تم اقتطاع أراض كثيرة من المغرب من قبل الاستعمار وفصله عن عمقه الصحراوي. وخاصة المناطق الصحراوية الممتدة بين فكيك ومنطقة توات من جهة، وبين درعة والحدود الحالية لموريتانيا ومالي من جهة أخرى.
تاريخ هذه الاقتطاعات، التي كانت لصالح الجزائر، هي نتاج معركة إيسلي التي وقعت في 14 غشت 1844 بين الجيش المغربي والفرنسي.
يوم 10 شتنبر، تم التوقيع على اتفاقية سلام في طنجة بين «سلطان المغرب ولوي-فيليب، إمبراطور فرنسا». نورد هنا ملاحظتين بهذا الخصوص:
في القرن الـ19، أقام السلاطين بطنجة مقر وزارة الشؤون الخارجية للمغرب، في دار النيابة الشريفة، حيث كان النايب يقوم بدور الوساطة بين المغرب والسلك الديبلوماسي الأجنبي. وهكذا، كان السلطان يحد من ضغوطات وتدخلات القوى في الشؤون الداخلية للمملكة.
لوي-فيليب كان «ملك الفرنسيين» وليس «إمبراطور» الفرنسيين. لماذا الإشارة إلى هذا الأمر؟ الجواب بسيط جدا، إذ يتعلق الأمر بعرف دبلوماسي غير معروف كثيرا والذي مفاده أنه، منذ الملك فرانسوا الأول، كان ملك فرنسا يأخذ دائما لقب إمبراطور في الاتفاقات الموقعة بين فرنسا وقوة مسلمة.
وبما أن اتفاقية طنجة كانت تهدف إلى تسطير حدود بين المغرب والممتلكات الفرنسية في الجزائر المستقبلية، تم التوقيع يوم 14 ماري 1945 على اتفاقية لالة مغنية.
هذه الاتفاقية تنص، في بندها الأول، على أن «الحدود التي كانت متواجدة من قبل بين المغرب وتركيا» ستظل «على حالها، أي واد تافنة».
وبما أن المستعمرة التركية لولاية الجزائر لم تكن لها سلطة إلا في جزء صغير جدا من الجزائر الحالية، ولم تكن تخضع لها لا القبائل ولا الهضاب الجنوبية ولا جنوب وهران، وبما أن المناطق الصحراوية لم تكن معروفة لديها، فإن تسطير الحدود كان حزئيا.
لالة مغنية كانت تميز ثلاث قطاعات:
القطاع الأول
من البحر الأبيض المتوسط إلى ثنية الساسي، أي حوالي 120 كلم، كانت الحدود هي تلك المتواجدة بين المغرب والإمبراطورية العثمانية قبل 1830، تاريخ استيلاء فرنسا على ولاية الجزائر (البند 3).
القطاع الثاني
من ثنية الساسي إلى فكيك، أي حوالي 250 كلم، تم فقط توزيع القبائل و«القصور» بين المغرب والجزائر الفرنسية (البندين 4 و5).
اتفاقية لالة مغنية أضيفت لها لاحقا نقطتان ثانويتان في اتفاقتي 1901 و1902، ولكن دون تحديد حدود دقيقة. وبالتالي فإن هذه الحدود لم تسطر، لأن الأتراك لم يحتلوا أبدا توات وقورارة وتيديكلت، وهي مناطق كانت منذ أوقات سحيقة مغربية، إذ كان السلاطين المغاربة يعينون الولاة والقياد والقضاء والأمناء.
في مقالي المقبل، سنتطرق إلى القطاع الثالث، إي إلى جنوب فكيك.