير. فقد أكد لصحيفة «الخبر» التابعة للنظام أنه يتفق مع وجهة نظر وزير الخارجية الروسي بكون الاستعمار الفرنسي هو أصل العديد من المشاكل في إفريقيا، لكنه أبدى تحفظات بشأن قضية الحدود التي أثارها لافروف، مشيرا إلى أنه لا يمكن تفسير التوترات بين الجزائر وباماكو بنزاع مرتبط بالحدود.

ومن الواضح أن دعم وزير الخارجية الروسي للسلطات المالية لم يقع على ما يبدو في آذان صماء. فيوم الأربعاء 15 أكتوبر، في كامبالا، عاصمة أوغندا، حيث يعقد حاليا اجتماع لوزراء خارجية دول عدم الانحياز، جددت مالي اتهاماتها للجزائر، ووصفتها مرة أخرى بأنها راعية للحركات الإرهابية في منطقة الساحل. وعقب الاتهامات التي وجهها الوزير الأول عبد الله مايغا يوم 26 شتنبر الماضي أمام وفود من جميع أنحاء العالم المشاركة في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان وزير الخارجية عبد الله ديوب هو من كررها هذه المرة، مما أثار استياء الوفد الجزائري.

منذ تولي تبون السلطة، شهدت العلاقات الجزائرية-الروسية اضطرابات مهمة. وكان تبون هو من أثار ضجة في يونيو 2021 عندما أعلن أن الجزائر مستعدة للتدخل في ليبيا لوقف تقدم قوات المشير حفتر إذا دخلت طرابلس. ومع ذلك، فإن هذه القوات مدعومة، بالإضافة إلى الإمارات ومصر، من روسيا.

ورغم أن الجنرال سعيد شنقريحة زار روسيا بهدف لعب دور رجل الإطفاء بين المرادية والكرملين، إلا أن الفتور لازال سيد الموقف في العلاقة بين الجزائر وموسكو. وستؤدي زيارة تبون الرسمية لبوتين في يونيو 2023 إلى تفاقم الوضع، حيث رفض الرئيس الروسي، على الرغم من شكاوى تبون، انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس بعد شهرين.

وسيشرح لافروف نفسه أسباب هذا الرفض الروسي. ففي 24 غشت 2023، أشار إلى أن الجزائر تفتقر إلى الوزن الاقتصادي أو الدبلوماسي اللازم للانضمام إلى مجموعة البريكس، مضيفا «سنوسع صفوفنا مع من يتقاسمون رؤيتنا المشتركة».

تبون يسير على غير هدى، ويدير الأمور بكثير من الهواية، ويقوّض بالتالي العلاقات التي بنتها بلاده مع أقرب حلفائها. والنتيجة: عزلة الجزائر اليوم تامة وشاملة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 16/10/2025 على الساعة 16:30