الجزائر: إعادة انتخاب التسعيني صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة لولاية من ثلاث سنوات

صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري

صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري . DR

في 26/02/2022 على الساعة 18:21

صالح قوجيل، الرجل الذي يتعين أن يتولى الرئاسة خلال الفترة الانتقالية في حال اختفاء الرئيس تبون، أعيد انتخابه يوم 24 فبراير على رأس مجلس الأمة الجزائري... على الرغم من أنه يبلغ 91 عاما. "الجزائر الجديدة"، التي روج لها الثنائي تبون- شنقريحة تحكم من قبل شخصيات طاعنة في السن، في حين تهمش الشباب.

حكم الشيوخ هو الوصف الذي ينطبق تماما على النظام الجزائري. فمتوسط عمر القادة الذين يتولون مقاليد السلطة يتجاوز 80 عاما. بل إن هذا المتوسط ارتفع مع عودة العسكريين الذين كانوا نشطين خلال العقد الأسود إلى الواجهة: محمد مدين وخالد نزار وجبار مهنا. عقد أسود خلف 250 ألف قتيل بحسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

يوم الخميس 24 فبراير 2022، تمت إعادة انتخاب رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل، عمره 91 عاما، الذي فرض كمرشح وحيد، على رأس هذه المؤسسة لمدة ثلاث سنوات أخرى. فرغم أمراضه العديدة وتغيبه الدائم، هذه الولاية الجديدة لقوجيل تم فرضها من قبل كهول النظام الجزائري كعبد المجيد تبون (77 سنة)، الذي عينه ضمن الثلث الرئاسي، بأمر من المؤسسة العسكرية التي تحكم البلاد بالفعل. وكان رئيس أركان الجيش، الجنرال سعيد شنقريحة (76 سنة)، المعروف بنزعته القبلية، هو من أيد الإبقاء على صالح قوجيل، الذي هو من مواليد باتنة، وبالتالي من نفس المنطقة التي ينتمي إليها شنقريحة.

المثير للدهشة هو أنه بحسب الدستور الجزائري، فإن رئيس مجلس الأمة، أي صالح قوجيل هو الذي يتولى الرئاسة خلال الفترة الانتقالية في حال اختفاء الرئيس تبون. نتذكر أنه عندما أُجبر الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في 2019، كان عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة حينها، هو الذي تولى رئاسة الدولة الجزائرية.

ومن المؤكد أيضا أن الجنرال بن علي بن علي (89 سنة)، آخر مجاهد في الجيش، دعم قوجيل، الذي تولى أيضا منصب عضو في المجلس الذي شغله منذ 2013 بفضل صفته كمجاهد. وفضلا عن ذلك، فإن هذا الأمر هو الذي أجبر عبد العزيز بوتفليقة على تعيين قوجيل، على الرغم من دعم الأخير لميلود حمروش خلال الانتخابات الرئاسية عام 1999، قبل دعم ترشيح علي بن فليس في عام 2004، ضد بوتفليقة. من المؤكد أن هذه المواقف المناهضة لبوتفليقة هي التي أكسبته أيضا مباركة اثنين من الجنرالات المتقاعدين، لكنهما مازالا نشيطين للغاية داخل دوائر السلطة، أي محمد مدين المعروف باسم توفيق (82 سنة) وخالد نزار (84 سنة).

في نهاية المطاف، وبفضل تظافر مجموعة من الظروف غير المتوقعة، أصبح صالح قوجيل رئيسا مؤقتا لمجلس الأمة في عام 2019، عقب تعيين عبد القادر بن صالح رئيسا انتقاليا للدولة، على إثر عزل عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط التظاهرات الشعبية للحراك. بعد انتخاب عبد المجيد تبون، كان يتعين على الراحل بن صالح أن يعود إلى منصبه كرئيس لمجلس الأمة، لكن سعيد شنقريحة، الذي تم تعيينه في تلك الفترة رئيسا لأركان الجيش بعد الوفاة المفاجئة للجنرال أحمد قايد صالح، أجبره على الاستقالة يوم 4 يناير 2020 لكي يتولى قوجيل منصب رئيس مجلس الأمة.

ورأي بعض المراقبين أن التعيين الأخير دحو ولد قابلية (79 سنة) بمجلس الأمة هو محاولة "لتشبيب" رئاسة هذا المجلس، لكن وزير الداخلية السابق في حكومتي عبد المالك سلال وأحمد أويحيى سرعان ما اضطر لسحب ترشيحه لرئاسة الغرفة الثانية بالبرلمان الجزائري.

وعيا من صالح قوجيل بأن إعادة انتخابه تثير الاستياء نظرا لتقدم سنه، فإنه أكد أنه استعادة "القوة" للقيام بمهمته. وقال في كلمة أمام أعضاء مجلس الأمة: "ثقتكم المهمة، المدعومة بثقة الرئيس عبد المجيد تبون، تمنحني القوة للمهمة التي نحن مدعوون لإنجازها خدمة للجزائر".

يجب التذكير أن صالح قوجيل، الذي على ما يبدو لا يتوفر على أي دبلوم، لم يمارس أي منصب رسمي في عهد هواري بومدين، باستثناء رئيس دائرة في جبهة التحرير الوطني (الحزب الوحيد حينها) في عدة مدن بالبلاد (1963-1979).

في عهد الشاذلي بن جديد، أصبح قوجيل وزيرا للنقل، قبل أن يمر بفترة فراغ طويلة من 1986 إلى 2013، وهو العام الذي ورد اسمه في لائحة قدامى المحاربين في حرب التحرير الجزائرية ليتم تعيينه عضوا بمجلس الأمة من قبل عبد العزيز بوتفليقة، في إطار الثلث الرئاسي.

لا يكف أبدا عن الثناء على عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة، صالح قوجيل لا يفوت أيضا أية فرصة لمهاجمة الحراك، الذي طالب بوضعه في دار للمسنين، كما هو الحال بالنسبة لجميع الشيوخ المتحكمين في مقاليد السلطة في البلاد. كما أن هجماته ضد المغرب كثيرة. ففي نونبر الماضي، وصف المملكة بأنها دولة "عدوة" بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى الرباط.

إن بقاء قوجيل على رأس مجلس الأمة الجزائري يقدم دليلا آخر على التضامن الفعال الكهول على رأس النظام، لإبقاء الشباب الجزائري خارج دوائر السلطة. لا ينبغي توقع أي شيء من هذه "الجزائر الجديدة"، التي يقودها كبار السن الذين تعود أفكارهم إلى القرن الماضي. ولا ينبغي أن يتوقع منهم تقاسم السلطة مع الشباب الجزائري. الجنرال محمد قايدي، 60 سنة، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، أقيل من منصبه على الأرجح لأنه تجرأ على مخالفة رأي كبار السن من الرجال الذين يديرون الجزائر. لحسن الحظ أن الساعة البيولوجية موجودة لإعطاء الأمل لعهد جديد للجزائريين وللمنطقة برمتها.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 26/02/2022 على الساعة 18:21