وأوردت يومية «الصباح»، على صفحتها الأولى في عددها لنهاية الأسبوع، أن الفضاء الذي تمت مداهمته بالعطاوية تبين أنه يعرف أوضاعا أكثر بشاعة بلغت حد اعتماد ممارسات غير إنسانية قوامها الاتجار في البشر واستغلال المحتجزين في أعمال شاقة.
وحسب الصحيفة، فإن المداهمة الأمنية كشفت فظاعة الممارسات السائدة بالضيعة الفلاحية، إذ اتضح أن «المزرعة» التي تم تحويلها إلى فضاء لعلاج المرضى نفسيا والمدمنين، اختار مالكها استغلال 19 نزيلا يتحدرون من مناطق متفرقة بالمغرب أغلبهم من مدن الشمال في معاملات لا إنسانية، توزعت ما بين أعمال السخرة المتمثلة في حمل الأحجار الثقيلة وجني الزيتون والتنظيف وكذا حصص التعذيب النفسي والجسدي.
وأضاف المصدر نفسه أن المعطيات الأولية للبحث أظهرت خطورة الأفعال الإجرامية المرتكبة من قبل صاحب المزرعة وابنه والوسطاء، إذ لم يتم الاكتفاء بارتكاب جريمة الاتجار في البشر، بل ضلع المتهم الرئيسي في احتجاز المرضى ومنعهم من لقاء عائلاتهم، إذ هناك من تم احتجازه لسنتين، ضمنهم مسن ظل محتجزا لعشر سنوات، إضافة إلى حصص التعذيب الجسدي والتجويع والتهديد بالتصفية الجسدية لكل من تجرأ على فضح ما يقع بمسرح الجريمة.
ونقلا عن مصادر الصحيفة، فقد تبين ضلوع ممرض يعمل بمستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بتطوان في جناية الاتجار بالبشر بعد أن اختار التخلي عن مهنته للشروع في استقطاب الضحايا من وسط المرفق الصحي ولعب دور الوساطة لإرسالهم إلى صاحب الضيعة الفلاحية الذي يتكلف بالباقي.
وكشفت أم أحد الضحايا أن الحكاية انطلقت حينما قصدت المستشفى بتطوان بحثا عن فرصة لعلاج ابنها العشريني من الإدمان على المخدرات، قبل أن يقترح عليها ممرض كان يتربص بأسر المرضى حلا يتمثل في إمكانية علاج ابنها لدى أحد الأشخاص بضواحي إقليم قلعة السراغنة وبالتالي تفادي المشاكل المرتبطة بـ«البلية» والاختلال العقلي.
واشترط الممرض على الضحية المذكورة منحه مليون سنتيم مقابل التوسط لها ونقل ابنها إلى العنوان المرغوب فيه وهو ما وافقت عليه الأم، مضيفة أنه بعد ترتيب الإجراءات، سافرت رفقة ابنها والممرض وشخصين تم اصطحابهما للسيطرة على سلوك الابن.
وبعد اللقاء بصاحب المزرعة في بيته، اشترط عليها أداء 2500 درهم شهريا مقابل استضافة ابنها والإشراف على حالته الصحية حتى يمكن من العلاج، قبل أن يخفض الثمن إلى 2000 درهم بعد استعطافه لحالتها الاجتماعية المزرية، مشترطا عدم زيارته والاكتفاء بإرسال الأجرة الشهرية والمواد الغذائية والملابس.
وتابعت اليومية سرد أحداث القضية على صفحتها الثانية، مشيرة إلى أن الفضيحة تفجرت حينما تلقت أم الضحية اتصالا هاتفيا بعد سنتين يخبرها فيه صاحب الضيعة بضرورة تسلم ابنها لسوء حالته الصحية المتدهورة التي تستدعي نقله إلى المستشفى قبل فوات الأوان، إلا أن المتهم الرئيسي اشترط على والدة الشاب المحتجز عدم المجيء إلى العطاوية واللقاء بمدينة أخرى تم تحديدها في سيدي بنور، لتصدم المرأة بمشهد ولدها وهو يصارع الموت.
ونقلت الأم ابنها إلى طبيب فكشف لها تناول ابنها لأقراص مهلوسة وأدوية خطِرة تسببت له في مضاعفات صحية ما جعلها تستفسر الشاب الذي كشف تفاصيل سنتين من التعذيب اليومي، إذ لم يجرؤ على فضحها أثناء المكالمات الهاتفية خوفا من تنفيذ تهديدات بالقتل، الأمر الذي قررت معه تقديم شكاية أمام مصالح الدرك الملكي التابعة لسرية قلعة السراغنة، التي استنفرت مختلف عناصرها للقيام بأبحاث ميدانية توجت بمداهمة الضيعة وتحرير الرهائن في انتظار الاستماع إليهم قبل إحالتهم على المستشفيات المختصة لعلاجهم.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا