ويُعتبر عبد الإله بلقزيز، أحد أبرز المفكّرين المغاربة الذين قدموا متناً فكرياً أصيلاً ومُنغرساً في البيئة العربية وشجونها. ذلك إنّ كتاباته قويّة البُنيان وأصيلة من حيث الإبداع المفاهيمي المُتّصل بشؤون الاجتماع العربي وتبدّلاته. فكتاباته تتوزّع بين التأليف في الفكر العربي ونقد الاستشراق. وتتميّز كتاباته بنوعٍ من التركيب الذي يُحوّل الكتابة إلى عملية بناء للسياقات والأفكار والمفاهيم، بغية الخروج بتحليل دقيق.
بل إنّ صاحب كتاب « نهاية الداعية » من المفكّرين المغاربة القلائل الذين جدّدوا موضوع البحث في الخطاب الديني وأزمة المعنى عبر مجموعة من الكُتب التي تُشرّح هذه الجدلية القائمة بين السياسية والدين لدرجة تجعل صاحب « عرس الدم في الجزائر » سبّاقاً إلى ابتكار مفاهيم خاصّة بهذا الحقل المعرفي الذي ظلّ الفقهاء والخطباء والدعاة يُسيطرون عليه ويحكمون قبضته عليه.
وإلى جانب الكتابة الفكريّة، استطاع بلقزيز أنْ يكون أحد كبار كسّروا أفق العلاقة بين الفلسفة والأدب وحوّلوا فعل الكتابة إلى بحر تتقاطع فيه الأنهار وتتواشج عبره الوديان الرائقة بكلّ ما تحمله من أفكار، حتّى أصبحت كتاباته الأدبيّة ذات امتداد عميق وضاري في الثقافة المغربيّة المعاصرة لدرجة قد يُسجّل المُتابع تفوقّ كتاباته الأدبيّة على نظيرتها الفكريّة من حيث الذيوع والانتشار.
وتجمع مؤلفات من قبيل: « راحة المكان »، « ليليات »، « على صهوة الكلام »، « الحركة »، « سراديب النهايات » وغيرها ملامح من طفولته، كما هو حال كُتبه الأولى. ففي هذه المؤلّفات التي يحلو لعبد الإله بلقزيز تسميتها بـ « النصّ المفتوح » تتحرّر الكتابة من صرامتها الأجناسية لتُقدّم نفسها في تلقائية منسابة لا تُقيم أيّ حدود أو سياجات بين فتنة الجسد وصرامة العقل.