الصحراء: أنطونيو غوتيريس يسلط الضوء على نجاحات المغرب ويحمّل الجزائر المسؤولية ويدين استفزازات البوليساريو

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي

في 04/10/2024 على الساعة 11:08

في تقريره لعام 2024 حول الصحراء، الذي قدمه قبل التصويت المرتقب لمجلس الأمن على قرار جديد بشأن الملف، أبرز الأمين العام للأمم المتحدة النجاحات الدبلوماسية الأخيرة للمغرب، لا سيما بعد التغير الكبير في موقف فرنسا. كما أشار مرة أخرى إلى الجزائر باعتبارها طرفا في النزاع وأعرب عن أسفه لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، وكذلك لعدم تمكن بعثة المينورسو من العمل هناك. تحليل.

ستة عشر: هذا هو عدد المرات التي ذكر فيها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الجزائر في تقريره الأخير حول الوضع في الصحراء، الذي يسبق التصويت المتوقع لمجلس الأمن في نهاية شهر أكتوبر الجاري، والذي سيتمخض عن قرار جديد.

بالنسبة لدولة تزعم أنها غير معنية بالنزاع، بينما تدعم وتمول وتسلح وتمثل البوليساريو، فإن هذا العدد كبير. ويؤكد، إذا كانت هناك حاجة إلى تأكيد آخر، أن الجزائر هي الفاعل الرئيسي في هذا الملف وأن عليها تحمل مسؤولياتها بدلا من تأجيج الصراع من بعيد وعرقلة أي آفاق للحل.

في هذا التقرير، الذي حصل موقع Le360 على نسخة من آخر صيغة له، المؤرخة في فاتح أكتوبر، يبدأ أنطونيو غوتيريس بالإشارة إلى التوترات « المنخفضة الحدة » المستمرة على طول الجدار الدفاعي وغياب التقدم في العملية السياسية لحل النزاع.

نجاحات المغرب الموثقة

في غضون ذلك، يسرد غوتيريس أن المغرب يواصل تحقيق النجاح، سواء على الصعيد الدبلوماسي أو التنموي. ويستذكر خطاب الملك محمد السادس، الذي ألقاه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في 6 نونبر الماضي، حيث شارك الملك رؤيته لساحل الأطلسي باعتباره بوابة للتجارة بين إفريقيا والأمريكيتين، مما يسهل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

كما يسلط الأمين العام للأمم المتحدة الضوء على الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس في 9 يوليوز، والتي نُشرت في 30 من الشهر نفسه. أكدت فرنسا في هذه الرسالة أن « الحاضر والمستقبل للصحراء الغربية يقعان ضمن إطار السيادة المغربية ». وأعاد ماكرون التأكيد على أن هذا المخطط « هو الإطار الذي يجب أن تُحل في إطاره هذه القضية »، مشيرا إلى أن دعم بلاده « لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007 واضح وثابت »، وأكد أن هذه الخطة « تُعد الآن الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومُتفاوض عليه، وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي ».

وأشار أنطونيو غوتيريس أيضا إلى افتتاح قنصلية عامة لتشاد في الداخلة في 14 غشت، وهي البعثة الدبلوماسية الـ29 في الأقاليم الجنوبية، وأوضح أنه على الرغم من المبادرات المغربية في تطوير البنية التحتية ومشاريع الطاقة المتجددة، لم تقدم لا جبهة البوليساريو ولا الجزائر أية ردود عملية. فكل ما قُدم كان احتجاجات عقيمة ضد مشاريع تساهم في تحويل ما كان يُعتبر منطقة نزاع إلى حل يساعد على فك عزلة دول الساحل وخلق ممر بحري بين غرب إفريقيا والقارة الأمريكية.

« خلال الفترة المشمولة بالتقرير، واصل المغرب تكثيف تطوير البنية التحتية، ومشاريع الطاقة المتجددة، والأنشطة التجارية غرب الجدار. وفي 29 يوليوز، تم تدشين جسر رئيسي جديد، جسر وادي الساقية الحمراء »، يقول الأمين العام، الذي يستطرد مضيفا: « باستثناء الاحتجاجات والصيحات التي تصدر هنا وهناك، لم تصدر أية مبادرة أخرى سواء من جبهة البوليساريو أو من الجزائر. »

دعوة الجزائر مجددا للمشاركة في المفاوضات

أشار غوتيريس إلى أن الجزائر استضافت « احتفالات الذكرى الـ51 لتأسيس جبهة البوليساريو » في 10 ماي، وأدانت موقف فرنسا من خلال سحب سفيرها من باريس. كما أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف على « حق تقرير المصير » خلال لقائه مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في 27 فبراير 2024، وهو مطلب لا يتعارض مع خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب. ومع ذلك، تستمر الجزائر، التي تعلن « حيادها » في هذا النزاع، في التصرف بشكل متزايد كطرف فاعل في الملف. فهي تقسم بأغلظ الأيمان أمام المبعوث الأممي نفسه بأنها لن تسعى إلى التصعيد ضد المغرب، بينما تثبت الوقائع عكس ذلك تماما.

كل هذا دون مراعاة إصرار الأمم المتحدة على تذكير الجزائر بمسؤولياتها، مؤكدة على ضرورة مشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجزائر، في عملية المفاوضات. ويقول أنطونيو غوتيريس: « أذكّر أيضا بعقد مشاورات ثنائية غير رسمية وبناءة مع المغرب، وجبهة البوليساريو، والجزائر، وموريتانيا، وأعضاء مجموعة الأصدقاء تحت رعاية مبعوثي الشخصي في نيويورك، في مارس 2023، وهو إطار إضافي للبناء عليه وقد رحب به مجلس الأمن بشدة في قراره رقم 2703 (2023). » لكن الجزائر ترفض بشكل قاطع المشاركة في هذه المفاوضات وترفض جميع قرارات مجلس الأمن التي تلزمها بذلك. ومع ذلك، فإن « التزام جميع الأطراف المعنية بالنزاع » هو الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى بداية حل، حسب ما يؤكده الأمين العام للأمم المتحدة.

