عزلة غير مسبوقة للجزائر: مالي والنيجر وبوركينا فاسو تستدعي سفراءها

عاصمي جويتا رئيس مالي، وإبراهيم تراوري رئيس المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو، وعبد الرحمن تياني رئيس النيجر

في 07/04/2025 على الساعة 13:00

في يوم الأحد 6 أبريل، أعلنت مالي وحليفتاها في « تحالف دول الساحل » (AES)، وهما النيجر وبوركينا فاسو، في بيان مشترك، استدعاء سفرائهم الثلاثة لدى الجزائر. ويأتي هذا القرار عقب تحقيق أثبت أن الطائرة المسيّرة المالية التي أسقطها النظام الجزائري الأسبوع الماضي كانت داخل الأراضي المالية، وهو فعل وصف بأنه « عدائي » و« متعمد ». وبحسب السلطات المالية، فإن « النظام الجزائري يرعى الإرهاب الدولي ». ومن الممكن القول إنه يفعل ذلك غربا وجنوبا وشرقا.

ما إن تهدأ أزمة جزائرية حتى تندلع ثلاث أزمات أخرى، في مشهد يكشف عجز الجزائر عن حل مشكلة دون التسبب في مشكلات أخرى، غارقة في دوامة من الأزمات التي خلقتها بنفسها.

وفي الوقت ذاته الذي كان فيه وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، يغادر الجزائر بعد أن أعلن عن « عودة إلى الوضع الطبيعي » في العلاقات بين فرنسا والجزائر، أعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو عن استدعاء سفرائهم لدى الجزائر.

وجاء في البيان المشترك مساء الأحد أن « مجلس رؤساء دول تحالف الساحل (AES) قرر استدعاء سفراء الدول الأعضاء المعتمدين في الجزائر للتشاور ».

ضربة دبلوماسية جديدة تعمق عزلة الجزائر

هذه التطورات جاءت بعد أسبوع فقط من إعلان وزارة الدفاع الجزائرية، بطريقة وصفت بالمتعجرفة، عن إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي، زاعمة أنها اخترقت المجال الجوي الجزائري.

لكن، وفق تحقيقات السلطات المالية، فإن « حطام الطائرة تم تحديد موقعه في منطقة تقع على بعد 9.5 كيلومترات جنوب الخط الحدودي بين البلدين »، مما يعني أن الطائرة لم تخترق المجال الجوي الجزائري مطلقًا. وأوضحت السلطات المالية أن « المسافة بين نقطة فقدان الاتصال مع الطائرة وموقع الحطام تبلغ 441 مترًا، وهما نقطتان تقعان داخل الأراضي المالية »، ما يشير إلى أن إسقاط الطائرة « تم بشكل عمودي »، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بعمل عدائي ناجم عن إطلاق صواريخ أرض-جو أو جو-جو.

واعتبرت مالي أن استخدام هذه الصواريخ دليل على أن الجزائر أسقطت الطائرة لحماية الانفصاليين والإرهابيين الماليين الذين تستضيفهم على أراضيها.

الجزائر متهمة بالتواطؤ مع الإرهابيين

وفي بيان تلاه على التلفزيون الرسمي اللواء عبد الله مايغا، الناطق باسم الحكومة المالية ووزير الإدارة الإقليمية، اتهمت السلطات الجزائر برفض التعاون مع المحققين الماليين، والرد بـ »صمت مدان » على طلبات تقديم أدلة تثبت مزاعم اختراق الطائرة للمجال الجوي الجزائري.

وعلى النقيض، قدمت مالي إحداثيات دقيقة لموقع فقدان الاتصال مع الطائرة وحطامها. ومع تأكيد هذا الانتهاك المتعمد لسيادة مالي، خلصت باماكو إلى وجود « تواطؤ » من النظام الجزائري مع الإرهابيين الناشطين في شمال مالي.

وأكد اللواء مايغا أن الطائرة كانت في مهمة استطلاع لمراقبة مجموعة إرهابية كانت تخطط لهجوم على الجيش المالي، لذا فإن إسقاط الطائرة يعد « عملاً عدائيًا » ضد مالي، منددةً بـ »العمل العدائي وغير الودي والمتعجرف للسلطات الجزائرية ».

