يعمل في كتابه هذا الذي يأتي وفق قسم نظري وآخر تطبيقي على إعادة التفكير في سؤال المنهج وإشكالية التجنيس تروم إلى إعادة التفكير في الأفق العجائبي ووضعه ضمن قالب معرفي. لذلك خصّص الباحث القسم النظري من الكتاب إلى الحديث عن نشأة هذا المصطلح وجذوره ومرجعياته داخل تراث السردية العربية وداخل علم النفس والأنثروبولوجيا، مع العلم أنّ «العجائبي» ليس مصطلحاً ولكنّه مفهوم مركزي وأساسي في الدراسات الكولونيالية وقام بنقده مجموعة من المفكرين والنقاد. وبالتالي، فإنّ استعادته هنا داخل دراسة نقدية يعطي للكتاب أهميته وقوّته كموضوع مغاير للتفكير والتأمّل. أما القسم التطبيقي فتتجلى ملامحه في دراسة الخطاب الميكرو العجائبي والخيال الأنثروبولوجي عبر دراسة في أفق الأنثروبولوجي ثم التبئير ومركزية الظاهرة الفوق طبيعية والحلم والبنية الزمكانية وغيرها من العناصر ذات الصلة بهذا المفهوم.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في كونها تُخضع النقد الأدبي إلى مفاهيم أكثر ارتباطاً بالأنثروبولوجيا الثقافية والتعامل معها كمنهج قادرٍ على تفكيك النصوص الروائية وإبراز خصوصياتها وجمالياتها. ذلك إنّ المناهج الأدبية لوحدها تبدو غير قادرةٍ على تفكيك نصوص روائية تحتاج إلى مفاهيم مبتكرة من أجل معاينة التحولات التي بات يشهدها النصّ الروائي في السنوات الأخيرة. خاصّة وأنّ دراسات من هذا القبيل تجعل العديد من الأسماء المغربية تحظى بأرفع الجوائز العربية بحكم المكانة المعرفية التي يحتلّها النقد المغربي في البلاد العربية.