يجعل صاحب « رائحة المكان » من الفلسفة أداة للتفكير في براديغم السياسة وتحوّلاتها. لذلك يعمد بلقزيز إلى الفكر السياسي في محاولة إنشائية مفهوم النّظر في بعضٍ من المفاهيم التي تتصل بالسياسة ومتخيّلها مثل الدولة والمواطنة والسلطة، إذْ يعمل عبر هذه المفاهيم وغيرها على مقاربة فلسفية تُعيد التفكير في الأصول الفكريّة التي شُيّد عليها الفكر السياسي. وليس المرّة الأولى التي يقارب فيها بلقزيز موضوعات تتعلق بالسياسة من وجهة نظر فكرية تُعلي من منسوب الفكر وتجعل من التحليل العيني المباشر لمعطيات الواقع السياسي اليومي سنداً للتفكير.
يقول ناشر الكتاب « كيف يمكن للفلسفة أنْ تُجيب كيف يمكن للفلسفة أن تُجيب عن أسئلة السياسة الأكثر تعقيداً؟ انطلاقاً من الأصول الفلسفية للفكر السياسي، يتتبع عبد الإله بلقزيز تطوّر مفاهيم الدولة والسلطة والمواطنة. ويحلّل كيف انعكس الفكر الفلسفي في التجارب السياسية عبر التاريخ، وكيف أصبحت الفلسفة إطاراً لا غنى عنه لفهم الظواهر السياسية. يناقش الكتاب كيف تتحدّى العولمة والنزاعات المعاصرة مفاهيم السيادة والشرعية، وما هي المآزق التي تواجهها الدولة الوطنية في السياق العربي ».
إلى جانب الكتابة الفكريّة، استطاع بلقزيز أنْ يكون أحد كبار كسّروا أفق العلاقة بين الفلسفة والأدب وحوّلوا فعل الكتابة إلى بحر تتقاطع فيه الأنهار وتتواشج عبره الوديان الرائقة بكلّ ما تحمله من أفكار، حتّى أصبحت كتاباته الأدبيّة ذات امتداد عميق وضاري في الثقافة المغربيّة المعاصرة لدرجة قد يُسجّل المُتابع تفوقّ كتاباته الأدبيّة على نظيرتها الفكريّة من حيث الذيوع والانتشار. وتجمع مؤلفات من قبيل: « راحة المكان »، « ليليات »، « على صهوة الكلام »، « الحركة »، « سراديب النهايات » وغيرها ملامح من طفولته، كما هو حال كُتبه الأولى. ففي هذه المؤلّفات التي يحلو لعبد الإله بلقزيز تسميتها بـ « النصّ المفتوح » تتحرّر الكتابة من صرامتها الأجناسية لتُقدّم نفسها في تلقائية منسابة لا تُقيم أيّ حدود أو سياجات بين فتنة الجسد وصرامة العقل