وأضاف المتحدث باسم الحكومة أن « هذا التصرف يثبت، إن لزم الأمر، أن النظام الجزائري يرعى الإرهاب الدولي، إذ أن إسقاط الطائرة هدفه أو نتيجته المباشرة هو منع القضاء على جماعات مسلحة أعلنت مسؤوليتها عن هجمات إرهابية ».

مالي ترد على ادعاءات الجزائر

ويُكذب هذا البيان الرسمي ما أعلنته وزارة الدفاع الجزائرية الثلاثاء الماضي، والتي زعمت أن الطائرة أُسقطت « فوق تين زاواتين بعد أن اخترقت المجال الجوي الجزائري لمسافة كيلومترين »، وهي رواية وصفتها مالي بـ« العبثية »، متسائلة كيف انتهى حطام الطائرة على بعد 9.5 كيلومترات داخل مالي إذا كانت قد اخترقت المجال الجوي الجزائري لمسافة كيلومترين فقط.

وخلص المحققون الماليون إلى أن الطائرة « أُسقطت بفعل عدائي متعمد من قبل النظام الجزائري »، وهو ما أكدته مواقف النيجر وبوركينا فاسو، اللتين لم تترددا في التعبير عن تضامنهما مع مالي.

الرؤساء الثلاثة: عمل عدائي واستفزازي

وفي بيان صدر الأحد في باماكو ووقعه الرئيس المالي أسيمي غويتا، رئيس تحالف AES، أدان التحالف إسقاط الطائرة المالية واعتبره « عدوانًا يستهدف جميع أعضاء التحالف، ومنهجية خبيثة لتعزيز الإرهاب والمساهمة في زعزعة استقرار المنطقة ».

وفي بيان مشترك تلاه وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب على التلفزيون الرسمي، أكد رؤساء دول الساحل أن النظام الجزائري يدعم الإرهاب، لأنه من خلال إسقاط الطائرة في ذلك الوقت والمكان، « منع القضاء على مجموعة إرهابية كانت تستعد لتنفيذ أعمال ضد التحالف ». وقرر القادة الثلاثة « استدعاء سفراء الدول الأعضاء المعتمدين في الجزائر للتشاور ».


مالي تتخذ إجراءات إضافية ضد الجزائر

بالإضافة إلى استدعاء السفراء، اتخذت مالي ثلاثة إجراءات ضد « النظام الجزائري، المصدّر للإرهاب »: استدعاء السفير الجزائري في باماكو للاحتجاج، الانسحاب الفوري من لجنة الأركان المشتركة التي كانت تضم الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (كيان وصف بـ »الهيكل الفارغ »)، وتقديم « شكوى إلى الهيئات الدولية ضد النظام الجزائري بتهمة الاعتداء ».

وتكشف هذه الخطوات عن انعدام الثقة في الدبلوماسية الجزائرية من قبل عدة دول.

الجزائر تسعى لعزل مالي.. فتنقلب عليها الأمور

في إطار استراتيجية لعزل مالي، أرسل النظام الجزائري، قبيل شهر رمضان، ثلاث طائرات عسكرية محملة بالمساعدات الإنسانية إلى النيجر، ضمن سلسلة من التحركات المحسوبة.

وفي 12 يناير، أرسلت الجزائر 106 أطنان من المواد الغذائية إلى بوركينا فاسو، أيضا بهدف عزل مالي، التي كانت « جريمتها الوحيدة » إلغاء « اتفاق الجزائر » لتفادي التدخل الجزائري في شؤونها الداخلية.

وفي عيد الفطر، يوم 31 مارس، استفز عبد المجيد تبون مالي من خلال استقبال الإمام والمعارض المالي محمود ديكو في المسجد الكبير بالجزائر.

نظام الجزائر... عامل زعزعة في شمال إفريقيا والساحل

يتعرض النظام الجزائري لانتقادات واسعة كعنصر زعزعة للاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تعاني جميع الدول المجاورة من علاقات متوترة أو صراعات مفتوحة معه، باستثناء تونس الخاضعة له.

لقد بات هذا النظام بمثابة « ورم سرطاني » يضعف المنطقة ويمنع شعوبها من التقدم والازدهار. وأصبح من الضروري العمل على القضاء عليه.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 07/04/2025 على الساعة 13:00

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800