في كتاب مثير.. المؤرخ برنارد لوغان يشرح قضية الصحراء الغربية للجاهلين

La couverture du livre de Bernard Lugan "Le Sahara Occidental en 10 questions". Editions Ellipses, Paris. 107 pages, 190 dirhams.

غلاف كتاب "الصحراء الغربية في 10 أسئلة"، بقلم برنارد لوغان، دار النشر Ellipses الفرنسية، باريس، 107 صفحات، 190 درهما

في 03/05/2024 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 03/05/2024 على الساعة 09:00

« الصحراء الغربية في 10 أسئلة »، هذا هو عنوان الكتاب الجديد للمؤرخ الفرنسي برنارد لوغان. يقدم هذا العمل معطيات ثمينة عن حقوق المغرب التاريخية في الصحراء الغربية، كما يسلط الضوء على الحبل السري الذي يربط الأمة المغربية بهذه المنطقة. وفي نفس الآن الذي يشير فيه هذا الكتاب إلى مسؤولية إسبانيا وفرنسا الاستعماريتين في تفتيت الدولة المغربية، فإنه يشرح كيف واصل النظام الجزائري، المولود عام 1962، مشروع الجزائر الفرنسية.


غلاف الكتاب يلخص محتواه ومضمونه. وهو يمثل خريطة جغرافية للمغرب، طبعت في فرنسا عام 1891. وعلى غلاف الكتاب نقرأ التعليق اللاذع التالي: « تظهر هذه الخريطة أنه بالنسبة للجغرافيين الفرنسيين في نهاية القرن التاسع عشر، كانت الصحراء الغربية، في كامل ترابها المغربي، وكذا توات وتندوف ومنطقة كولومب بشار ». وفي هذا الصدد، يعتبر كتاب المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان بمثابة كنز من الأدلة المستمدة من الوثائق التاريخية التي تثبت مغربية الصحراء الأطلسية.

صدر كتاب برنارد لوغان بعنوان « الصحراء الغربية في 10 أسئلة » عن دار النشر « Ellipses » الفرنسية. يتعلق الأمر بكتاب ديداكتيكي يقدم معطيات ثمينة على مغربية الصحراء الغربية، وهو أيضا كتاب موجز وموثق، ينبغي توزيعه وتعميمه على نطاق واسع من أجل فهم أفضل لنزاع الصحراء.

La couverture et la 4e de couverture du livre "Le Sahara Occidental en 10 questions" de l'historien français Bernard Lugan.

التصميم البسيط للكتاب يسهل قراءته. فالمؤلف يتكون من 10 فصول، يثير كل واحد منها قضية مرتبطة بنزاع الصحراء الغربية. تتم صياغة الأسئلة بشكل مباشر وتكون الإجابات عليها مبنية على حقائق موثقة لا تترك مجالا للشك أو للمناطق الرمادية. « هل يوجد شعب صحراوي؟ » أو حتى « هل كانت هناك في الماضي دولة اسمها الصحراء الغربية؟ »، هذه بعض من الأسئلة العشرة التي طرحها المؤرخ في مؤلفه الجديد.

استند برنارد لوغان في كتابه على 15 خريطة ملونة، وهي مساهمة قيمة لفهم الواقع بشكل أكثر عمقا.

عرض بارع لمغربية الصحراء

يعتمد الكتاب على عدة تخصصات، فهناك الجغرافيا السياسية بطبيعة الحال، لكن التاريخ والإثنوغرافيا هي التي تهيمن فيه. إن الجزء من الكتاب الذي يتحدث عن حقوق المغرب التاريخية في الصحراء الغربية وعمليات البتر التي تعرض لها من قبل الدولتين المستعمرتين فرنسا وإسبانيا، هو الجزء الأكثر روعة. تعد الفصول الستة الأولى من الكتاب حول هذا الموضوع بمثابة عرض بارع لمغربية الصحراء على مر القرون. الوقائع غير معروفة التي كشف عنها ستكون بدون أدنى شكل معلومات قيمة لأي شخص يبحث في نزاع الصحراء.

أحد الدروس الرئيسية المستفادة من الكتاب هو أن الصحراء الغربية هي منطقة انتزعها الاستعمار الإسباني والفرنسي من المغرب، وبالتالي لا يمكن فهم نشأة هذه المشكلة وتطورها بمعزل عن الاستعمار. وتتحمل فرنسا وإسبانيا المستعمِرتان السابقتان مسؤولية ثقيلة جدا في بتر مناطق واسعة من المغرب. ولم يتم التأكيد بشكل كاف على هذه المسؤولية حتى الآن، حيث تعبأ المغرب من أجل استعادة جزء من أراضيه المبتورة وعدم إلقاء اللوم على الذين سلبوه مناطق بأكملها.

