حوار: خبير يكشف النقاب عن الطاقات المتجددة والأمن الطاقي المغربي

يتطلع المغرب إلى احتلال مركز متقدم في مجال إنتاج الطاقة

في 03/02/2024 على الساعة 19:00, تحديث بتاريخ 03/02/2024 على الساعة 19:00

حواريتطلع المغرب إلى احتلال مركز متقدم على الصعيد الدولي في ما يخص إنتاج الطاقة، وتحقيق أمنه الطاقي، والانتقال إلى مرحلة التصدير.

ومن شأن الطاقات المتجددة أن تشكل وسيلة للارتقاء، خصوصا أن الأرقام التي يجري الإعلان عنها من قبل المسؤولين المغاربة، ومن بينهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي سلط الضوء على تطلعات المغرب في هذا المجال، (من شأنها) أن تجعل التطلعات أكبر مما كانت عليه، خصوصا أن الأخصائيين المغاربة والدوليين يبعثون رسائل اطمئنان كثيرة.

ومن أجل إغناء الموضوع أكثر، أجرى موقع Le360 حوارا مع الأستاذ الجامعي عبد الصمد الملاوي، المختص في الطاقات المتجددة، الذي كشف الكثير من الجوانب التي تهم الأمن الطاقي المغربي.

كثر الحديث عن تطلع المغرب لاحتلال موقع متميز على الصعيد العالمي في ما يخص الطاقات المتجددة وبشكل خاص الهيدروجين الأخضر، والاستحواذ على حصة مهمة في السوق لواعدة التي تتبلور حاليًا لدعم تحول قطاع الطاقة عالميًا، فهل يتعلق الأمر بطموح أم محاولة تجسيد الإمكانات على أرض الواقع؟

بكل تأكيد يتعلق الأمر بمحاولة تجسيد الإمكانات على أرض الواقع، فالمغرب يتوفر على إمكانات كبيرة في مجال الطاقات المتجددة منها ما هو معروف ومستغل كالطاقة الشمسية والطاقة الريحية والطاقة الهيدروليكية المولدة من السدود (هذه الامكانات تفوق 1.3 تيراواط)، ومنها ما هو غير معروف لدى العموم ولم يتم استغلاله بالشكل الكافي كطاقة الامواج البحرية وطاقة « الكتلة الحيوية » وغيرها من الاشكال الطبيعية الاخرى.

ولعل الهيدروجين الأخضر هو شكل جديد من الطاقة المتجددة التي يمكن أن يتوفر عليها المغرب بشكل مهم نظرا لعدة أسباب موضوعية. ويسعى المغرب إلى الاستفادة من هذه الإمكانات لاحتلال موقع متميز على الصعيد العالمي في هذا المجال، وخصوصا أن المغرب يمتلك بالموازاة موارد طبيعية غنية اخرى، وموقعًا جغرافيًا مميزًا، وبنية تحتية متطورة وخصوصا في الربط الكهربائي الذي صار يقارب 100 في المائة بالعالم القروي، بالإضافة إلى كون المغرب سطر استراتيجية طاقية واضحة ومتميزة ترتكز على تنويع المصادر الطاقية لضمان الامن الطاقي الوطني وترتكز أيضا على إدماج الطاقات المتجددة في التنمية المستدامة مع نهج الحكومة لسياسات داعمة للقطاع من خلال تشجيع الاستثمار، وتوفير تحفيزات لذلك، وسن مجموعة من القوانين الموازية لذلك، كان آخرها القانون الذي ينص على الإنتاج الذاتي للكهرباء هو القانون رقم 82.21، الذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 يونيو 2023.

ويهدف هذا القانون إلى تنظيم نشاط الإنتاج الذاتي للكهرباء، بهدف تشجيع الأفراد والمستثمرين على إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة، وذلك لتعزيز أمن واستقرار الإمدادات الكهربائية، ودعم جهود التنمية المستدامة كما حرص المغرب على تطوير تعاون دولي قوي في مجالات الطاقة المتجددة.

قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في إطار قمة « إيطاليا-إفريقيا.. جسر للنمو المشترك »، إن المغرب أضحى رائدا في مجال الطاقة المتجددة على المستويين الإقليمي والقاري منذ أكثر من 15 عامًا فكيف يمكن توضيح ذلك للمواطن المغربي؟

بالفعل بفضل الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقات المتجددة احتل المغرب في السنوات الأخيرة مراتب مهمة قاريا ودوليا سواء تلك المتعلقة بجاذبية الاستثمارات في هذه المجالات أو أخرى خاصة بالأداء المناخي او بكون المغرب انجز أكبر محطة بالعالم لتوليد الكهرباء النظيفة للتكنولوجيات بمركب نور بورزازات. وبالفعل فقد احتل المغرب المرتبة الأولى في إفريقيا والثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث قدرة الطاقة المتجددة المركبة في عام 2022، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).

واحتل المغرب أيضا المرتبة 25 عالميًا في مؤشر الأداء المناخي لعام 2023، الصادر عن منظمة جرينبيس. إذ حقق أعلى أداء في مؤشر الأداء المناخي بين الدول العربية والإفريقية. كما أشاد تقرير مؤشر الأداء المناخي بالتقدم الذي أحرزه المغرب في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

وكان المغرب قد احتل المرتبة الثالثة في إفريقيا من حيث جاذبية الاستثمارات في الطاقات المتجددة في عام 2022، وفقًا لتقرير صادر عن مؤشر جاذبية الاستثمار في الطاقة المتجددة (RECAI). كما فاز المغرب في عام 2022، بجائزة « أفضل وجهة للاستثمار في الطاقة المتجددة في إفريقيا » من قبل مجلة « أفريكان انيرجي ».

وجرى اختياره سنة 2023، من طرف مجلة « غلوبال إنيرجي » أفضل دولة في إفريقيا في مجال الطاقة المتجددة. وفي سنة 2023، صنفت مجلة « فوربس » المغرب من بين أفضل 10 دول في العالم للاستثمار في الطاقة المتجددة.

علاقة بسؤالكم، قد لا يعي المواطن المغربي العادي، أهمية هذه المشاريع، لكنه يمكن ان يحس عبر الفوائد المترتبة عنها وخصوصا خفض فاتورة الطاقة الكهربائية التي لم تتأثر كثيرا، بتقلبات السوق الدولية للمصادر الأحفورية التي كانت المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء. فبكل تأكيد بفعل المشاريع الوطنية للطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء التي قاربت اليوم 40 في المائة من الاحتياجات الوطنية، تم خفض الفاتورة الطاقة للمواطنين المغاربة. ولولا هذه المشاريع لكانت الفاتورة أكبر. وخصوصا ان سعر الكهرباء المولدة من المصادر الشمسية تقارب نصف درهم للكيلواط حوالي ثلث درهم من المصادر الربحية وذلك حسب من الدراسات الأكيدة.

كما ان موضوع خلق فرص العمل في قطاع الطاقات المتجددة وخاصة في مجالات التصنيع والتركيب والصيانة، يعتبر من الايجابيات المباشرة على المواطن المغربي الذي صار يعي أهمية هذا القطاع من خلال عدد المقاولات والشركات التي تعنى بهذا المجال إضافة إلى اهتمام فئة مهمة من الطلبة والدارسين والمكونين في مجالات ترتبط الطاقات المتجددة ».

إلى أي حد يمكن أن يسهم تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، وتنفيذ مبادرة أنبوب الغاز المغربي النيجيري في تعزيز الأمن الطاقي لغرب إفريقيا والاتحاد الأوروبي؟

يمكن أن يسهم تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، وتنفيذ مبادرة أنبوب الغاز المغربي النيجيري، في تعزيز الأمن الطاقي لغرب إفريقيا والاتحاد الأوروبي كالآتي:

بالنسبة الهيدروجين الاخضر فهو مصدر جديد للطاقة النظيفة بالنسبة للمغرب الذي سطر في استراتيجيته للطاقات المتجددة تنويع المصادر. وكان المغرب قد سطر أنه بحلول 2030 يجب أن ينتج كهرباء نظيفة من مصادر متجددة بحوالي 52 في المائة، واليوم أي على بعد اقل من 7 سنوات مازلنا في حدود 40 في المائة أو أقل، مما يجعل الهيدروجين الاخضر من بين البدائل لبلوغ الأهداف المسطرة. وبالمناسبة فالهيدروجين الاخضر يسمى بالأخضر لان إنتاجه واستخدامه لا ينتج الغازات الاحتباسية كثاني أوكسيد الكربون. فهو ينتج بالتحليل الكهربائي للماء عن طريق الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة ويستعمل أيضا المياه التي تخضع للتحلية عن طريق الطاقة المتجددة، ولا ينتج عند احتراقه الا الماء.