ويضيف المسؤول الأممي قائلا: « أعرب عن أسفي لعدم التوصل إلى حل ملموس لتحسين العلاقات بين الجزائر والمغرب. أشجعهما على إعادة فتح حوار لإصلاح علاقاتهم وتجديد الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات الإقليمية، لا سيما بهدف خلق بيئة ملائمة للسلام والأمن. »

ومع تزايد الأعمال العدائية من الجزائر ضد المملكة، وآخرها فرض التأشيرات على المواطنين المغاربة كعلامة « كرم » أخيرة، فإن الأمر لن يكون سهلا.

البوليساريو: دعوات إلى حمل السلاح و «إطلاق نار متقطع»

النهج العدائي للجزائر ينعكس بطبيعة الحال في تصرف وكيلها، جبهة البوليساريو. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الصدد إلى الدعوة التي أطلقها زعيم الميليشيا الانفصالية، إبراهيم غالي، في 10 ماي الماضي لـ«تكثيف وتعزيز الكفاح المسلح». ولا تسهم «طلقات النار المتقطعة» التي تنفذها الجبهة من قواعدها في تندوف، والتي أوردها غوتيريس في تقريره، في تهدئة الأوضاع.

التقرير أشار إلى عدة حوادث، منها إطلاق صواريخ على مناطق مدنية في السمارة في أكتوبر ونوفمبر 2023، مما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين. وجاء في التقرير على سبيل المثال: «في 29 أكتوبر 2023، أصابت إطلاقات نار منطقة مدنية في مدينة السمارة، على بُعد حوالي 2.5 كيلومتر من موقع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، مما أسفر عن مقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين، بينهم قاصر».

وخلص تحقيق المينورسو إلى أن أربعة صواريخ عالية الانفجار من عيار 122 ملم تم إطلاقها من مسافة حوالي 40 كيلومترا شرق الجدار.

وفي 5 نونبر، وقع حادث آخر في السمارة، حيث تم إطلاق صاروخين سقطا في مناطق مدنية على بُعد أربعة كيلومترات من مطار السمارة، دون أن يتسبب ذلك في وقوع ضحايا لحسن الحظ. وفي ليلة 24 و25 دجنبر، سقطت سبعة صواريخ على الأرض على مسافة تتراوح بين 990 مترا و2.7 كيلومتر من موقع فريق المينورسو في أوسرد، مما يُظهر «النوايا العدائية المستمرة من الطرف المخالف».

حواجز البوليساريو تعرقل بعثة المينورسو

على أرض الواقع، تواصل الميليشيا الانفصالية تحدي الأمم المتحدة وعرقلة عمل هيئاتها ومنظماتها. وجاء في التقرير: « لم يتمكن قائد قوات بعثة المينورسو حتى الآن من إقامة اتصال مباشر مع قادة جبهة البوليساريو، واستمرت جميع الاتصالات عبر المراسلات المكتوبة ». كما تستمر الجبهة في تخريب مهمة الأمم المتحدة.

وأضاف التقرير: « نحث جبهة البوليساريو على إزالة جميع القيود المتبقية على حرية حركة بعثة المينورسو، بما في ذلك الرحلات الاستطلاعية بطائرات الهليكوبتر، واستئناف الاتصالات المنتظمة مع قيادات المينورسو، سواء المدنية أو العسكرية، في رابوني، وفقا لما تم الاتفاق عليه ».

كما أشار أنطونيو غوتيريس إلى الاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، المتعلقة بالقيود الشديدة على الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الحركة والتجمع والتعبير والتجارة، وكذلك عدم الوصول إلى العدالة. أما المغرب، وعلى الرغم من الاتهامات التي تروجها جبهة البوليساريو والانفصاليون في الداخل، فإنه يواصل التعاون في هذا الملف مع الأمم المتحدة، ويقوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) بمراقبة الوضع عن كثب.

تمديد متوقع لبعثة المينورسو

وعلى صعيد آخر، فإن المغرب ملتزم بـ »دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي لإحياء عملية المفاوضات، بهدف التوصل إلى حل سياسي قائم على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وبما يضمن الاحترام الكامل للوحدة الترابية والسيادة الوطنية » للمملكة، وفق ما ذكره المسؤول الأممي. أما البوليساريو، المدعوم من الجزائر، فيستمر في تكرار مطالبه بالاستقلال.

وانطلاقا مما يتضح أنه وضع قائم، يوصي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بتمديد ولاية بعثة المينورسو، التي تكلف حوالي 70 مليون دولار سنويا، لمدة عام إضافي حتى 31 أكتوبر 2025.

ويُعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة على أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار في نهاية شهر أكتوبر. الجديد هذا العام هو أن الجزائر تشغل مقعدا في مجلس الأمن كعضو غير دائم، مما يضعها في موقف بالغ الحرج، أولا لأن الجميع يعلم دورها كطرف في النزاع، وثانيا لأن تطورات القضية أصبحت لا يمكن إيقافها، وقرار عام 2024 لن يختلف عن قرارات 2021 و2022، التي رفضها النظام الجزائري عبر بيانات رسمية. في يوم التصويت على القرار، ستظهر ملامح التوتر على ممثل النظام الجزائري، مما سيكشف زيف القناع الذي يرتديه، والذي لم يعد يخدع المجتمع الدولي.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 04/10/2024 على الساعة 11:08