وبهذا الخصوص يقول برنارد لوغان: « إن الصحراء الغربية ليست سوى جزءا من الصحراء الكبرى التي انتزعها الاستعمار من المغرب. لقد تم في الواقع عزل المغرب إلى حد كبير، سواء من قبل فرنسا أو إسبانيا، عن عمقه الصحراوي، وخاصة أقاليمه الواقعة بين فكيك ومنطقة توات من جهة، وكذلك بين درعة والحدود الحالية لموريتانيا ومالي من جهة أخرى ».

الإرث الاستعماري

« تاريخيا، الصحراء الغربية هي تقريبا عمق الأمة المغربية »، يكتب برنارد لوغان الذي يذكر أن العديد من السلالات التي تعاقبت في المغرب جاءت من هناك، مثل المرابطين والسعديين والمرينيين الذين استقروا في « سجلماسة في شمال الصحراء الغربية ». ومن هنا نفهم الحبل السري الذي يربط الأمة المغربية بالصحراء الغربية، وهو أمر وجودي بالنسبة للمغاربة.

ويشير المؤرخ إلى أن « حدود المناطق الصحراوية الإسبانية، المبتورة من المغرب، هي نتيجة للاتفاقيات المبرمة بين باريس ومدريد، والتي تترك لإسبانيا كامل الساحل الأطلسي من مصب وادي درعة شمالا، إلى بور إتيان (نواذيبو) جنوبا ». ويضع تسلسلا زمنيا للأحداث التي أدت إلى بتر العديد من الأراضي المغربية، بما في ذلك الصحراء الغربية. لا يمكن فهم بتر المغرب عن صحرائه الأطلسية دون ضم الجزائر الفرنسية لمناطق واسعة شرق المملكة.

في البداية كان مشروع القطار العابر للصحراء هو الذي دفع سلطات الجزائر الفرنسية إلى الاهتمام بالأراضي المغربية في قورارة وتوات، مما يسمح بإنجاز طريق أقصر للسكك الحديدية. لقد تم تجريد المغرب من هذه الأراضي على مراحل. بداية تم إرسال طلب الترخيص إلى سلطان المغرب. وكتب لوغان: « في عامي 1879 و1882، طلبت فرنسا، التي كانت تخطط لإنشاء خط سكة حديد عبر الصحراء، ترخيصا بالمرور من السلطان مولاي الحسن، مما يدل بوضوح على أن المنطقة كانت مغربية ».

عندما أصبح الوجود الفرنسي مهددا في المناطق المعنية من مسار القطار العابر للصحراء، « توجه وفد من توات في عام 1886 إلى فاس لمطالبة السلطان مولاي الحسن الأول بإرسال قوات مغربية (…). وفي عام 1887، طلب مولاي علي أولاد مولاي سليمان، زعيم زاوية كنتة بتوات، من السلطان مولاي الحسن التدخل ضد التواجد الفرنسي في القليعة ».

واستمر ضم الأراضي المغربية إلى الجزائر الفرنسية حتى بعد استعمار فرنسا للمغرب. وابتداء من عام 1935 « أصبح للجزائر منفذ على الصحراء التي لم يمتلكها قط أسلاف الفرنسيين، أي الأتراك ».

أما بالنسبة لتندوف، فلم يتم ضمها إلى الجزائر الفرنسية إلا في عام 1934. ويوضح لوغان أن « الإدارة المغربية كانت تمارس دائما في وادي تندوف التي كانت تتبع لخليفة تافيلالت، ويتم تعيين قيادها بظهير سلطان المغرب ».

وحتى بعد احتلالها من قبل فرنسا في عام 1934، ظلت تندوف مرتبطة إداريا بمنطقة أكادير حتى عام 1956. ولكن قبل استقلال المغرب مباشرة، « تم ترسيم مسار الحدود الجزائرية المغربية بشكل عاجل من طرف واحد »، كما يوضح المؤلف. « ثم تم اقتراح حل لصالح الجزائر الفرنسية » التي قامت باقتطاع منطقة تندوف من المغرب.

