أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية شهادة وفاة اتحاد المغرب العربي. وبدلا منه، يجب الحديث من الآن فصاعدا عن «اتفاق قرطاج» أو «مجموعة الثلاثة» (الجزائر وتونس وليبيا)، كما يؤكد البوق الدعائي للطغمة العسكرية الجزائرية، التي تعترف بالتالي بأن الجزائر لديها بالفعل النية المبيتة لخداع ليبيا وموريتانيا، من أجل إنشاء كيان مغاربي مصغر يقصى منه المغرب. يوم الاثنين 29 أبريل، في قصاصة لا علاقة لها البتة شكليا بضوابط القصاصات المهنية لوكالة أنباء، تحت عنوان «ميلاد مجموعة الـ3 بقرطاج: المغرب العربي انتقل من الشعارات إلى الأفعال»، أضفت وكالة الأنباء الجزائرية على الاجتماع الثلاثي المنعقد يوم 22 أبريل الجاري بتونس طابعا جنائزيا.
لأن هذا الاجتماع يهدف، حسب رأيها، إلى دفن اتحاد المغرب العربي بشكل نهائي. «فلقاء قرطاج كان فرصة للتطرق للوضعية الهامدة لهذا الاتحاد. فأي كان الطبيب الممارس، لن يصعب عليه الاستنتاج بوضوح أنه بعد غيبوبة عميقة و لا مناص منها، لا يمكن إنعاش كيان كان خلال هذه المدة الطويلة في حالة موت دماغي، وهي الحالة التي تنطبق على اتحاد المغرب العربي»، هذا ما كتبته الوكالة الجزائرية. وأضافت: «في يوم 22 أبريل انعقد لقاء تأسيسي لنهج جديد. وفي السنة القادمة 2025 سيكون قد مر 30 عاما بالضبط على الإعلان عن شهادة الموت السريري لاتحاد المغرب العربي والذي لم يعد موجودا في الواقع».
إن توقيت خرجة وكالة الأنباء الجزائرية وأهدافها يكشفان عن القلق الناتج عن تراكم الإخفاقات التي تواصل الطغمة العسكرية الجزائرية حصدها والتي يسعى بشكل أخرق إلى إخفائها. بعد أقل من 24 ساعة من إقصاء فريق اتحاد الجزائر العاصمة على السجاد الأخضر، والذي يترك كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على أبواب النهائي بشكل مهين، اعتقدت وكالة الأنباء الجزائرية أنها تنقذ ماء الوجه من خلال جعل الناس يعتقدون أن الجزائر حققت نصرا ديبلوماسيا من خلال إنشاء «كتلة» مغاربية بدون المغرب. إن نظام الجزائر بحاجة بالفعل إلى الإحساس بتحقيق نصر، حتى ولو كان دونكيشوتيا، بعد الهزيمة المزدوجة التي لحقت بالنظام في الجزائر العاصمة نفسها، ثم في بركان، بعد الرعب ثم الإهانة التي ألحقتها به خريطة المغرب بصحرائه الموضوعة على قمصان نادي نهضة بركان، الخريطة التي حصلت على موافقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
هذا القميص أصاب قادة النظام بالهستيريا. وأعطوا تعليمات لإدارة الجمارك الجزائرية بمصادرة الأمتعة الشخصية للاعبين. وتعد هذه المصادرة من قبل الجمارك لملابس فريق أجنبي يحل ببلد مضيف، في إطار حدث رياضي رسمي، هي الأولى من نوعها في تاريخ كرة القدم، والتي تحسب للثنائي تبون–شنقريحة. ولم تكتف السلطات الجزائرية بمصادرة الأمتعة في المطار والتي ستسجل في التاريخ، بل قامت، وهي المعتادة على التزوير ونهب ممتلكات الآخرين، بصنع نسخ من قميص فريق نهضة بركان.
وفي تصريح سريالي ولاعقلاني، أشاد رئيس الجامعة الجزائرية لكرة القدم أمام وسائل الإعلام بالجودة العالية للقميص المزيف الذي أعدته للفريق البركاني. وأثار التدبير الكارثي الذي قام به النظام الهستيري لهذه المباراة جدلا في دوائر كرة القدم وفي البعثات الدبلوماسية الأجنبية. لم نر قط مثل عدم الكفاءة هاته. وبالتالي، من أجل صرف الأنظار عن هذه الكارثة، لوح النظام بشهادة وفاة اتحاد المغرب العربي.