ويمكن تخزين الطاقة الكهربائية في الهيدروجين الاخضر كوسيلة للتخزين الفعالة عوض البطاريات الكهربائية المكلفة وغير العملية احيانا. كما يمكن استخدام الهيدروجين الاخضر في انتاج الامونيا الخضراء مشكل اخر للتخزين الطاقة، وذلك بدمج الهيدروجين دورات الازوت المتواجد بكميات كبيرة بالهواء بحوالي 80 في المائة. وعند احتراق الامونيا الخضراء لا تنتج إلا الماء والازوت أو ما يسمى النيتروجين الصديق للبيئة. وهنا نشير إلى أن الامونيا الخضراء هي أكثر فعالية للتخزين لأنها تبرد في درجات حرارة أقل بكثير من تلك المتعلقة لتبريد الهيدروجين الأخضر وأكثر أمان في مرحلة التخزين، ويمكنها أن تستغل في صنع الأسمدة الفلاحية مما يعطيها أهمية أخرى إلى جانب الأهمية الطاقية.

وعلى اعتبار ان المغرب يتوفر على بنية تحتية للمشاريع المتعلقة بالطاقات المتجددة الضرورية لإنتاج الهيدروجين الاخضر (أكثر من 120 مشروع مهم)، ويتوفر أيضا على سواحل كبيرة تمكن من استعمال محطات لتحلية ماء البحر الضروري التحليل الكهربائي وكذلك من أجل إنشاء محطات انتاج وتخزين ونقل هذا الهيدروجين الأخضر لأن التخزين والنقل البحريين هما الأكثر امانا واقل تكلفة، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي للمغرب من الممرات البحرية الدولية للتجارة العالمية مما يعطيه هذه المكانة المهمة لإنتاج واستخدام وتصدير هذه المادة المهمة، التي تشير التقارير الأخيرة وخصوصا تلك الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن المغرب يمكن أن يستحوذ على حوالي 4 في المائة أو أكثر من الهيدروجين الأخضر العالمي، لذلك يجد المغرب نفسه في محور التسابق الدولي للاستثمار والتعاون في هذا المجال لضمان الأمن الطاقي والأمن الغذائي فيما يخص الامونيا الخضراء، وخصوصا بالنسبة لدول من القارة الإفريقية وكذلك دول الاتحاد الاوروبي في ظل القوانين البيئية والمناخية الجديدة التي سنها الاتحاد الأوروبي، أو ما يسمى حزمة فيت فور 55 « 55 fit for » التي بموجبها صار الاتحاد الأوروبي ملزما باستعمال الطاقات النظيفة في جميع الاستعمالات الصناعية والفلاحية وغيرها، والذي صارت تفرض ضرائب قاسية على المنتجات المصنعة او التي تباع بالاتحاد الأوروبي ولا تحترم البيئة والمناخ، لذلك برز دور المغرب في لعب دور مهم للأمن الطاقي الوطني والأوروبي بإمكانية تصدير الطاقة الخضراء لأوروبا وهو ما لمسناه في العديد من المشاريع ذات الصلة كمشروع آمون، ومشروع الربط القارئ الكهربائي بين المغرب وبريطانيا ومشاريع مهمة اخرى.

وسيساعد كذلك، تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر على تنويع مصادر الطاقة في غرب إفريقيا مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري المساهمة في بلوغ الحياد الكربوني الذي تنشده معظم الدول في أفق 2050 وخصوصا المغرب والاتحاد الاوروبي.

