فضيحة دبلوماسية: دبلوماسيون جزائريون متورطون في مخطط إرهابي لتصفية معارض فوق التراب الفرنسي

L'opposant algérien Amir DZ.

أمير بوخرص الملقب بأمير ديزاد، المعارض الجزائري اللاجئ في فرنسا

في 12/04/2025 على الساعة 12:22

في تطور قضائي خطير ينذر بتفجير أزمة دبلوماسية جديدة بين فرنسا والجزائر، وجّهت النيابة العامة الفرنسية اتهامات ثقيلة إلى ثلاثة أشخاص، أحدهم يعمل في قنصلية جزائرية بفرنسا، تتعلق باختطاف المعارض الجزائري المقيم في باريس أمير بوخرص، المعروف بلقب «أمير ديزاد»، في قضية وصفتها مصادر فرنسية بـ«القضية الحساسة ذات الطابع الإرهابي والدولي».

أعلنت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب، يوم الجمعة 11 أبريل، عن توجيه تهم ثقيلة إلى ثلاثة أشخاص، أحدهم يعمل داخل القنصلية الجزائرية بفرنسا، على خلفية تورطهم في اختطاف واحتجاز المعارض ديزاد نهاية أبريل 2024، في عملية وصفتها مصادر قضائية بـ »ذات الصلة بمخطط إرهابي ».

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن المتهمين يخضعون لتحقيقات رسمية بتهم «التوقيف والخطف والاحتجاز التعسفي والمشاركة في تنظيم إرهابي إجرامي». وقد أمرت قاضية مختصة بإيداعهم الحبس الاحتياطي، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الموسعة.

وذكرت الوكالة نقلا عن مصادرها أن «مسألة الحصانة الدبلوماسية ستُطرح خلال الإجراءات، بالنظر إلى صفة أحد المتهمين».

واشتهر ديزاد، 42 عاما، بمقاطع فيديو ومشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد من خلالها السلطات الجزائرية والفساد الذي يقوض النظام العسكري، وهو السبب الذي سمح له بالحصول على وضع لاجئ في فرنسا. ورفضت السلطات الفرنسة عدة مرات تسلميه للجزائر بناء على مذكرات اعتقال صادرة عن الدولة الجزائرية.

تفاصيل عملية الاختطاف ومحاولة الاغتيال

وفقا لما نشرته صحيفة لوباريزيان، فإن العملية تمت مساء 29 أبريل 2024، عندما اقترب رجلان من بوخرص وادعيا أنهما من رجال الشرطة الفرنسية، وأبلغاه بأنه سيُنقل إلى أمستردام للقاء مسؤول جزائري.

وبعد تخديره، وُجد المعارض في غابة نائية، حيث تبيّن أنه نجا من محاولة اغتيال، بعد فشل الخطة « لأسباب مالية وفنية»، وفقا للصحيفة.

وأشارت التحقيقات إلى أن أحد المتورطين الأربعة كان على اتصال مباشر مع مسؤول في القنصلية الجزائرية، يُعتقد أنه ضابط في جهاز الاستخبارات، ويُشتبه في أنه العقل المدبر للعمليات الانتقامية ضد المعارضين الجزائريين في الخارج، بتنفيذ مباشر على الأراضي الفرنسية.

اختراق أمني وتواطؤ داخل مؤسسات فرنسية

يبدو أن هذه ليست أول محاولة للمساس بأمن هذا المعارض الجزائري، إذ أكد محاميه، إريك بلوفييه، أن موكله تعرض لاعتداءين سابقين سنة 2022، وأعاد فتح ملفهما لاحقا القضاء المختص في مكافحة الإرهاب.

واعتبر بلوفييه أن التحقيق القضائي الجديد «يكشف عن ضلوع دولة أجنبية، هي الجزائر، في تنفيذ أعمال عنف على الأراضي الفرنسية وتهديد حياة مواطن يتمتع بالحماية القانونية».

وفي سياق مواز، كشفت النيابة العامة الباريسية عن تورط موظف في وزارة الاقتصاد الفرنسية، تم توقيفه في ديسمبر 2024، بشبهة نقل معلومات حساسة تتعلق بمعارضين جزائريين، من بينهم أمير ديزاد، إلى شخص يحمل الجنسية الجزائرية يعمل في قنصلية الجزائر بكريتاي. وتبين لاحقا أن بعض هؤلاء الأشخاص تعرّضوا لأعمال عنف وتهديدات بالقتل أو لمحاولات اختطاف.

توتر دبلوماسي جديد يلوح في الأفق

وتأتي هذه التطورات في وقت تعرف فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا متصاعدا منذ أشهر، على خلفية ملفات الهجرة، وترحيل الجزائريين المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا، إضافة إلى قضية اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال في نوفمبر 2024 بتهم « الإرهاب »، وهو ما أثار غضبا في الأوساط الحقوقية والثقافية الفرنسية.

ولا يستبعد مراقبون أن تُفجّر هذه القضية أزمة جديدة بين البلدين، بالنظر إلى ما تحمله من أبعاد دبلوماسية وأمنية خطيرة، خصوصا مع اتهام دبلوماسيين جزائريين بالضلوع في مخطط اغتيال سياسي على الأراضي الفرنسية، في انتهاك صارخ للسيادة الفرنسية والقوانين الدولية.

ديزاد يتحدى الترهيب

موازاة مع تحقيق القضاء الفرنسي مع المتورطين في هاته القضية، كشف المعارض الجزائري أمير ديزاد عن استمرار الضغوط على عائلته داخل الجزائر، مشيرا في تدوينة نشرها عبر منصاته إلى اقتحام عناصر من المخابرات الجزائرية منزل والدته في وهران، واقتياد شقيقته إلى المحكمة العسكرية، حيث تعرضت، حسب قوله، لـ »التهديد والترهيب ».

وفي رسالة مؤثرة نشرها عبر منصاته، قال ديزاد متحديا أساليب الترهيب التي يمارسها ضده النظام الجزائري: « حتى وإن قتلتم والدتي، فإن كل الأمهات الجزائريات الحرائر هنّ أمهاتي... وستستمر المعركة ».

فضيحة نظام يصدّر القمع

تكشف هذه القضية الخطيرة، التي تمسّ سيادة دولة أوروبية وتكشف تورط دبلوماسيين في عمل إجرامي فوق أراضيها، عن إصرار النظام الجزائري الدكتاتوري على خنق الأصوات المعارضة في الخارج، بعدما ملأ سجونه في الداخل بالمعارضين والنشطاء والصحفيين. فبعد أن ضاقت به الانتقادات وفضائح الفساد، لم يعد يتورع عن تصدير قمعه خارج الحدود، حتى وإن اقتضى الأمر انتهاك سيادة دول أخرى والتورط في مخططات اغتيال وترويع.

إنها سياسة ترهيب عابرة للحدود، تؤكد أن النظام الجزائري لم يعد يميز بين الداخل والخارج في حربه المفتوحة على كل ما لا يوافق هواه...

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 12/04/2025 على الساعة 12:22

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800