تأتي قيمة هذا اللقاء الثقافي في كونه الذي يُقدّم درساً ليس مجرّد شاعر فقط، بل إنّه واحد من الأدباء المغاربة الأكثر تعلّقاً بالفنون، إيماناً منه بقيمة التناغم الذي يحدث دائماً بين الأدب والفن على مستوى الكتابة والتفكير. إذْ نعثر في الثقافة المغربية على العديد من التجارب الأدبيّة التي انفتحت على المجال الفني وجعلت منه أفقاً للتأمّل. وقد أتاح انفتاح الأدب على التشكيل مثلاً بروز العديد من التجارب النوعية التي تحتفي بقيمة الفنّ وتُحاول عبر الكلمة أنْ تُوسّع مدار اللوحة وإيقاعها.
كما أنّ الشعر نفسه، يُعدّ أكثر الأجناس الأدبيّة التي حقّقت هذا التناغم الجمالي بين الأدب والشعر، بحكم أنّ الشعر يتوفّر على إمكانات مذهلة للتعبير وعلى قوّة سحرية تعطي للوحة المسندية وعتباتها اللونية أفقاً تخييلياً مغايراً، بما جعل العديد من التجارب الشعرية مثل حسن نجمي وعبد الله زريقة ومحمد بنيس وغيرهم يحتفلون بأعمالهم الشعرية بالعديد من اللوحات الفنية لفنانين تشكيليين مغاربة.
ينتمي محمد الأشعري إلى جيل السبعينيات وهو الجيل الثاني داخل المشهد الشعري المغربي المعاصر. وقد عُرف عن هذا الجيل في كونه صانع الحداثة بامتياز في المغرب. وذلك يعود إلى الطفرة النوعية التي حققها هذا الجيل عبر التحامهم القوي بالسياسة وممارساتها اليومية والتي كانت في الغالب تفرض على المثقف السبعيني أنْ يكون مثقفاً جامعاً يمتلك من الرأسمال الرمزي ما يجعله حاضراً باستمرار داخل الساحة الثقافيّة المغربية في تلك الفترة.