نقص حاد في الموارد المائية.. وزارة الفلاحة تسابق الزمن لإنقاذ القطاع

جفاف سد المسيرة

جفاف سد المسيرة

في 16/07/2024 على الساعة 17:00, تحديث بتاريخ 16/07/2024 على الساعة 17:00

تسابق وزارة الفلاحة الزمن لتنزيل استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي، كونه أول قطاع تضرر من الجفاف وتراجع الموارد المائية.

في ظل توالي سنوات الجفاف، وضمانا لاستدامة النشاط الزراعي للقطاع الذي يُعد أحد أهم قطاعات الاقتصاد الوطني، تقف الوزارة الوصية أمام تحدي صعب، ألا وهو الحفاض على المساحات المزروعة والأشجار المثمرة من الضياع، وضمان إنتاج وطني يلبي احتياجات المواطنين، والبحث عن موارد جديدة لتأمين مياه السقي، ثم التخفيف من حدة الجفاف على المناطق المتضررة.

تراجع حاد في الموارد المائية

في المغرب، تبلغ مساحة الأراضي الفلاحية شاملة، 9 ملايين هكتار، إذا ما احتسبنا المراعي والأشجار الطبيعية، تكون كل سنة 6 ملايين هكتار تضم الأشجار المثمرة، و5.5 مليون هكتار تخصص للزراعات السنوية من حبوب وقطاني وأعلاف وخضر.

ومن بين هذه المساحة الشاسعة، مليون و600 ألف هكتار فقط مجهزة للسقي، أما باقي المساحة فهي بورية.وفق ما أكده وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، في تصريح سابق ل Le360.

وحسب الوزير، تتراوح كمية المياه التي يحتاجها القطاع سنويا، بين 3.5 مليار متر مكعب و4 مليارات متر مكعب.

وحسب معطيات حديثة لوزارة الفلاحة، تبلغ نسبة ملء السدود الموجهة للأغراض الفلاحية على المستوى الوطني حوالي 29% من طاقتها الاستيعابية (4025 ملم3) عوض 30% خلال الموسم الفارط في نفس التاريخ.

وبلغ متوسط التساقطات المطرية التراكمي الوطني إلى غاية 14يوليوز 240 ملم، أي بانخفاض قدره 34% مقارنة مع موسم عادي (362 ملم) و3% مقارنة مع الموسم السابق في نفس التاريخ (247 ملم).

إدارة الموارد المائية

نظراً للوضع المائي الحرج، أوقفت وزارة الفلاحة، الري انطلاقا من السدود في معظم مدارات الري الكبير المسقية انطلاقا من السدود.

وأكدت الوزارة، أنه وباستثناء مدارات اللوكوس وتافراطا، أي مجموع 39000 هكتار، وهو ما يمثل 6٪ من المساحة الإجمالية لمدارات الري الكبير، حيث استمرت عمليات الري عند مستوى عادي، شهدت الدوائر الكبرى الأخرى (550000 هكتار، وهو ما يمثل 78٪ من المساحة الإجمالية لمدارات الري الرئيسية) قيودا شديدة بالنسبة للبعض أو حتى توقفا تاما للري لعدة أشهر وبعضها لأكثر من أربع سنوات.

ويخضع مدار الغرب لقيود متوسطة إلى شديدة ؛ وتخضع مدارات تادلة والحوز (عالية تساوت ونفيس) وملوية وورزازات (56٪ من المساحة الإجمالية) لقيود جد شديدة وتوقف الري ؛ وتعرف مدارات دكالة والحوز (وسط الحوز وسافلة تساوت و سوس-ماسة وتافيلالت (38٪ من المساحة الإجمالية) توقف الري.

وحسب المصدر ذاته، يتم تخصيص 390 ملم3 فقط للري، أي 10٪ من السدود الموجهة للأغراض الفلاحية.

إجراءات مستعجلة

اتخذت وزارة الفلاحة إجراءات ظرفية مستعجلة لحماية الأشجار المثمرة والزراعات الدائمة، لا سيما من خلال الري التكميلي للبساتين الحديثة خاصةً في إطار مشاريع الفلاحة التضامنية.

