تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يقارب بمنهجية مختلفة تأثير هذا الأديب في الكتابات الأدبية المغربية. و لاشك أنّ القارئ للآداب الحديثة يعثر على العديد من مظاهر التأثير داخل هذا الأدب وقدرته على توجيه الأدب المغربي في مرحلة معينة، أولا بسبب طبيعة الموضوعات السردية التي اهتم بها محفوظ وقدرتها على التجذّر داخل الواقع لدرجةٍ يجد الكثير من القراء بعضاً من ملامح التشابه بين المجتمع المصري ونظيره المغربي. وثانياً، بحكم الشهرة التي نالها نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1988 كأولّ أديب عربي يفوز بهذه الجائزة وترك هذا الأمر انطباعاً كبيراً عند القراء. والحق أن المغاربة ربطتهم صلة بالإرث الأدبي لصاحب « حكايات حارتنا » قبل فوزه بهذه الجائزة. لذلك، يرصد صدوق أثر هذا الأديب في المنجز المغربي من ناحية رفع منسوب وعي النقاد والكتاب والأدباء المغاربة بقيمة ما تمثله هذه التجربة المصرية.
يقول صاحب الكاتب « إن الغاية من هذا التأليف، الوقوف على تمثل نجيب محفوظ في الأدب المغربي الحديث. والقصد من التمثل، استجلاء نوعية التلقي الذي حظيت به التجربة الروائية المحفوظية خارج السياق الأدبي والثقافي في مصر. وينحصر النظر النقدي في الأدب المغربي الحديث من منطلقين: منطلق الوعي النقدي بأثر التجربة، ومنطلق الوعي الإبداعي. فأما النقدي، فآثرنا أن نتناول فيه أربعة مستويات تجسد مواقف من التجربة بالانبناء على التحليل والتأويل الذي اقتضته طبيعة المرحلة، ولئن كان الملاحظ كون جانب من التصورات النقدية استند تقييمه للتجربة وتقويمه لها على الجزئي وليس الكلي. الجزئي من الآثار الروائية المنجزة وليس الكلي، مما يطبع الاستنتاجات بخاصة النسبية، وهو ما يحتم في الراهن تشكيل الرؤية الجامعة بعد اكتمال المنجز الروائي
ويضيف « ولعل مما يمكن إضافته إلى الوعي النقدي في مستوياته المذكورة، إمكان تقسيمه إلى قسمين: الأول يسمه مشترك الإبداع والاهتمام الأساس بالتاريخ. وأُدرج ضمنه محمد زنيبر (1923-1993) وعبدالله العروي (1933). وأما الثاني فيوحده النقد الأدبي والانشغال بمستجدات النظرية النقدية الغربية، ويجمع بين محمد برادة (1938) وسعيد يقطين (1955). وأما مستوى الوعي الإبداعي فيرتبط بالصيغة التي تَحقّق فيها استلهامُ تجربة نجيب محفوظ الروائية في التخييل الروائي. وفي هذا المستوى تحديداً تَحقّق تناول رواية « المصري » للروائي الراحل محمد أنقار ».