يعتبر أحمد المديني من الوجوه الثقافية الهامة في المشهد الأدبي. ذلك إنّ سيرته الثقافية قوية البنيان، حيث كتب في القصة والرواية والنقد الأدبي وأدب الرحلة. أشكال تعبيرية جعل منها المديني وسيلة للتعبير عن ذاته وجرحه. إنّ هذا التعدد الأدبي الذي يطبع سيرة المديني يعطيه إمكانات للتفكير خارج صندوق الكتابة، بما يجعل فعل الكتابة نفسها تسعى إلى التجديد وإلى قول ما لا يقال. وعلى الرغم من حرص المديني على التأليف بشكل سنوي منتظم، فإنّ مؤلفاته تحتفظ دائماً بعمقها وفتنتها في تقليب الذائقة الإبداعية والبحث لها عن منافذ ضوء تجعلها تبحث عن جديد يعوّل عليه على مستوى الكتابة.
يقول المديني في كتابه الجديد «هذه الرواية من جملة أو في جملة واحدة متصلة، اقتضى محكيها وشخصياتها وموضوعها أن تأتي على الشكل الذي ستقرؤون وترون، إذْ تسرد على حضراتكم بنفس واحد. اصبروا على قراءتها نظراً لمنوال نسجها وللتدافع، بل التداخل في تمثيلاتها وتشابك فصولها وستغنمون رواية كثيفة التكوين، مساراتها مستقيمة ومتعرجة وبتنوع وجوه وأحداث وتعدد أصوات على السطح وفي العمق يقودها ناظم أساس هو اللعب وما يصنعه من فرجة ويخلق متعة. والرواية في فن اللعب بامتياز، تعطاك هنا مائدة حافلة بالحكايات، زاخرة بالمغامرات، مرحة ومؤسية، حقيقية ومجازية، هي بنت واقعنا حد التخمة ورمزية بإحالات ذات دلالات يتبادل الأدوار فيها الحي والجماد والكراسي فيها أجساد ونحن القراء شهود وبالمرصاد، تمنحك مقعداً نادراً للفرجة».