وتسلط هذه الدراسة، التي تحمل عنوان « ماذا يفعل النواب؟ النشاط البرلماني في المغرب من خلال أسئلة النائبات والنواب البرلمانيين »، الضوء على الأسئلة التي يطرحها النواب البرلمانيون، وذلك من خلال استقراء بيانات الدورات الأربعة الأولى للولاية التشريعية الحالية، وفق نهج متعدد الأبعاد، يرتكز أساسا على الانتماء السياسي والجغرافي، والنوع.
تفاوت في الأداء بين الجنسين
أظهرت معطيات الدراسة التي أصدرتها جمعية « طفرة »، وهي مركز أبحاث يشتغل على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالفعل العمومي وتعزيز الحق في الحصول على المعلومة، أن النواب البرلمانيين يطرحون أكثر من 40 ألف سؤال كمعدل خلال كل ولاية تشريعية، وتجيب الحكومة على نحو نصف هذه الأسئلة مع ميل إلى الرد على أسئلة المعارضة.
وبينت أن النساء البرلمانيات أكثر نشاطا من نظرائهن من الرجال من حيث طرح الأسئلة الشفوية، حيث كشفت أنهن طرحن ما يقارب 6005 سؤال، بمتوسط 62 سؤالا لكل واحدة منهن، بينما بلغ متوسط الأسئلة التي طرحها النواب الرجال 45 سؤالا فقط.
وسجل معدو هذه الدراسة أن هذا التفاوت في النشاط الرقابي « يؤكد على الدور البارز الذي تقوم به النساء البرلمانيات في مراقبة ومساءلة الحكومة، على الرغم من عدم توليهن رئاسة أي فريق نيابي ».
اهتمامات الأسئلة البرلمانية
تبرز الدراسة أن القضايا الاجتماعية تشغل مكانة مركزية في جدول أعمال المجلس، حيث تركز أغلب الأسئلة على قطاعات التعليم، الصحة، الماء، والفلاحة. « وهذا يعكس الاهتمام الكبير بتحسين الخدمات الأساسية ومواجهة التحديات التي تواجهها هذه القطاعات »، يعلق معدو الدراسة.
ويحظى قطاع التربية الوطنية والرياضة بالاهتمام الأكبر، إذ تلقت الوزارة 2248 سؤالا خلال الولاية الحالية، وتم الرد على 1177 سؤالا، تضمن 40 منها تعهدات حكومية، يليه قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، بمعدل 2087 سؤالا، تم الرد على 1178 سؤالا منها، وشمل 19 منها تعهدات حكومية.
ويأتي قطاع التجهيز والماء في المرتبة الثالثة بمعدل 1909 سؤالا، يليه قطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إذ وجه البرلمانيون 1903 سؤالا ردت الحكومة على 733 من ضمنها 40 شملت تعهدات، ثم وزارة الداخلية التي تلقت 1844 سؤالا، 65 في المائة تقدمت بها المعارضة، وأجابت الوزارة عن 855 من هذه الأسئلة التي أسفرت خمسة منها عن تعهدات.
المعارضة أنشط من الأغلبية
بالنظر إلى الأداء الرقابي للأعضاء، فإن المعارضة تبرز بنشاطها الملحوظ في هذا الجانب، حيث يظهر أن البرلمانيين والبرلمانيات طرحوا أكثر من 10 آلاف سؤال خلال الفترة المذكورة، بمتوسط 87 سؤالا لكل نائب، مقابل متوسط 37 سؤالا لكل عضو من أعضاء الأغلبية.
وحسب معطيات الدراسة، فقد تجاوبت الحكومة مع نحو 46 في المائة من الأسئلة الموجهة إليها، « مما يشير إلى مدى جدية السلطة التنفيذية في التعامل مع الاستفسارات والإشكالات التي يطرحها نواب البرلمان ».
ممارسة النشاط الرقابي
تشير « طفرة » إلى أن نسبة النساء البرلمانيات اللواتي تم انتخاب معظمهن بفضل نظام التمييز الإيجابي، تمثل 23 في المائة من أعضاء مجلس النواب، بينما يشكل البرلمانيون الرجال 77 في المائة.
وتبرز الدراسة أن « النائبات أكثر نشاطا في مراقبة العمل الحكومي مقارنة بنظرائهن من الرجال على الرغم من عدم تولي أي منهن رئاسة أي فريق نيابي »، على خلاف دراسة سابقة أجرتها الجمعية ذاتها على الولاية التشريعية 2016-2011، والتي سجلت « هيمنة طفيفة للرجال على متوسط عدد الأسئلة لكل نائب »، وهو ما اعتبرته « تحولا يعكس التطور الإيجابي في مشاركة النساء في المؤسسة البرلمانية ».
وفي هذا السياق، نوهت الدراسة إلى أن هذه الأرقام « تعزز فكرة استدامة نظام الكوطا بالنظر إلى آثاره الإيجابية على مشاركة المرأة في مختلف الأنشطة البرلمانية ».
وشددت الدراسة على أهمية استمرار دعم وتعزيز مشاركة النساء في البرلمان وضرورة الحفاظ على آليات الرقابة والمساءلة كأدوات أساسية في النظام الديمقراطي. ويؤكد على ضرورة استمرار الجهود لتحقيق تطور إيجابي في هذا الصدد، لضمان تحقيق أقصى قدر من الفعالية والشمولية في العمل البرلماني.
وأشارت « طفرة » إلى أن النساء البرلمانيات يسهمن بشكل كبير في تعزيز الحوار الديمقراطي ورقابة السلطة، مما يؤكد على أهمية دعم وتعزيز مشاركتهن في الحياة السياسية.