وتضمنت عملية إعادة تأهيل المتحف، الذي يعد أحد أقدم وأعرق متاحف المملكة، -تحت إشراف مؤسسة المتاحف الوطنية-، إعادة هيكلة عشرة أقسام بالكامل وفقا لأحدث معايير العرض المتحفي الدولي. وتبدأ الرحلة من القاعات المخصصة لفترات ما قبل الإسلام، وتنتقل عبر العصور المختلفة، لتصل إلى القاعات المخصصة لمدينة فاس العريقة.
بالموازاة مع ذلك، تم القيام بعمل ترميم دقيق شمل الأبواب والأسقف والنوافذ التي كانت زخارفها متعددة الألوان مغطاة بطبقة من الطلاء، كما شملت عملية الترميم، الزليج والجبس والخشب المنحوت، وتم احياء الألوان الأصلية للزخارف الزهرية أو الهندسية للأبواب والنوافذ، التي نفذها أحد آخر المعلمين الحرفيين المتقنين للرسم على الخشب باستخدام الصباغة الطبيعية.
La collection exposée au Musée Al Batha. (Y.ElHarrak/Le360)
وقال مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، في تصريح لـLe360، إنه «لمن دواعي السرور أن نفتتح اليوم أحد أعرق المتاحف العريقة بفاس، متحف البطحاء للفنون الإسلامية، الذي سيفتتح في وجه العموم، وسيتيح إمكانية إثراء العرض السياحي والثقافي بالمملكة»، لافتا إلى أن «إعادة البريق لهذا الفضاء التاريخي مع الحرص على أصالته، هو رسالة قوية يرسلها المغرب إلى العالم في فترة الأزمات والحروب».
ومن بين أكثر من 7000 قطعة محفوظة في مخازن المتحف، تم عرض 700 قطعة أثرية تم انتقاؤها بعناية، وتشمل هذه القطع بعضا من أهم روائع الفن الإسلامي في المغرب وبفاس تحديدا، مثل المنبر القديم لمسجد الأندلس الذي يعود (للقرن 10)، والذي كان شاهدا على الصراعات بين الفاطميين والأمويين، أو الساعة المائية للمدرسة البوعنانية (القرن 14)، التي تشهد آلية عملها الغامضة على الدرجة العالية من براعة العلماء في ذلك العصر.
هذا الاهتمام بالأصالة هو نفسه الذي اعتُمد في عملية تجديد الحديقة، التي تمتد بين مبنيي القصر، مع وفرة وتنوع ألوانها الزاهية، الأحمر اللامع لأشجار الرمان، والأرجواني الخفيف لأشجار الجاكاراندا، والأخضر لأشجار النخيل والحمضيات.
وتجدر الإشارة إلى أن المبنى الأصلي للمتحف يعود لعام 1885، على مساحة تفوق 7320 مترا مربعا، وقد كان هذا القصر الفخم مقراً صيفيا للسلطان العلوي مولاي الحسن الأول، قبل إعادة تأسيسه كمتحف عام 1915. وأعطى الملك محمد السادس سنة 2019 انطلاقة عملية ترميم هذا المكان للحفاظ على هذا التراث النادر الذي سيسلط الضوء على التاريخ الإسلامي العريق للمملكة.