ومن المقرر أيضًا اتخاذ إجراءات هيكلية في إطار استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 والبرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، لا سيما من خلال تحديث أنظمة الري وتحسين كفاءة المياه من خلال تطوير الري الموضعي، وحماية موارد المياه الجوفية، وتنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر ومشاريع الربط بين الأحواض المائية.

وحسب الوزارة يتواصل حاليا تنفيذ برنامجين هيكليين للحبوب وفقا لعقد البرنامج الموقع مع الفدرالية البيمهنية. يتعلق الأمر بالبرنامج الوطني لتشجيع البذر المباشر الذي يهدف إلى الوصول إلى مليون هكتار في أفق 2030 (برنامج مليون هكتار للبذر المباشر). وينص على تخصيص مساحة تناهز 260 ألف هكتار للموسم الفلاحي المقبل، واقتناء وتوزيع 200 بذارة لفائدة التعاونيات الفلاحية، إضافة إلى المساعدات في إطار صندوق التنمية الفلاحية لبذارات البذر المباشر.

ويتعلق البرنامج الثاني بتشجيع الري التكميلي للحبوب بهدف الوصول إلى 1 مليون هكتار. ويتم تكثيف الدراسات لتحديد المجالات المحتملة لهذه الممارسة.

وضعية الموسم الفلاحي الحالي

بلغت المساحة المزروعة بالحبوب الرئيسية برسم الموسم الفلاحي الحالي 2.47 مليون هكتار مقابل 3.67 مليون هكتار في 2022/23، أي بانخفاض قدره 33٪.

وتقدر المساحة القابلة للحصاد وفق معطيات الوزارة، ب 1.85 مليون هكتار، أي حوالي 75 ٪ من المساحة المزروعة. بمعدل مردودية متوقع على المستوى الوطني قدره 16,9 قنطار للهكتار.

وحسب توقعات الوزارة، فيرتقب أن يبلغ الإنتاج الوطني للحبوب الرئيسية الثلاثة برسم هذا الموسم 31.2 مليون قنطار مقابل 55.1 مليون قنطار في 2022/23، بانخفاض 43٪ مقارنة بالموسم السابق. يتوزع الإنتاج حسب الأصناف 17.5 مليون قنطار للقمح اللين؛7.1 مليون قنطار للقمح الصلب؛ 6.6 مليون قنطار للشعير.

وتشغل القطاني حوالي 109140 هكتار، 10٪ منها مسقية، بانخفاض 35٪ مقارنة بالموسم السابق في نفس التاريخ (167490 هكتار) و27٪ مقارنة بسنة عادية (150000 هكتار). الأصناف الرئيسية المزروعة هي الفول (62٪) والجلبان (22٪) والعدس (14٪).

وفيما يتعلق بالزراعات السكرية، تبلغ المساحة المزروعة بالشمندر السكري 22672 هكتارا، أي 42٪ من المساحة المبرمجة.

ويرجع هذا المعدل المنخفض للإنجازات وفق الوزارة، أساسا إلى عدم توفر مياه الري في أحواض دكالة وتادلة وملوية.

وبالنسبة لقصب السكر، تبلغ المساحة المزروعة في الخريف حوالي 1055 هكتارا، أي 35٪ من المساحة المبرمجة (3000 هكتار). ويقدر الإنتاج المتوقع من الشمندر السكري بنحو 1.5 مليون طن وإنتاج قصب السكر بنحو 330 ألف طن.

ومكنت التساقطات المطرية خلال شهر مارس من وضع الزراعات الربيعية، خاصة الحمص والذرة وعباد الشمس والفاصوليا الجافة والخضروات. وتبلغ إنجازات الزراعات الربيعية الكبرى 147040 هكتارا، أي 91 في المائة من البرنامج المسطر (160970 هكتارا).

بالنسبة لزراعة الخضراوات، ستغطي الإنجازات مساحة إجمالية قدرها 249000 هكتار موزعة على الفصول الأربعة، انطلاقا من خريف 2023 إلى صيف2024 (مع التوقعات المقدرة لفصل الصيف) .

