وقد أشار الباحث الصحراوي محمد البشير الضماني في كتابه "الشاي الصحراوي" إلى أن المجتمع الحساني اعتبر هذا المشروب "في مقدمة ضروريات العيش التي لا يمكن التخلي عنها، مهما كانت الظروف والأحوال"، لدرجة أنهم كانوا يقايضون السكر والشاي حتى بالجمال والابل.
أشياء كثيرة تميز الشاي في الصحراء، مثل الدورة الثلاثية التي تبدا من كأس قاس يقول أهل الصحراء انه يشبه دورة الحياة، وكاس ثان رطب مثل المحبة وثالث شاحب يقولون انه مثل الموت، تماما مثل رباعية الفصول عند الاوروبيين التي تبدا بالربيع الذي يرمز الى الطفولة، والصيف الذي يوحي بمرحلة المراهقة والشباب، والخريف الذي يعبر عن الشيخوخة وبداية النهاية، وتنتهي بفصل الشتاء الذي يعني الموت والنهاية.
ويحرص "التيّاي" (أو صانع الشاي) على أن تكون الرغوة على رؤوس الكؤوس تماما مثل التاج، وهي عملية تجد ضرورة وجودها زمن الترحال او الخيمة، حيث كان الغبار يغزو الكؤوس التي لا تعلوها الرغوة، فتسبب بذلك أمراضا رئوية في زمن غابت فيه المستشفيات ان لم نقل انها انعدمت، كما أنها -الرغوة- توحي بالابهة والارستقراطية واليسر والغنى والكماليات، إضافة إلى جانبها الفني والاستيتيقي.
كما يحرص -التياي- أيضا على أن لا تكون الكؤوس مملوءة بالرغم من صغر حجمها، في إشارة إلى أن جودته أهم من كثرته، التي تعتبر نشازا، بحيث أن أهل الصحراء لا يمكن بحال من الأحوال أن يشربوا الشاي في كاس مملوءة ولا أن يتناولوه خارج الجماعة" أو سياق الجلسة، التي تعتبر مكانا للحل والعقد والحسم في المواقف التي تهم القبيلة او العائلة أو الفرد، في كل مناحي الحياة من زواج او خطبة او عقيقة أو حتى في الجنائز.