بالصور: الحاج حميد لحلو.. المقاوم الشرس ورجل الأعمال الذي عايش ثلاثة ملوك

صور من الأرشيف للحاج حميد لحلو رفقة الملك الراحل محمد الخامس

صور من الأرشيف للحاج حميد لحلو رفقة الملك الراحل محمد الخامس

في 25/05/2023 على الساعة 11:42

في مكناس ونواحيها، يعرف الكبار والصغار حميد لحلو، بلقبه «باسيدي»، دون إسمه، حتى الذين لم يعايشوه، فشهرته هذه استمدها من وطنيته ودفاعه المستميت في وجه الاستعمار وحتى فترة الاستقلال وصولا إلى مغرب التنمية. كيف لا يكون ذائع الصيت وهو المغوار الذي عاصَر ملوك المغرب الثلاثة؛ السلطان الراحل محمد الخامس والملك الراحل الحسن الثاني، ثم الملك الحالي محمد السادس.

قصة الحاج حميد لحلو «باسيدي» مع المقاومة ونجاحه في عالم المال والأعمال، قصة تستحق أن تروى للأجيال القادمة، كنبراس يحتدى به، وهو يقف بكل عنفوان وشموخ أشبه ما يكون بأعمدة وليلي الراسخة التي ظلت تعاند السقوط.

يعتبر « باسيدي » درسا بليغا في النجاح، وفي الوصول إلى القمة، وهو أمر ليس باليسير، خاصة إذا علمنا أن الرجل بدأ مسيرته كتاجر بالجملة لبيع السكر والشاي والزيت، قبل أن يصبح الممول الرئيسي لهذه المواد بجهة مكناس تافيلالت، راسما بذلك مساره بخطى حثيثة نحو مجد المال والأعمال.

صور من الأرشيف للحاج حميد لحلو

الحاج حميد لحلو وظروف النشأة وفترة الاستعمار

ولد حميد لحلو أو كما يحلوا للمكناسيين أن يلقبوه «باسيدي»، في 13 يوليوز 1927 بمدينة مكناس تحت نير الاستعمار، وكغيره من أبناء المغرب البررة الذين عايشوا ويلات تلك الفترة، التي جعلت منهم بالفعل والقوة رجالات المقاومة الوطنية.

تشكلت شخصية «باسيدي» انطلاقا من دراسته بجامعة القرويين فاس التي جاور فيها المرحوم علال الفاسي، بكل ما يحمله من نزوعات نحو المقاومة، الأمر الذي كان سببا في انخراطه دون تردد في صفوف الحركة الوطنية، ليتم تكليفه بعد ذلك كمشرف على صندوق المقاومة بمكناس.

ومع توالي الأحداث، اشتد الصراع مع المستعمر وقد بلغ مداه، حيث أقدمت السلطات الفرنسية أنذاك على اعتقال " الحاج حميد " ونقله إلى ثكنة عسكرية تتواجد في منطقة بين الحاجب وأغبالو بإقليم خنيفرة، وذلك قبل يومين من نفي السلطان الراحل محمد الخامس في 20 غشت 1953 إلى مدغشقر.

صور من الأرشيف .  الحاج باسيدي جوار الراحل محمد الخامس، وواصل مسيرته الاستثنائية في عهد الراحل الحسن الثاني، واستمر في صنع التاريخ في عهد الملك محمد السادس

الحاج حميد لحلو وفترة ما بعد الاستقلال

وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات على نفي السلطان الراحل محمد الخامس تمكنت المقاومة من فرض شروطها على المستعمر، وذلك بإرجاع السلطان الراحل إلى عرشه وشعبه، وعلى إثر ذلك خصص المغفور له استقبالا خص به أعضاء الحركة الوطنية التي كان الحاج حميد لحلو أحد أعمدتها الذين تشرفوا بلقاء السلطان الراحل محمد الخامس.

وبعد بزوغ فجر الاستقلال، بدأت مسيرة « الحاج حميد » في التنمية ومجال المال والأعمال، وهي المسيرة التي انطلقت – بشهادة من جاوروه عن قرب - كتاجر بالجملة مع والده الذي كان تاجرا و فلاحا إلى أن أصبح الحاج حميد لحلو رجل أعمال.

الحاج حميد لحلو لم يكن رجل مال وأعمال فحسب، بل كان « مواطنا ملكيا حتى النخاع، ومغربيا حتى الثمالة »، ناضل مع السلطان الراحل محمد الخامس وأكمل المسيرة مع الملك الراحل الحسن الثاني، واستمر على نفس المنوال مع الملك محمد السادس، حيث كان من بين الشخصيات التي حظيت باستقبال من جلالته بعد زيارته الأولى لمدينة مكناس مباشرة إثر اعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه في 31 يوليوز 1999.

صور من الأرشيف .  الحاج حميد لحلو كانت له اهتمامات رياضية  من خلال تأسيس فريق النادي المكناسي سنة 1962

اهتمامات الحاج حميد لحلو لم تكن تنحصر في المال والأعمال، بل كانت له اهتمامات أخرى من أبرزها دعم مدينته الأم مكناس، من خلال تأسيس فريق النادي المكناسي سنة 1962 وتقديم الدعم اللازم للفريق الذي تولى رئاسته وفاز تحت قيادته بكأس العرش سنة 1967.

كما سبق للحاج حميد لحلو الانخراط في جمعيات المجتمع المدني والجمعيات المهنية، من خلال رئاسته للعديد من الجمعيات مثل:

الجمعية الوطنية لصناعة زيت الزيتون (ANOMAR) و(FICOPAM) والفيدرالية المهنية لتعليب الزيوت والمنتجات الغذائية (FNM) والفيدرالية الوطنية للمطاحن.

وبالرغم من أنه بلغ مراتب عليا في عالم المال والأعمال، وأصبح أحد المشهورين على الصعيد الوطني، فإنّ الحاج حميد لحلو ظلّ وفيا لمدينته مكناس ولوطنه الذي لم يدخر في سبيله جهدا سواء بالمال أو الجهد، وخير مثال على ذلك مساهمته خلال جائحة كورونا بمبلغ 100 مليون سنتيم.

رحل الحاج حميد لحلو « باسيدي » في 11 من شهر ماي 2023، تاركا وراءه إرثا تاريخيا ونضاليا ووطنيا سيبقى خالدا خاصة في ذاكرة ساكنة مكناس الذين حجوا وبكل عفوية في مراسيم جنازته، حيث وري جثمانه الثرى بمقبرة سيد الشريف الوافي بمكناس.

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 25/05/2023 على الساعة 11:42