حسب جريدة المساء، في عدد نهاية الأسبوع، فقد أكد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أن مسودة مشروع قانون المسطرة الجمائية استحضرت ضمن أهدافها ضبط السلطة التقديرية فيما يتعلق بالاعتقال الاحتياطي، مع التأكيد على استثنائية هذا التدبير وعدم اللجوء إليه إلا إذا تعذر تطبيق بديل آخر عنه، فضلا عن تقليص مدة تمديده، وتوفير بدائل للاعتقال الاحتياطي وتوسيع مجال تطبيقها.
ونقلت يومية المساء، في صفحتها الداخلية، تصريح الرميد في افتتاح أشغال ندوة وطنية لمناقشة مسودة المشروع، مشيرة إلى أن مراجعة قانون المسطرة الجنائية تمحورت حول مجموعة من التوجهات الأساسية صبت في تجاه اعتماد التوازن الضروري بين حماية الحقوق والحريات وضمانات المحاكمة العادلة وبين حماية الأمن العام وسلامة الأشخاص والممتلكات، وتعزيز قرينة البراءة كمبدأ أصيل، وتقفويتها في سائر أطوار المحاكمة، وتكريس ضمانات المحاكمة العادلة سواء خلال مرحلة البحث أو التحقيق أو المحاكمة.
وأوضحت المساء أن التوجهات صبت في اتجاه تقوية الضمانات المخولة للأشخاص المشتبه فيهم، عبر مراجعة الضوابط القانونية للوضع، تحت تدبير الحراسة النظرية، وذلك وفق معايير مضبوطة وواضحة، وعقلنة اللجوء إلى التحقيق، وذلك بجعله اختياريا في الجنايات وفي الجنح كلما تعلق الأمر بنص خاص، مع تعزيز حقوق الدفاع خلال مرحلة البحث عبر تمكينهم من الاتصال بالأشخاص الموقوفين منذ اللحظة الأولى للوضع تحت الحراسة النظرية.
جريدة الإتحاد الإشتراكي خصصت موضوع ملفها الأسبوعي لمشروع قانون المسطرة الجنائية، مشيرة إلى أن هناك 23 تراجعا في المشروع الجديد.
واعتبرت الإتحاد الإشتراكي أنه منذ تولي حزب العدالة والتنمية مسؤولية رئاسة الحكومة حتى طغى خطاب الإصلاح على كل تدخلات رئيس الحكومة وأعضائها، بل بادرت إلى تقديم مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية.
وتساءلت الجريدة هل مشروع القانون هذا هو قانون للإصلاح أم أنه مشروع يحمل تراجعا على المكتسبات في مجال الحريات العامة والخاصة؟ علما أن قانون المسطرة الجنائية هو القانون المنظم لحماية تلك الحريات، وبه تشتغل الحكومات، إما لتوسيع الحريات او للتقليص منها حسب تصورها وخلفيتها الفكرية.
وأجرت الجريدة حوارا مع المحامي عبد الكبير طبيح، الذي أشار إلى وجود 23 تراجعا في القانون، منها أن قانون المسطرة الجنائية جعل رئاسة النيابة العامة موزعة على الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف ولم يسندها قط حتى إلى وزير العدل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك نوعين من التراجعات الأول يهم التراجع في مقابل ما أتى به دستور 2011 من حقوق وضمانات، والثاني يهم التراجع على المكتسبات التي ينص عليها قانون المسطرة الجنائية الحالي.
ملاحظات أولية
منذ الإعلان عن مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية حتى تعدد قراءات رجال العدالة، فالمعارضون يرون أن مسودة قانون التعديل تسجل الوفاء التام لسياسة جنائية تقوي من سلطة الاتهام وترجح ميزان الإدانة على حساب قرينة البراءة، ومحاولة إضافة بعض المقتضيات التي تبدو أنها تقوي من ضمانات المحاكمة العادلة إلا أنها غير مذيلة بالجزاء في حالة خرقها أو أنها مقرونة باستثناء إمكانية عدم تطبيقها مع تعليل ذلك من طرف الأجهزة المشرفة عليها.
وبعد كل الجدل الكبير حول دور النيابة العامة، فقد جاءت المسطرة الجنائية الجديدة لتبقي على خيط رفيع بين النيابة العامة ووزير العدل والحريات، رغم أن التوجه في التعديلات على مشروع قانون المسطرة الجنائية يسير نحو جعل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هو رئيس النيابة العامة بدل وزير العدل والحريات، إلا أن الصيغة الجديدة تبقي على خيط رفيع بين الوزير والنيابة العامة.