فيما يخص تنفيذ مبادرة أنبوب الغاز المغربي النيجيري فإنه سيعزز الأمن الطاقي الوطني كما سيزيد التعاون المغربي الافريقي في إطار شراكة رابح رابح التي سطرها المغرب وخصوصا مع دول القارة الإفريقية وسيزيد أيضا في تعزيز التعاون الإقليمي بين دول غرب إفريقيا والاتحاد الأوروبي، حيث سيوفر مصدرًا جديدًا للطاقة لكلا الجانبين، وخصوصا الغاز الطبيعي الذي يعتبر أقل الوقت من باقي المصادر الأحفورية الاخرى كالفحم الحجري والنفط، مما سيعزز هذا المشروع الانتقال الطاقي للدول الشريكة فيه ويساير التوجه الاخضر للدول المعنية. ومثل هذه المشاريع الكبيرة والاستراتيجية ستعزز بلا شك دور المملكة من الناحية الاقتصادية والجيواستراتيجية سواء في القارة الأفريقية أو لدى الاتحاد الأوروبي ».

هل ترون أن المراهنة على تخزين الهدروجين الأخضر في الموانئ المغربية قصد التصدير أيسر حل؟

« رغم أن عملية تخزين الهيدروجين الاخضر بالموانئ المغربية ليست سهلة وتواجهها عدة تحديات، لأنها تتطلب مجموعة من التقنيات والمنشآت والبنيات التحتية المؤهلة المتعلقة لإنتاج هذه المادة مثل توفير الماء المحلى الضروري والمراقب، نقل الكهرباء الخضراء، إنشاء محطات التحليل الكهربائي وكذلك تلك المرتبطة بالتفصيل والضغط تم التخزين. ومع ذلك، فإن المغرب لديه العزيمة والتعاون الدولي مع الدول التي تمتلك الخبرات الضرورية لإنشاء محطات عملية لنقل التكنولوجية إلى المغرب لأنه يراهن على إنتاج الهيدروجين الأخضر مستقبلا وبكميات مهمة، وذلك انطلاق من حجم المشاريع والشركات المستقبلية في هذا المجال، ويمكن أن يصبح المغرب مركزًا إقليميًا لتخزين وتصدير الهيدروجين الأخضر في المستقبل.

كيف يمكن استغلال الطاقة الشمسية أكثر فأكثر؟

يمكن استغلال الطاقة الشمسية أكثر فأكثر من خلال:

- زيادة الاستثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية، سواء من قبل القطاع العام أو الخاص.

- تطوير تقنيات جديدة لتخزين الطاقة الشمسية، مما يسمح بتخزين الطاقة الشمسية الزائدة خلال النهار واستخدامها في الليل أو خلال فترات الطلب المرتفع.

- رفع مستوى الوعي بأهمية الطاقة الشمسي بين المواطنين والمؤسسات، وتشجيعهم على استخدام الطاقة الشمسية في المنازل والمؤسسات.

- دعم الابتكار والبحث العلمي في مجالات الطاقة الكهروضوئية والكهروحرارية.

- استغلال أكثر لطاقة امواج البحر، حيث ينفرد المغرب بسواحل لها طاقة مهمة جدا يمكن ان تكفي لكهربة افريقيا بأكملها وذلك حسب بعض الدراسات الأكاديمية.

- سن المزيد من القوانين التي تشجع استعمال الطاقة الشمسية وخصوصا في المباني لتكون مستدامة ولتفادي الطاقة الكهربائية الكبيرة المستهلكة بواسطة المكيفات الهوائية، هذه الأخيرة التي تسبب في رفع درجات الحرارة بالأماكن الموجودة بها بحوالي 5 الى 10 درجات مئوية بالمقارنة مع الاماكن التي لا تحتوي على مكيفات. وحسب مجموعة من الدراسات فالمكيفات الهوائية تستهلك ما بين 8 في المائة و15 في المائة من الطاقة المستهلكة اجماليا. مع العلم انه يوجد بالعالم حوالي 2 مليار مكيف اي بمعدل مكيف واحد لكل 4 اشخاص.

تحرير من طرف حسن العطافي
في 03/02/2024 على الساعة 19:00, تحديث بتاريخ 03/02/2024 على الساعة 19:00