بورتري. المغربي إيريز بيتون.. أمير شعراء إسرائيل!

DR

في 07/03/2017 على الساعة 08:30

قبل شهر من اليوم، نشرت قصاصة على صفحات جريدة هارتس الإسرائيلية، حول تدريس الإبداعات الشرقية بمقررات وزارة التربية والتعليم العبرية، الخبر لحد الساعة لا يثير أي اهتمام، بيد أن الاسم الذي وضع على راس هذه اللجنة كفيل بإثارة انتباه المغاربة.. إنه الشاعر الاسرائيلي من أصول مغربية إريز بيتون.

قليلون من سمعوا بهذا الاسم بالمغرب، على الرغم من أنه أشهر من نار على علم بإسرائيل، فهو الذي أوكلت له رئاسة لجنة تمثيل الشرقيين والابداعات الشرقية في تعليم الادب والتاريخ، ومن بينها تدريس الدارجة المغربية بحروف عبرية.

ولد إيريز بيتون قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بست سنوات، وعلى الرغم من مولده بمدينة وهران الجزائرية، إلا أن تشبته بأرض الأجداد المغرب واضح جليا من خلال أشعاره ومواضيع قصائده، هو ببساطة شاعر اختار عقله الهجرة إلى اسرائيل غير أن الفؤاد ظل مرتبطا بالمغرب، على الرغم من ان زيارته لبلده الأم لا تتعدى أربع مناسبات.

شاعر إسرائيل الوطني

تحكي زوجة الشاعر راشيل بيتون كالاهورا، الذي نال جائزة إسرائيل للشعر والأدب سنة 2015، وهي أرفع الجزائز الأدبية هناك، في حديثها لـLe360 ""عن فخرها بهذه الجائزة الرفيعة، التي أعقبت مسارا شعريا دام 40 سنة" مضيفة "لقد بات بذلك أول شاعر إسرائيلي من أصول سفاردية شرقية ينال هذه الجائزة، حتى لقب بشعار إسرائيل الوطني.

منذ أول دواوينه، برز إيريز بيتون بشعره الذي ينهل من ثقافة مغربية قحة، ففي سنة 1976 أصدر ديوانه "هدية مغربية" والذي جعل قصائده لسانا يحكي بالطائفة اليهودية المغربية بإسرائيل، والتي يقدر عددها بما يزيد عن 800 ألف شخص.

تروي زوجته عن ما عاشته إبان تتويجه بجائزة الأدب الإسرائيلي "لقد أثنت اللجنة عن العمل، ووصفته بنموذج النضال المثالي والشجاع".

المغرب في شعر بيتون

هاجر بيتون رفقة عائلته نحو إسرائيل بعد قيامها سنة 1948، فلم يمنع ذلك من تشبته بأصول والديه التي تعود لمنطقة محاميد الغزلان وتامنوغالت بالجنوب المغربي.

لعل أبرز صفة ظلت لصيقة بشعر بيتون هي تلك المتعلقة بشعر الذاكرة، فنجد أن ديوانه الأول مثلا حمل اسم "هدية مغربية"، حيث طعَّم أشعاره العبرية بكلمات عربية، على لسان والدته.، ومن أشهر قصائده قصيدة "زهرة الفاسية"، التي يدرسها جميع طلاب إسرائيل بالمدرسة، وتحكي عن المغنية اليهودية المغربية التي التقاها الشاعرُ في أشكلون، عندما كان يعمل باحثا اجتماعيا، وكتب يقول:

"جنودٌ يرسمون الخناجر

يندفعون نحو الجماهير

يُقبِّلون أطراف أناملها

يعبرون لها عن حبهم

يُلقون لها بالريالات"

ضرير يفتح العيون على الشعر

وتبقى سنة 1958 سنة محورية في مسار حياة إيريز بيتون الطفل، الذي فقد بصره جراء عبثه بقنبلة انفجرت في وجهه، فأعمت بصره وظلت بصيرته متقدة بحب الأدب والشعر، فلم تثنه هذه الإعاقة عن استكمال دراسته، فنال شهادة جامعية في علم النفس، ناهيك عن عمله في إسعاف بعض المهاجرين القادمين من العراق والمغرب.

وقبل التفرغ لشعره، ظل إيريز بيتون مهتما بالعمل الصحفي، حيث ينشر عمودا أسبوعيا في جريدة "معاريف" واسعة الانتشار، ناهيك عن نشره لمجلة شعرية مختصة، لتكون حصيلته الشعرية عبارة عن خمسة دواوين.

ولأن إيريز بيتون عاش في بيئة اختلط فيها السياسي بالأدبي، فله مواقف راسخة نجاه الشعوب العربية، منها قصيدة "طبيب العيون التي يفقأها"، والتي يهجو فيها الرئيس السوري بشار الأسد. فنقرأ في مطلعها:

مرض الماء الأبيض وبشار

الشاعر أيرز بيتون

أنت يا من صممت

أن تصبح طبيبا لعيون لا تُبصر

وكرست أيامك ولياليك

لترمم القرنيات المعطوبة

ولتقشع الغشاوة عن العدسات الضبابية

وتصلّح الشبكات المفككة

أنت

يا من وعدت أطفالا رهائن الظلام

منحهم نشوة تسلق الشجر

وغبطة الفرحين بالألوان

بالأزرق والأصفر والبرتقالي

أنت

يا من وعدت الطاعنين في السنّ الضريرين

المتكئين على عصيهم

أن يروا من جديد

الغسق الأحمر

ما الذي تفعله أنياً

أنت تصفع كل القرنيات

وتمزق كل الشبكيات

عراب الثقافة المغربية

اليوم، بات إيريز بيتون، الذي يتقن الدارجة المغربية كإتقانه للعبرية، عرابا للثقافة المغربية، حيث كلفه وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، برئاة اللجنة التي عهد إليها تقديم توصيات حول تدري الثقافات الشرقية بالمقرر التعليمي الإسرائيلي.

ومن المفارقة ان هذا الموضوع الذي أهمله العديد من وزراء التربية والتعليم يستحوذ على اهتمام وزير من اصل اشكنازي، على الرغم من محاولات لوبي يهود الدول العربية في الكنيست لدفع هذا الموضوع الى مقدمة الأجندة الشعبية. ولا شك ان هذا التطور، يشكل مفترق طرق بالنسبة لموقف الدولة إزاء مكانة يهود الدول العربية وتراثهم بعد ان انحصرت البرامج التعليمية على تراث اليهود الأشكناز في شرق اوروبا وبالكاد تطرقت الى تاريخ يهود الدول العربية.

في 07/03/2017 على الساعة 08:30