وستمكن هذه المساحة من إنتاج إجمالي من الخضروات سيناهز حوالي 8,4 مليون طن، مما سيمكن من تغطية حاجيات الاستهلاك للسوق المحلية من هذه المنتجات وكذا الصادرات خلال فصلي الصيف والخريف 2024. كما سيمكن إنتاج الطماطم الصيفية لجهة سوس-ماسة من ضمان الإنتاج إلى متم شهر ماي 2025.

الموسم الفلاحي المقبل

في ظل ضبابية الرؤية حول الموسم الفلاحي، ووفرة التساقطات أم شحها، ترأس وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، يوم الاثنين 15 يوليوز 2024 بالرباط، اجتماعا مع ممثلي مهنيي القطاع الفلاحي خصص لتدارس إشكالية تدبير الموارد المائية وتحضيرات الموسم الفلاحي المقبل.

وخلال هذا الاجتماع الذي حضره رئيس جامعة الغرف الفلاحية بالمغرب، ورئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، ورؤساء الغرف الجهوية للفلاحة، ورؤساء التنظيمات البيمهنية، فضلا عن المسؤولين المركزيين والجهويين لقطاع الفلاحة. أكد وزير الفلاحة أن الحكومة ستواصل دعم بذور الحبوب المعتمدة بحوالي 40% من أجل الحفاظ على الأسعار عند مستويات مناسبة للفلاحين كما ستدرج أصناف جديدة خاصة القطاني والنباتات الكلئية. وبالتالي، من المقرر في الموسم المقبل تعبئة 1.26 مليون قنطار من بذور الحبوب المعتمدة بأسعار تحفيزية ومدعمة.

وحسب بلاغ للوزارة، سيتم، للموسم الثاني على التوالي، دعم بذور وشتائل الطماطم المستديرة والبصل والبطاطس بهدف خفض تكلفة إنتاج هذه الخضر وتحسين الإنتاج وضمان تزويد السوق الوطنية بكميات كافية من الخضر وعرضها على المستهلك بأسعار معقولة.

فيما يتعلق بالأسمدة، سيتم تزويد السوق الوطنية ب 650 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية، بنفس مستويات الأثمنة المسجلة خلال الموسم السابق.

بالنسبة للأسمدة الآزوتية التي يتم استيرادها، سيتم الحفاظ على الدعم على غرار الموسم السابق في حدود 40 إلى 45%، بكمية مبرمجة تبلغ 5 مليون قنطار. وسيتم الاستمرار في منح المساعدات للتحاليل المخبرية (التربة والمياه والنباتات) لتشجيع الفلاحين على ممارسة التسميد العقلاني.

أما بخصوص البرنامج المتوقع للزراعات الخريفية، يضيف البلاغ، سيتم تنفيذه مع مراعاة الموفورات المائية بالمناطق البورية. ويهم هذا البرنامج 4,36 مليون هكتار من الحبوب، وحوالي 545.900 هكتار من الزراعات الكلئية و300.000 هكتار من القطاني و105.860 هكتار من الخضروات الخريفية. ويعتمد تنفيذ هذا البرنامج على الظروف المناخية وتوافر مياه الري.

وفيما يتعلق بالإنتاج الحيواني، سيستمر دعم الشعير والأعلاف المركبة حسب الظروف المناخية وحالة المراعي وإنتاج الأعلاف.

إلى جانب التدابير الظرفية، تؤكد الوزارة على أنها « ستعمل على استعادة توازنات مختلف السلاسل تدريجيا، مع مواصلة الاستثمارات المهيكلة الرامية إلى تعزيز قدرة القطاع على التكيف مع التغيرات المناخية».

كما ستستمر في » تشجيع الاستثمار في القطاع الفلاحي وفقا لمقتضيات استراتيجية الجيل الأخضر من خلال منح التحفيزات في إطار صندوق التنمية الفلاحية مع الحفاظ على التحفيزات المعمول بها وإطلاق إعانات جديدة».


تحرير من طرف فاطمة الزهراء العوني
في 16/07/2024 على الساعة 17:00, تحديث بتاريخ 16/07/2024 على الساعة 17:00