من المسرح الكبير إلى مطرح النفايات الجديد، مرورًا بحديقة الحيوانات وأسواق الجملة، تنضاف هذه الأوراش المعطلة إلى سلسلة من المشاريع التي كانت تُبشر بتغيير وجه المدينة، لكن واقع الحال يحكي غير ذلك.
المسرح الكبير.. صرح ثقافي بلا جمهور
قبل أكثر من ست سنوات، انتهت الأشغال في « المسرح الكبير للدار البيضاء»، وكان من المنتظر أن يُشكل معلمة ثقافية تحتضن عروضا فنية ومسرحية على غرار نظيره بالرباط. المشروع انطلق رسميًا سنة 2014، وتم تسليمه سنة 2019 لكن أبوابه لا تزال موصدة حتى اليوم.
Casa aménagement
هذا الفضاء، الذي صممه الثنائي كريستيان دو بورتزامبارك ورشيد الأندلسي، بلغت كلفته أزيد من 1.4 مليار درهم، ويمتد على مساحة 47,000 متر مربع، ويضم قاعة رئيسية بـ1800 مقعد، وأخرى متعددة الأغراض بـ600 مقعد، ومسرحا خارجيا بسعة 8000 متفرج.
مصادر تتحدث عن وجود اختلالات وعدم مطابقة الأعمال المنجزة مع دفتر التحملات، وأخرى تشير إلى غياب نموذج إدارة واضح. وبين هذا وذاك لا يزال الغموض يكتنف مصير المشروع ويبقى موعد افتتاحه الرسمي غير محدد، وسط غياب تفسيرات دقيقة حول أسباب التأخير المزمن.
مطرح النفايات.. حل مؤقت يقترب من الانفجار
في نونبر 2021، افتتح المطرح المراقب المؤقت بمديونة بعد بلوغ المطرح العمومي طاقته القصوى، على مساحة 35 هكتارا، ليستقبل 4 ملايين طن من النفايات، مزودًا بحوض طمر (11 هكتارا) وأحواض للعصارة ومياه الأمطار. هذا المطرح، ووفق ما أكدته عمدة المدينة، نبيلة الرميلي، آنذاك لا يمكن استغلاله لأكثر من ثلاث سنوات، في انتظار إنجاز مطرح جديد لطمر وتثمين النفايات.
وأكدت رئيسة المجلس الجماعي في مناسبات عدة، أن هذا المشروع سيرى النور سنة 2025. اليوم، لا تزال ملامح المشروع الجديد غير واضحة، فيما يتواصل الضغط على المطرح المؤقت، ما يعيد إلى الواجهة هاجس القنبلة البيئية التي تمثلها النفايات والليكسيفيا.
نقل أسواق الجملة.. إصلاح مؤجل رغم الاختناق
مازال مشروع المنصة الغذائية التي يرتقب تشييدها بمنطقة حد السوالم، لتظم أسواق الجملة الأربعة: سوق الخضر والفواكه بسيدي عثمان، سوق الجملة للأسماك في الهراويين، سوق البيض في منطقة لاجيروند، وكذلك سوق الدواجن بالحي المحمدي، (مازال) متعثرا.
في يناير2024، أكدت رئيسة المجلس الجماعي للدار البيضاء، أن نقل أسواق الجملة خارج أسوار مدينة الدار البيضاء، لن يتجاوز 15 شهرا، بداية بنقل سوق الدجاج وإغلاق السوق الحالي، ثم نقل باقي الأسواق. اليوم، وبعد انتهاء المدة المحددة، ما تزال ملامح المشروع غير واضحة.
ويُعد هذا المشروع من بين أبرز المبادرات الهيكلية الرامية إلى الحد من الاكتظاظ المروري والفوضى التجارية التي تُثقل كاهل العاصمة الاقتصادية، عبر خلق فضاء حديث يواكب المعايير الدولية في مجال التوزيع الغذائي.
ويمتد هذا المشروع على مساحة تناهز 309 هكتارات بجماعة الساحل أولاد حريز، وقد رُصدت له ميزانية تناهز 1.5 مليار درهم، يتم تمويلها بشكل مشترك من قبل جماعة الدار البيضاء، مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، وزارتَي الداخلية والفلاحة، وصندوق الإيداع والتدبير.
ويطمح المجلس الجماعي من خلال هذا المشروع إلى إحداث أول مدينة غذائية متكاملة بالمغرب، تجمع بين معايير السلامة والجودة والتنظيم العصري، ما من شأنه أن يغيّر جذريًا واقع تجارة الجملة ويعزز جاذبية الجهة اقتصاديًا.
حديقة الحيوانات عين السبع
منذ إغلاقها في وجه العموم سنة 2015 بدعوى التأهيل، لا تزال حديقة الحيوانات عين السبع، التي كانت متنفسًا لآلاف الأسر البيضاوية، مغلقة رغم انتهاء الأشغال بها. المشروع الذي خصصت له ميزانية تقدر بـ 250 مليون درهم عرف بدوره تعثرات متتالية، وما يزال تاريخ الافتتاح الرسمي يتأجل كل مرة، لأسباب غير واضحة، ما عمق خيبة أمل السكان الذين ينتظرون متنفسًا حيويًا لأسرهم.
وفق ما وثقته كاميرا Le360 قبل أسابيع، شرعت الحديقة الممتدة على مساحة 13 هكتارًا، في استقبال الحيوانات كالفيلة، والـ« كابيبارا« ، وغزلان دمشق، والطواويس البيضاء، في انتظار وصول باقي الحيوانات التي تقدر بأكثر من 40 نوعًا.
Jana et Praya deux éléphantes originaires de l'Inde et du Sri lanka. (K.Essalak/Le360)
كورنيش عين السبع.. حلم على الورق
في نونبر 2020، أُعلن عن إطلاق مشروع كورنيش عين السبع - سيدي البرنوصي على طول 3400 متر، بميزانية 70 مليون درهم. بعد توقفات وتأجيلات، انطلقت الأشغال فعليًا بداية 2024، بأفق تسليم خلال 18 شهرًا، لكن الواقع.. « تقدم بطيء واختلالات في الإنجاز».
سعيد بوشريط
اليوم وبعدما بلغت الأشغال 95%، طُرحت إشكالية جديدة، عدم تطابق تصميم المشروع مع ما تم إنجازه، وهو ما شكل خيبة أمل للمواطنين والمنتخبين.
عبد الإله جحا، نائب رئيس مقاطعة سيدي البرنوصي ورئيس فريق مستشاري حزب التقدم والاشتراكية بمجلس جماعة الدار البيضاء، تحدث في تصريح سابق لLe360، عن تفاوت بين التصميم الأصلي والمنجز، منتقدًا جودة الأشغال وتأخرها.
وقد أضحى هذا التأخير موضع تساؤل لدى الرأي العام، حول مدى قدرة السلطات المحلية على تنفيذ وعودها، والوفاء بالجدول الزمني المحدد. ويتساءل البيضاويون: أين الخلل؟ هل في التمويل، في الحكامة، أم في الإرادة السياسية؟ وكيف يمكن لمدينة تصبو إلى التحول لقطب إفريقي متوسطي أن تعجز عن تنفيذ مشاريع أساسية تمس الحياة اليومية للمواطن؟




























