تأتي قيمة هذا الكتاب في لحظة تعاني فيها المكتبة من خصاص كبير فيما يتّصل بالكتب حول السينما. وذلك لأنّ الثقافة المغربية اليوم في حاجة إلى هذا النوع من الفكر الذي يُعنى بالصورة ويستكشف تمثلاتها داخل الإنتاج السينمائي. فالثقافة المغربية اليوم تبدو وكأنّها ثقافة رواية، حيث بات هذا الجنس الأدبي يحظى باهتمام كبير سواء ن لدن المؤسسات أو الباحثين. في حين أنّ النقد السينمائي وكل ما يتّصل بالفن السابع بصلة، ما تزال عملية التلقي ضعيفة، رغم أنّ السينما تعتبر الفنّ الشعبي الأكثر مشاهدة. إنّ الخطاب المرافق للفيلم يلعب دوراً بارزاً في تأسيس مفهوم النظر ومفهوم الرؤية وجعل المُشاهد يتعلّم أنْ يمارس النقد انطلاقاً من موقع كمُشاهد. كما أنّ النقاد السينمائي وبحكم ثقافته الرمزية في تاريخ الفكر البشري تجعله يُقدّم مقاربات مختلفة وقراءات متباينة يتدخل فيها الحميمي بالمعرفي ليُكوّنا معاً خطاباً نقدياً أصيلاً أكثر صلة بالمشاهدة السينمائية وحميميتها.
يقول الباحث في كتابه الجديد « ما نعتبره منطلقات موجهة لفكرة إنجاز هذا الإصدار هو الرغبة الخاصة في إشباع قلق البحث في السينما المغربية من مداخل إضافية تغني وتكمل ما بدأناه في مجموع ما كتبناه وأصدرناه حول مسألة جوهرية هي انتساب السينما المغربية ومواصفات هويتها، وهو قلق لن ينتهي مع صدور هذا العمل، بل سيشكل حرائق قلق إضافية لا بد أن نستجيب لها بأعمال أخرى تعمق ا نحن بصدد البحث فيه. الكتابة عن السينما المغربية مرة أخرى ومن زاوية ترصد دلالاتها وانتسابها الثقافي وتؤول رؤاها الإبداعية هي لحظة أخرى تؤكد من داخلها التشبث بنفس القلق الذي ولد انشغالنا بالبحث في السينما المغربية ».
