أكبر كورال في تاريخ موازين: 200 ألف متفرج يحيون مع أمين بودشار ليلة موسيقية ساحرة تحت سماء الرباط

أمين بودشار يخلق الحدث في موازين وسط جمهور كبير

في 28/06/2025 على الساعة 11:09

فيديوأحيا الفنان والمايسترو المغربي أمين بودشار، ليلة أمس الجمعة، سهرة موسيقية استثنائية على منصة النهضة ضمن فعاليات الدورة العشرين لمهرجان «موازين – إيقاعات العالم»، في أجواء طغى عليها التفاعل الحار والحنين الجماعي، بحضور جمهور غفير من مختلف الأجيال.

في مشهد موسيقي يتغير بوتيرة سريعة وتُهيمن عليه الصيحات العابرة، يبرز اسم أمين بودشار كظاهرة فنية متفردة. فهو مؤلف موسيقي وقائد جوقات ومبتكر مفهوم « أنتم الكورال »، الذي أعاد تعريف العلاقة بين الفنان وجمهوره، عبر تجربة موسيقية حية، جماعية، ومتجذرة في التراث، لكنها منفتحة على المستقبل.

وقد سجل بودشار، مساء أمس، رقما قياسيا غير مسبوق ضمن فعاليات مهرجان « موازين – إيقاعات العالم » في نسخته لعام 2025، حيث حضر حفله على منصة النهضة أكثر من 200 ألف متفرج، في أمسية وصفها المتابعون بالتاريخية.

من التراث إلى الجمهور

في الوقت الذي يلجأ فيه كثيرون إلى إعادة توزيع الأغاني التراثية بطابع إلكتروني أو بوب، اختار بودشار طريقًا آخر: أن يجعل الجمهور نفسه يؤدي هذه الأغاني، بصوت جماعي نابض بالحياة. في حفلاته التفاعلية، لا يعيد مغنون منفردون غناء روائع أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو الطرب المغربي الأصيل، بل يتحول المتفرجون أنفسهم إلى جوقة تُنشد الذاكرة الجماعية على مسارح المغرب والشرق الأوسط وأوروبا وكندا.

من خلال هذا النهج، نجح بودشار في خلق توازن نادر بين الابتكار الفني ونقل الثقافة، مجددًا قراءة التراث الموسيقي المغربي والعربي من خلال قالب معاصر هو الغناء الجماعي، الذي ظل لفترة طويلة حكرًا على أنماط موسيقية أجنبية.

الفن كفعل ثقافي ومجتمعي

مشروع « أنتم الكورال » ليس فقط مبادرة فنية، بل يحمل بعدًا ثقافيًا، وأحيانًا سياسيًا. فهو يسعى لإعادة تقديم الأغاني القديمة للأجيال الجديدة دون فلاتر أو تزييف، وإتاحة الفرصة لها لتجسيد هذا التراث بصوتها الخاص. وكما يردد بودشار في لقاءاته: « التراث ليس متحفًا جامدًا، بل كائن حيّ يجب أن يُنقل عبر أنفاس البشر ».

ومن خلال تحويل الجمهور من متفرج سلبي إلى فاعل مباشر في العرض، يُعيد بودشار صياغة مفهوم المسرح والعرض الموسيقي، حيث تصبح الخشبة فضاءً مشتركًا، يلتقي فيه الأداء بالانفعال، والغناء بالحركة، والتفاعل بالحضور الجماعي.

دعم الجيل الجديد

في حفله بمهرجان موازين 2025، لم يكتف بودشار بصناعة عرض فني مبهر، بل حرص على منح الفرصة لشباب مغمورين للصعود إلى خشبة المسرح. من بين هؤلاء، أنس درّوج، عازف بيانو كفيف، ووليد نادي، الذي أبدع على آلة الكمان في طابع الشعبي، وروكيا أحمد، التي أطربت الحضور بصوتها وهي تؤدي أغاني الحاجة الحمداوية، إلى جانب آخرين.

من خلال هذه المبادرة، عبّر بودشار عن قناعته بأن الفن يجب أن يكون أداة للدمج الاجتماعي وفتح الآفاق.

ويقول: « منح الفرصة قد يعني أحيانا تغيير المصير ». ففي نظره، مستقبل الموسيقى العربية سيولد من الأصوات التي لا نتوقعها، ومن أولئك الذين يحملون في داخلهم غنى تراث لا يزال مُهمّشا.

موسيقى عابرة للحدود

أما من الناحية الفنية، فإن أمين بودشار يُجسد مؤلفا متعدد الجذور، يرفض التصنيفات والحدود. يستلهم من التراث الأمازيغي، والأندلسي، والعربي، والإفريقي جنوب الصحراء، ليبتكر أعمالا موسيقية متميزة مثل Mosaïca، وBartiya Groove، وJalsa، وJebli Jam. وهو بذلك يُجسد روح المغرب، بلد التلاقح الثقافي والتعدد الحضاري.

وفي سنوات قليلة فقط، استطاع بودشار أن يبني مشروعا فنّيا أصيلا يُغنّي الذاكرة الجماعية بلغة الحاضر. ومع اتساع قاعدته الجماهيرية، لا يكتفي بالإبداع، بل يعمل على ترميم الروابط، وجَسر الفجوات، وإعادة ابتكار التراث ليُصبح رافعة نحو المستقبل.

مستقبلٌ يلتقي فيه الجمهور، والشباب، والتقاليد.. أخيرا.

تحرير من طرف أشرف الحساني و سعيد بوشريط
في 28/06/2025 على الساعة 11:09