ولعل محاولة الجزائر نقل ورقة الانفصال ومناوراتها في جنوب المملكة، والتي تلعبها منذ القرن الماضي إلى الريف، خير دليل على إخفاقها في في المهمة القذرة الأولى، واعترافا بخيبة أملها، وإلقاء المنديل بعيدا عن عيون الناظرين.
لا يخفى على المتتبعين الذين لم تذهب أموال الغاز بعقولهم إخفاق المتحرشين بالوحدة الترابية لبلادنا، الذين توالت هزائمهم وأضحت عابرة للقارات، ومتعدد الأبعاد.
تعددت هزائم الخصوم على الصعيدين القاري والعربي، الأمر الذي يعزز تفوق المغرب المتواصل على الصيد الدولي.
لقد ثبت تشبث الدول الإفريقية ببقاء مشكلة النزاع المفتعل حول الصًحراء المغربية حصريا على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، وبالتالي لم يجر إدراج القضية خلال الدورة السابعة والثلاثين لقمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي.
غير أن مسلسل الصدمات لم يقف عند هذا الحد، إذ أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في ختام جلسة العمل المشتركة التي جمعت أمس الأحد في الرياض، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مع نظرائه، في دول أعضاء المجلس (أكدوا) المواقف الثابتة لدولهم « المؤيدة لمغربية الصحراء والداعمة للحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية وسيادتها التامة على صحرائها، والمساندة لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد في إطار سيادة المغرب ووحدته الوطنية والترابيةّ ».
هذه الصدمة العربية تقاطعت مع تحركات مزدوجة للجزائر الأولى محاولة تأسيس كيان مغاربي مبثور في غياب المغرب، والثاني زيارة قطر....
والثالث كان بمثابة تصويب « قيادة » الجزائر المتخبطة السلاح نحو نفسها متوهمة أن نقل ورقة الانفصال وأوهامه من الجنوب نحو الريف سيصبح مصدر إزعاج للمغرب الموحد الذي يغيظهم.
لكن حركة الكابرانات غير محسوبة العواقب كانت بمثابة اعتراف بالإخفاق الكبير في قضية التحرش بالوحدة الترابية للمغرب، والمتواصل أيضا لمسعى الجارة الشرقية وصنيعتها « البوليساريو » التي استنفدت مدة صلاحيتها.
إن الأمر يتعلق بإشهار إفلاس أطروحة عمرت حوالي نصف قرن تحت غطاء نقل « إزعاج » لا وجود له إلا في خيالهم المريض إلى منطقة الريف.
مع وهم إزعاج المغرب، الذي تحول إلى عقيدة، يبدو أن كابرانات الجزائر مجرد مقامرين فاشلين، لأنهم يراهنون دائما على الجواد الخاسر، الذي يسقط ولا يلوح في الأفق أمل في نهوضه.
لقد تكرر معهم هذا الأمر عشرات المرات في ما يتعلق بالجمهورية الصحراوية الوهمية لكنهم لم ييأسوا، وحالوا خوض تجربة جديدة، في محاولة للتغطية على الفشل البين، وما يتبعه، وبشكل خاص ضرورة تبرير الموقف للشعب الجزائري الذي أرغم على العيش تحت عتبة ما هو مفروض، لأن الأموال التي من حقه أن يرى أثر نعمتها عليه تذروها رياح المراهنة على انفصاليين دأبوا على التلاعب في الإعانات الدولية، وهو ما فضحته منظمات وهيئات دولية وسارت بذكره الركبان.
بين عشية وضحاها تقمص رجال النظام الجزائري دور الأربعين حرامي المحيطين بعلي بابا، فأوحى لهم خيالهم المريض بمنح ما سموه « الحزب الوطني الريفي » مقرا في الجزائر العاصمة من أجل الاشتغال على مشروع الانفصال الجديد والتحضير لما سموه « جمهورية الريف »، اعتمادا على خمسة أشخاص أكدت le360 في مقال سابق أنهم يتحدرون من الريف ويقيمون في الخارج.
اللافت أن الجزائر التي مازالت تحلم بإطلالة على المحيط الأطلسي ولم تنل مرادها، توهمت أنها تملك القدرة على بتر الواجهة المتوسطية من المغرب طالما أنها رسمت « خريطة للإقليم الجديد الذي يشمل تقريبا منطقة طنجة وتطوان والحسيمة ».
متأكدون أنها مجرد أوهام، وأكيد أنها فاتحة مسلسل هزائم جديدة، وقصة انفصال لن تعمر طويلا لأن الذين جرى التغرير بهم في قضية الصحراء استعادوا وعيهم وأصبحوا أكبر مدافعين عن الوحدة الترابية للمغرب.
أكيد أيضا، أن الظروف التي جرى استغلالها لإطالة قضية الصحراء المغربية، غير متوفرة في قصة الوهم الجديد للقابعين في قصر المرادية، الذين لم ينجحوا في مقامرتهم الأولى ويتطلعون إلى تحقيق الأفضل في خطوة غير محسوبة العواقب.
هو حلم من الأحلام التي تسيطر على الناس في منامهم لكنهم لا يذكرون شيئا من تفاصيلها ولا يرون شيئا منها في الواقع.