ويبقى التساؤل الذي يطرح نفسه هل بعث ما عايشناه خلال فبراير الأخير إشارات يوحي باستمرار التباطؤ، وهو أول سؤال طرحناه على المحلل الاقتصادي بدر زاهر أزرق الذي يبشر باستمرار قول:
« حسب ما أشارت إليه مجموعة من الدراسات قبل العودة إلى التقارير الصادرة عن المؤسسات والهيئات الوطنية المؤسسات المالية الدولية سبق أن توقعت في الربع الأخير من سنة 2023 بأن العالم سوف يعرف تراجعا تدريجيا وبطيء لنسب التضخم وأن الطلب العالمي سوف يعود وسوف يكون هناك استقرار في الأسعار هذا بارتباط مع العرض العالمي لمجموعة من المواد الخام بما فيها المحروقات كان يشهد استقرارا كما هو الشأن بالنسبة للطلب وبالتالي هذه القاعدة لعبت دورا في استقرار الأسعار ونسب التضخم التي شهدت نسبا متدنية عن سنة 2023″.
وأضاف: « التوقعات توجهت إلى أن الطلب العالمي خاصة بالنظر إلى الاقتصاد الصيني بدأ يتعافى، وكذلك الطلب العالمي على مستوى السوق الأوروبية أصبح يعود إلى مستوياته السابقة، ما بعث الطمأنينة لدى مجموعة من الدول المصدرة بما فيها المملكة المغربية التي تصدر مجموعة من المنتجات في مقدمتها السيارات والصناعات الميكانيكية وبعض المنتجات التكنولوجية والمواد الخام والمواد الشبه مصنعة ونصف المصنعة منها البدور ومشتقات الفوسفاط والأسمدة، والخضروات والفواكه وغيرها، إذن كان لهذا الطلب انعكاس على أداء السوق المغربي.
وكانت توقعات النمو كانت مرتبطة بهذا السياق لأننا اليوم نتحدث عن انخفاض تدريجي لكي تستقر نسب الضخم عند 2 أو 3 في المائة كذلك بخصوص نسب النمو كانت هناك توقعات بأنها سترتفع وإن كان في الوضع المغربي أنها ستتراوح بين 2 و2,5 إلى 3,5 في المائة لا يمكن القول إن الارتفاعات كبيرة، لكن في زمن الأزمة تعتبر النسبة مرضية شيئا ما ».
ويرى بدر زاهر أزرق أنه « بالموازاة مع بداية الانفراج على مستوى التضخم سجلنا في المغرب استقرارا في أسعار الغازوال بنسب شيئا ما مقبولة، بين 12 و13 درهم للتر بالنسبة للغازوال، وأيضا كان هناك انخفاض مفاجئ لأسعار الخضر والفواكه.
أظن أن القراءة كانت تحيلنا على مسألة التصدير التي لطالما استحضرت في السنة الماضية خلال الفترات التي شهدت فيها أسعار الخضروات ارتفاعات كبيرة خلال شهر رمضان وبعده وكانت أصابع الاتهام توجه دائما إلى الصادرات خاصة نحو جنوب القارات، والحديث عن إفراغ السوق المغربي، وبالتالي يصبح الطلب أكبر من العرض وبالتالي ترتفع الأسعار، وهذه الارتفاعات لم تكن لها في الماضي علاقة بمسألة التضخم العالمي، على اعتبار أن جل المكونات التي تسوق في المغرب في ما يخص المواد الفلاحية فهي داخلية ».
وأضاف بدر زاهر « بطبيعة الحال كان النقاش دائرا هل بالفعل الطلب الخارجي، هل فعلا التصدير؟ هل المشكلة في أسواق الجملة؟ هل ترتبط بالتوزع؟ وبالتالي لم تتضح الرؤية، لطن أخيرا يمكن القول إن مسألة التصدير لها دور في ارتفاع الأسعار، خاصة بعد أن ضاعفت موريتانيا الرسوم والضرائب المفروضة على المنتجات المستوردة من المغرب ولاحظنا أن إقبال المصدرين المغاربة على دول الجنوب تقلص وبالتالي طلت كميات من المواد الفلاحية في السوق الوطني ما أدى إلى انخفاض الأسعار وهو انخفاض لا علاقة له بالتضخم مثلما لم تكن لارتفاع السنة الماضية علاقة كبيرة بالتضخم العالمي ».
ويرى أن « أداء الأسواق العالمية يتميز اليوم بوفرة العرض واستقرار الطلب، كما أن عودة العالم شيئا ما بالنسبة لمجموعة من القطاعات من شأنه أن يدفع بعجلة النمو إلى الأمام، وإن كانت التوقعات متوسطة بالنسبة للمملكة المغربية، لكن هذا جيد لأن أداء مجموعة من القطاعات رهين باستقرار الأسواق الدولية وتراجع نسب التضخم، ويمكن أن ينعكس على القدرة الشرائية للمواطن المغربي التي يمكن أن تتعافى ويرتفع الطلب الداخلي، وهذا خبر سار بالنسبة لشركات المنتجات المحلية التي بإمكانها أن تعود إلى مستوى الرواج السابق، وأن تتعافى من مجموعة من القطاعات في مقدمتها قطاع العقار الذي تأثر بتراجع القدرة الشرائية ورفع نسب الفائدة في السنة الماضية، وسجل انخفاضا كبيرا في رقم المعاملات الأمر الذي أثر على قطاعات أخرى كإنتاج مواد البناء والإسمنت والحديد وغيرها.
وبخصوص القطاعات التي ستنتعش يقول « السياحة الداخلية وهذا من شأنه التأثير على الدورة الاقتصادية الداخلية، ناهيك عن الطلب الخارجي كما سبق القول وتعافي القدرة الشرائية لدى المواطنين الأوروبيين وفي الشرق الأوسط وغيره وهذا يمكن له انعكاس إيجابي على أداء مجموعة من القطاعات المغربية بما فيها السياحة التي تشهد انتعاشا غير مسبوق، وكذلك قطاع صناعة السيارات ومجموعة من القطاعات الإنتاجية في المغرب ».
ويبعث بدر زاهر أزرق رسائل اطمئنان بخصوص التباطؤ مؤكدا أنه « مستمر حسب الدراسات والأرقام الواقعية التي تصلنا وأيضا حسب الأرقام الواقعية التي تصلنا من حين إلى آخر على المستويين الدولي والوطني وهذا يؤكد ما ذهبت إليه الدراسات الاستشرافية في الربع الأخير من السنة الماضية والتي سبق أن استحضرناها.
وختم بتفسير بسيط للتضخم قائلا: « يمكن أن أفسره للمواطن بشكل بأنه ارتفاع مزمن في الأسعار وعام كذلك. مزمن معناه أنه قد يستمر لأشهر أو سنوات ويشمل جميع القطعات، لأنه في حال هم الارتفاع قطاعا واحدا وكان ذلك مؤقتا لا نتحدث عن التضخم، ففي المغرب مثلا ترتفع أسعار في رمضان كثير من المنتجات التي نعرفها جيدا، ويحدث هذا بسبب خلل في قاعدة العرض والطلب، هذا طبعا في حال عدم حدوث احتكارات واتفاقات بين الموزعين الذين يعمدون إلى تقليص إمداد الأسواق، وهذا التضخم يكون مصطنعا ويتطلب تدخل مجموعة من المؤسسات الرقابية بما فيها مجلس المنافسة والمصالح الوزارية والإدارية المكلفة بمراقبة الأسواق ».Haut du formulaire