أمين عام لاتحاد المغرب العربي... مشروع تبون لإقامة «كتلة مغاربية ثلاثية» يذهب أدراج الرياح

طارق بن سالم، الأمين العام الجديد لاتحاد المغرب العربي

في 30/05/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 30/05/2024 على الساعة 07:00

تم تعيين الدبلوماسي التونسي طارق بن سالم، الثلاثاء 28 ماي 2024، أمينا عاما جديدا لاتحاد المغرب العربي، خلفا لمواطنه الطيب البكوش الذي يشغل منصبه منذ 2016. ويأتي هذا التعيين بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيد، بحسب بلاغ صادر عن وزارة الخارجية التونسية، وفقا لمقتضيات معاهدة مراكش لعام 1989 المنشئة لاتحاد المغرب العربي، وبموافقة قادة الدول الأعضاء في الاتحاد.

أصبح لاتحاد المغرب العربي أمين عام جديد في شخص الدبلوماسي التونسي طارق بن سالم (64 سنة)، سفير تونس السابق في موسكو وباماكو ونيامي وواغادوغو. وأعلنت وزارة الخارجية التونسية، في بلاغ رسمي صدر اليوم الثلاثاء 28 ماي، أنه « وفقا لمقتضيات معاهدة تأسيس اتحاد المغرب العربي لسنة 1989، وبإقتراح من رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبعد موافقة جميع قادة الدول الأعضاء في الاتحاد تم تعيين طارق بن سالم أمينا عاما لاتحاد المغرب العربي لمدة ثلاث سنوات ».

وأوضح هذا البلاغ أيضا أن طارق بن سالم سيتولى مهامه بمقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي بالرباط اعتبارا من فاتح يونيو، أي ابتداء من نهاية الأسبوع الجاري. وكان البعض ينتظر تعيينا لإعطاء دفعة لهذه المؤسسة للتغطية على المحاولة الأخيرة لإنشاء « كتلة مغاربية من ثلاثة أعضاء » لتحل محل اتحاد المغرب العربي، وهدفها، المستتر أحيانا والعلني في بعض الأحيان من قبل الجزائر، هو إقصاء المغرب، في حين أن موريتانيا رفضت مرتين بشدة الانضمام إلى هذا الثلاثي الذي اجتمع في الجزائر في 2 مارس 2024، ثم في تونس في 22 أبريل.

كما أن الطرف الليبي جدد مرات عديدة تمسكه باتحاد المغرب العربي. وهكذا فشلت المناورة الجزائرية، وليتحول المشروع التبوني إلى إطار تشاوري ثلاثي حول « أمن الحدود المشتركة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وإطلاق مشاريع استثمارية مشتركة كبرى في مجالات الطاقة، وإنتاج الحبوب أو تحلية مياه البحر، ومواجهة التحديات المناخية »، كما لخصها البيان الصادر في أعقاب قمة قرطاج المنعقدة يوم 22 أبريل الماضي.

ونظرت وسائل الإعلام الجزائرية إلى تعيين الأمين العام الجديد لاتحاد المغرب العربي، على أنه انتصار دبلوماسي كبير. انتصار! ضد من؟ ضد الأمين العام السابق لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش، الذي تتهمه بأنه « خادم دبلوماسية المخزن ». وكان هذا الأخير هدفا لحملات قوية من قبل وسائل الإعلام الناطقة باسم النظام الجزائري. قبل عام واحد فقط، تعرض لانتقادات من وزارة الخارجية الجزائرية، التي اتهمته بتعيين الدبلوماسية المغربية، أمينة سلمان، ممثلة دائمة لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي، وهو التعيين الذي حصل عليه موافقة موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

في الواقع، لم تكن الجزائر راضية على الطيب البكوش بسبب صراحته، ولأنه كشف أن الجزائر هي أحد الأسباب التي تعيق حسن سير المؤسسات المغاربية، ولم تقدم منذ 2016 ولو دينارا واحدا إلى اتحاد المغرب العربي، في حين قامت الدول الأربع الأخرى بسداد مساهماتها بانتظام.

واعتبر نظام الجزائر الطيب البكوش، وهو دبلوماسي مخضرم، عقبة أمام حسن سير اتحاد المغرب العربي. سوف نرى ما إذا كانت الجزائر، مع تعيين أمين عام جديد، سيتوقف عن مهاجمة اتحاد المغرب العربي ويدفع مساهماته المالية.

يشار إلى أنه وفقا لاتفاقية مراكش، يجب أن يكون الأمين العام لاتحاد المغرب العربي تونسيا، مما يجعل طارق بن سالم الأمين العام الخامس لاتحاد المغرب العربي، بعد محمد عمامو (1991-2002)، والحبيب بولعراس (2002-2006)، والحبيب بن يحيى (2006-2016) والطيب البكوش الذي مدد ولايته ضمنيا لمدة عامين في انتظار تعيين بديل له. منذ قمة تونس عام 1994، وفي أعقاب الهجوم الذي دبره إرهابيون أغلبهم جزائريون ضد فندق أطلس أسني في مراكش، لم يتم عقد أي قمة لاتحاد المغرب العربي.

نفس جديدة أعطي، إذن، لاتحاد المغرب العربي، خاصة وأن قادة الدول الخمس اتفقوا على تعيين أمين عام جديد. وهي إشارة رمزية ذات أهمية كبيرة ولها رسالة وهي أنه لا يمكن أن يوجد في شمال أفريقيا أي إطار جهوي آخر غير اتحاد المغرب العربي. وهذا ما يفسر عدم صدور أي إعلان في قمة قرطاج الأخيرة، بسبب عدم وجود اتفاق بين الأطراف الثلاثة، بشأن إنشاء أو تحديد معالم كتلة مغاربية جديدة تهدف إلى الحلول محل اتحاد المغرب العربي. وهو ما لم يمنع وكالة الأنباء الجزائرية من الإعلان يوم 29 أبريل الجاري عن « ولادة مجموعة الثلاثة في قرطاج » وأن « المغرب العربي انتقل من الشعارات إلى الأفعال »، معلنة بكذلك « الموت السريري لاتحاد المغرب العربي »، وأن « اتحاد المغرب العربي لم يعد موجودا في الواقع » منذ 30 عاما...بسبب المغرب.

لكن المقاربة التي اتبعها رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد يونس المنفي، أظهرت بوضوح أن محاولة إنشاء كتلة مغاربية من ثلاثة أعضاء هي محاولة فاشلة. ومن خلال إرسال مبعوثين إلى المغرب وموريتانيا، في اليوم التالي لقمة تونس، أرسل رئيس السلطة التنفيذية في طرابلس رسالة لا لبس فيها مفادها أنه يجب إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي وليس استبداله.

ومع تعيين أمين عام جديد لاتحاد المغرب العربي، هناك آمال، ولو ضئيلة، في إحياء هذه المؤسسة. وهذا الأمر يرتبط بالتزام الدول الأعضاء الخمس باتخاذ إجراءات عملية لإحياء اتحاد المغرب العربي بهدف الاستجابة للتحديات التي تواجهها شعوب المنطقة برمتها.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 30/05/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 30/05/2024 على الساعة 07:00