الهدف الآخر لهذه القصاصة الجديدة للوكالة الجزائرية هو ضرب المبادرة الليبية الأخيرة التي تهدف إلى إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي وإرجاعه إلى المسار الصحيح. في الواقع، قال محمد يونس المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بوضوح للثنائي عبد المجيد تبون-قيس سعيد أنه لا يمكنه أن يدعم إنشاء اتحاد مغاربي مكرر، والأكثر من ذلك أن يكون موجها ضد المغرب، في حين أن اتحاد المغرب العربي، حتى ولو كان مجمدا، فإنه لازال موجودا.
الدور المركزي للمغرب في البناء المغاربي
غداة القمة الثلاثية في تونس، أرسل محمد المنفي مبعوثا خاصا هو سامي المنفي إلى الرباط حاملا رسالة مكتوبة إلى الملك محمد السادس. واعترافا بدور المغرب المركزي في أي بناء مغاربي، وأيضا لدوره في حل الأزمة الليبية، أكد المجلس الرئاسي الليبي للرباط أنه لن يشارك أبدا في مناورات تهدف إلى المس بالمملكة، وأن ليبيا حريصة على إعادة إحياء هياكل اتحاد المغرب العربي كما تم تأسيسها في مراكش في فبراير 1989.
وسلم المبعوث الليبي عماد فلاح، مدير بوزارة الخارجية الليبية، يوم الأربعاء 24 أبريل، رسالة أخرى من محمد المنفي إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. ومن الواضح أن هذه المراسلات تتعلق بتفعيل اتحاد المغرب العربي، حسب تصريحات المبعوث الليبي في نواكشوط. والأكثر من ذلك، بحسب بعض وسائل الإعلام الموريتانية، كشف هذا المبعوث للغزواني اسم الأمين العام المقبل لاتحاد المغرب العربي، وهو دبلوماسي تونسي، ويطلب من موريتانيا دعمه بهدف خلافة التونسي الآخر، الطيب البكوش، الذي انتهت صلاحياته منذ فترة.
يبقى الآن أن نرى كيف سيكون رد فعل السلطات الليبية عندما تعلم بهذا الاعتراف من قبل البوق الإعلامي للطغمة العسكرية الجزائرية، التي كتبت أن «تبون لم يخف يوما نواياه عندما يتعلق الأمر بالتعاون و التبادلات السياسية والاقتصادية في إطار إعداد خارطة الطريق الثلاثية». بعبارة أخرى، يريد تبون خلق إطار مغاربي بدون المغرب، لأنه، كما تبرر وكالة الأنباء الجزائرية، «كل الدول الإفريقية منظمة اليوم في إطار مجموعات إقليمية، باستثناء شمال إفريقيا، وذلك بسبب المغرب الذي فضل تحالفات مع الكيان الصهيوني ومحاولة الانتماء لهياكل تنظيمية أخرى بالمشرق».
لكن، في 30 مارس الماضي، أعلن تبون، خلال مقابلة مع وسائل الإعلام العمومية، أنه «بسبب الفراغ الحالي»، يريد «تنظيم لقاءات مغاربية، دون استبعاد أي طرف»، موضحا أن «هذا الكيان ليس موجها ضد أي دولة أخرى (المغرب) والباب مفتوح أمام بلدان أخرى في المنطقة».
ويوم الخميس 25 أبريل، أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف من جانبه، خلال لقاء مع وسائل الإعلام الجزائرية، أن القمة الثلاثية في تونس ليست بديلا عن اتحاد المغرب العربي. وأوضح بدوره أن اللقاء التشاوري بتونس «ليس موجها ضد أي طرف» وأن «الباب يبقى مفتوحا للجميع إذا توفرت النية والإرادة السياسية»، مؤكدا أن اتحاد المغرب العربي يبقى دائما «مشروعا وهدفا تاريخيا».
ومع ذلك، فإن هذا الخطاب المعسول الذي ألقاه الرئيس الجزائري ورئيس دبلوماسيته حول كيان مغاربي لا يقصي أي طرف لم يعد يخدع أحدا، لأنه تم نقضه اليوم من خلال اللغة الحربية التي اعتمدتها وكالة الأنباء الجزائرية والتي تختم، على طريقتها الدعائية المعتادة، أن «التحالف الذي نشأ في قرطاج جدير بكونه بديلا إقليميا استباقيا سيفرض نفسه بمرور الوقت كشريك موثوق ومسؤول تجاه الكيانات الشريكة الأخرى».
إن ولادة قرطاج تتمتع بالفعل بميزة كونها بديلا إقليميا استباقيا سيثبت نفسه بمرور الوقت كمحاور موثوق ومسؤول تجاه الكيانات الشريكة الأخرى. بل إن وكالة الأنباء الجزائرية تطلب من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي الاعتراف بهذا اللقيط المولود من زواج غير طبيعي بين رئيس غير شرعي، عبد المجيد تبون، ورئيس خاضع وتابع للجزائر، قيس سعيد.