جمهورية قراصنة أبي رقراق (ح7). العياشي يحارب المورسكيين

قصبات جمهورية بورقراق الثلاث التي عرفت تطاحنا بين اهلها

قصبات جمهورية بورقراق الثلاث التي عرفت تطاحنا بين اهلها . DR

في 06/07/2015 على الساعة 21:00

حين يجتمع قراصنة أوروبا والمغرب على رقعة جغرافية واحدة، ويشكلون بها جمهورية ذات نظام سياسي أوليغارشي، قوامه قراصنة بحريون، حين تصبح هذه الجمهورية كابوسا للإبريين، ويصل مدى عملها الى شواطئ بريطانيا وآيسلاندا، نقف مليا لسبر اسرارها. نقرأ في حلقات صفحة من تاريخ المغرب من خلال جمهورية قراصنة ابي رقراق.

بعد أن تطرقنا في الحلقة السابقة إلى شخصية العياشي، وانتقاله من منطقة أزمور بدكالة إلى سلا، وبعد أوامر السلطان السعدي زيدان بالقبض عليه بعد أن تقوى نفوده في المناطق التي كان يشرف عليها، من خلال تعبئته ودعوته إلى الجهاد ضد الإسبان. سنتطرق في هذه الحلقة إلى انبعاث هذه الشخصية بعد كمون زامن مرحلة الاقتتال التي عرفته العدوتين الشمالية والجنوبية لنهر أبي رقراق، بين الحرناشيون والموريسكيون.

عرف عن العياشي بين الناس أنه رجل مجاهد تقي، فلما ساد انعدام الأمن، وأصبح التجار وأهالي سلا عرضة للنهب، التجأوا إليه وفوضوا له أمرهم في إحكام الشرع بينهم، والنظر في مصالح المسلمين وأمور جهادهم مع عدوهم، ولكي يضفي طابع الشرعية على حكمه، أمر شيوخ القبائل وأعيانهم من عرب وبربر أن يبايعوه مبايعة مكتوبة على السمع والطاعة، وأي قبيلة تخرج عند طاعته بعد المبايعة، وجب قتالها معه حتى ترجع الى امر الله، فخطوا هذا الميثاق في ظهير ووقع عليه القضاة والفقهاء من منطقة تامسنا الى غاية تازة.

بعد أن ثار السلاويون على السلطان السعدي وقتلوا قائده العسكري كونوا مجلسا سموه بالديوان، وعينوا حاكما ينتخب لمدة سنة. اعترفت إنجلترا بالجمهورية الجديدة، الشيء الذي جعل السلاويون يطلقون سراح 190 أسيرا إنجليزي لديهم، كون السلاويون ديوانا لإدارة الجمهورية مكونا من 14 عشر عضوا، والذين كانوا بدورهم ينتخبون رئيسا على رأس الجمهورية لمدة عام.

كان العياشي يستفتي العلماء في أمور الجهاد، مفضلا وحدة الصف، موليا الأهمية لقتال النصارى بدل قتال خصومه المسلمين. كما رحب العياشي بثورة أهل سلا على السلطان زيدان السعدي، فساعده الحرناشيون على مهاجمة الإسبان، ثم لم يلبثوا أن ملوا من مواصلة الحرب إلى جانبه، واختاروا البقاء مستقلين، حيث فطن العياشي إلى أن المورسكيين كانوا يفشلون خططه اثناء محاربته للإسبان في المعمورة، وكانوا يقدمون لهم المؤونة. ضاق العياشي درعا من نفاق المورسكيين، فاستفتى العلماء حول جواز قتالهم، فأفتى بذلك كل من الشيخ العربي الفاسي والشيخ عبد الواحد بن عاشر، فأعلن الحرب عليهم، خصوصا بعد أن رفضوا أن يمدوه ببعض المدافع، لمهاجمة المعمورة.

اقتحم العياشي سلا القديمة سنة 1040 (1613م)، فأصبح ميناءها تحث سلطته، في نفس الوقت استقر ولده بقصبة شالة. فضل الموريسكيين الخضوع للسلطان زيدان، والذي كانت أمه أيضا إسبانية الأصل، على أن يخضعوا لسلطة العياشي، فزاد من حصاره عليهم، فما كان لهذا الحصار إلا ليزيدهم عنادا. أمد الإسبان الموريسكيين بالمؤن، مما جعل هذا الحصار يطول فبدأ ضغطه عليهم يخفف شيئا فشيئا، بعد ان انشغل العياشي بالجهاد في مناطق اخرى.

طرد الاندلسيين الحرناشيين من القصبة سنة 1636م، فالتجأوا الى العياشي، الذي كان مشغولا بالقتال في جبهات أخرى، مما جعل حاكم سلا الجديدة ينتهز الفرصة للاستيلاء على سلا القديمة. وأثناء ذلك قدمت بواخر انجليزية لحصار القراصنة، بعث بها ملك انجلترا شارل الأول، لفك عدد من أسرى بلاده، ثم زحف محمد الشيخ الصغير في نفس السنة المذكورة متجها نحو الرباط وسلا. يتبع في الحلقة القادمة .

تحرير من طرف يونس
في 06/07/2015 على الساعة 21:00