ورغم غياب ورشات إنتاج هذا الفن التقليدي في الجزائر، إلا أن بعض الأصوات في الجارة الشرقية تحاول إثارة الجدل حول استخدامه، في محاولة للتشكيك في مِلكيته الثقافية الواضحة، التي وثقها المغرب رسميا لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية منذ سنة 2016، وهي الظاهرة التي يحاربها المغرب عبر منظمة «اليونيسكو».
وفي هذا السياق، عاينت كاميرا Le360، من خلال جولتها، ورشات حرفيين مغاربة بمنطقة عين النقبي بمدينة فاس، موطن المادة الخام الأساسية المستعملة في صناعة الفسيفساء، حيث عبر الحسين الغليمي، وهو صانع تقليدي للزليج الفاسي، عن فخره واعتزازه بتزين الكأس القارية التي ستتنافس عليها كبريات المنتخبات الإفريقية، بالزليج الفاسي العريق, وأكد، بهذه المناسبة، أن هذه الخطوة تعكس عمق الأصالة المغربية وتاريخها العريق، وتجسد تقديرا كبيرا لكفاءة الصناع التقليديين.
Les artisans du zellije dans les ateliers de Fès. (Y.Jaoual/Le360)
من جانبه، استنكر أحمد الصنهاجي، محاولات الجزائر للسطو على الزليج أو نسبه لهم، «فالزليج مغربي و ليس مغاربيا أو مشتركا، وهذه المحاولات لن تزيد الصانع التقليدي المغربي سوى تشبثا بهويته وتاريخه وأصالته»، مشددا على أن هذا الحدث لا يدافع فقط عن حقوق المملكة، بل يعزز أيضا من إشعاع هذا الفن على المستوى الدولي، مما يجعل أي محاولات للسطو عليه حالت دون جدوى أمام الاعتراف العالمي بمغربيته. مردفا: «شهدنا محاولات من بعض الجهات الجزائرية للتشكيك في أصالة الزليج المغربي، وادعاء أن هذا الفن هو جزء من التراث الجزائري، هذه الادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة، الزليج مغربي وله تاريخ طويل وحضارة عريقة لا يمكن لأحد نكرها».
وتجاوز هذا الفن حدود المغرب ليشع في مختلف أنحاء العالم، بعد أن تتفنن في تشكيل لوحاته أيادي الحرفيين بمنطقة بن جليق شرق مدينة فاس، على مرمى حجر من مقلع للطين، مخصص حصرا لصناعة الزليج البلدي، وفق ما أكده الصانع بوشتى، ضمن تصريحه لـLe360، واسترسل حديثه قائلا: «طين هذه المنطقة فريد من نوعه ولا يوجد في أي مكان آخر غير مدينة فاس، وهي المادة الخام الأساسية المستعملة في صناعة الزليج، لكونه يضم من بين مكوناته سبعين مادة معدنية، وهو دليل قاطع على أن هذا الموروث الثقافي، مغربي 100%».
وبخبرة تزيد عن 37 عاما، يشرف عبد الفتاح الشلح، الذي تعلم المهنة على يد كبار حرفيي الزليج في مدينة فاس القديمة، أكد، في تصريح مماثل، أن هذا الجدل يُعيد التأكيد على أن الزليج المغربي ليس مجرد فن تقليدي، بل رمز لهوية مغربية ضاربة في التاريخ، يعكس براعة الصناع التقليديين الذين صانوا هذا التراث رغم كل المحاولات الرامية إلى النيل منه.
وقال عبد الفتاح: «إن التراث المغربي وفن الزليج معروفان عالميا ولا يحتاجان إلى الدخول في المعارك لإثباتهما، وإن ما يثار من ضجة مفتعلة إنما زوبعة في فنجان والحقيقة واضحة للجميع».
إن اختيار الزليج ليكون رمزاً لشعار كأس أمم إفريقيا 2025، التي يستضيفها المغرب، هو انتصار جديد للصناعة التقليدية الوطنية، واعتراف واضح بقيمة التراث الثقافي المغربي وأصالته، بالنظر إلى كونه ليس مجرد حرفة تقليدية، بل هو جزء من التراث الوطني المغربي المتجذر في عمق التاريخ.
جدير بالذكر أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أكد، في بيان رسمي، أن الشعار الجديد لكأس أمم إفريقيا للسنة الجارية، يمثل التراث الفني المغربي، مشيدا بالزليج كـ«لوحة فسيفسائية خالدة» تجسد الدقة والجمال، وعبقرية المعمار المغربي الأصيل منذ قرون، واختياره يعكس هوية المغرب وتراثه.