« في يوليوز 1962، عند استقلال الجزائر، سمحت فرنسا لجيش التحرير الوطني الجزائري بالاستقرار فيها بدلا من الجيش المغربي، وهكذا أصبحت المدينة المغربية، تندوف، جزائرية ».

لكن عندما غادر الفرنسيون، رفع سكان تندوف العلم المغربي، لكنهم تعرضوا لقمع دموي من قبل الجيش الجزائري، الذي اكتسب منذ التاريخ سمعة لم تختف أبدا: إطلاق النار على السكان المدنيين العزل. بخصوص هذا الموضوع، يكتب برنارد لوغان: « في يوليوز 1962، عند استقلال الجزائر، رفع سكان تندوف العلم المغربي. وفي 3 شتنبر، أطلق الجيش الجزائري النار على حشد يطالب بعودة تندوف إلى المغرب. وفي 2 أكتوبر، أُمر القائد بإزالة العلم المغربي الذي كان يرفرف على القصبة. في 8 أكتوبر، غزا الجيش الجزائري تندوف، وفي مواجهة القمع الجزائري، اضطر القائد إلى الفرار إلى المغرب مع عدة آلاف من السكان ».

وهكذا، بعد استقلالها، «طلب من الدولة المغربية ذات الألف سنة القبول بخسارة أقاليمها الشرقية (توات، الساورة، تيديكلت، قورارة ومنطقة تندوف)، والقبول بضمها إلى الجزائر، الدولة التي أخرجها المستعمر إلى النور في عام 1962″. فضيحة!

دلائل مغربية الصحراء الغربية من خلال الوثائق التاريخية

تمتد سيادة المغرب على الصحراء الغربية على مدى عدة قرون. ومن خلال الوثائق التاريخية يقدم برنارد لوغان الدليل على ذلك في أماكن مختلفة في كتابه. كان الإسبان مهتمون في وقت مبكر جدا بالساحل المغربي على المحيط الأطلسي. في عام 1476، قام رجل إسباني ببناء حصن بالقرب من طرفاية أطلق عليه اسم سانتا كروز دي مار بيكينيا. ويوضح برنارد لوغان: « في عام 1527، قام سلطان المغرب أحمد الوطاسي (1524-1550) بتدميره، وهذا دليل على أن المنطقة في ذلك الوقت كانت بالفعل مغربية ».

بالإضافة إلى ذلك، في القرن الثامن عشر، وقع المغرب وإسبانيا على العديد من المعاهدات حيث منح السلاطين المغاربة حقوق الصيد أو الاستقرار على ساحل الصحراء الأطلسية. ويستشهد برنارد لوغان بالعديد من هذه الوثائق الدبلوماسية التي تشهد على مغربية الصحراء. « في 28 ماي 1767، تم التوقيع على معاهدة « السلام والتجارة » الإسبانية-المغربية، والتي نصت على أن « جلالة السلطان يمنح الإسبان و »سكان جزر الكناري » الحق الحصري في الصيد من سانتا كروز دي مار بيكينيا شمال وادي الذهب ».

معاهدة أخرى: « في فاتح مارس 1799، بموجب « معاهدة السلام والصداقة » الموقعة في مكناس، منح السلطان مولاي سليمان (1792-1822) مرة أخرى « لسكان جزر الكناري ولجميع الرعايا الإسبان »، الحق الحصري الصيد مباشرة على الساحل الصحراوي ».

وفي نفس هذه المعاهدة، جاء أنه « إذا تحطمت سفينة إسبانية ما وراء سوس أو وادي نون، فإن جلالة السلطان سيستخدم كل الوسائل الممكنة لإنقاذ الغرقى وتسليمهم إلى بلادهم ».

واعترفت قوى أوروبية أخرى بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ويتجلى ذلك من خلال معاهدة 1895 الموقعة بين المغرب وبريطانيا العظمى والتي تنص على أنه « لا يمكن لأحد المطالبة بالأراضي الواقعة بين وادي درعة ورأس بوجدور وفي الداخل، لأن كل هذه الأراضي هي جزء من الأراضي المغربية ». ونفس الشيء بالنسبة لألمانيا. ويذكر المؤلف في هذا الموضوع أنه « في عام 1889، تم اختطاف سبعة مستكشفين ألمان في الساقية الحمراء، وتم إطلاق سراحهم من قبل سلطان المغرب، مما يدل على أن سلطته الفعلية امتدت فعليا إلى هذه المنطقة ».

وتثبت هذه المعاهدات والوثائق التاريخية التي استشهد بها المؤلف أن القوى الأوروبية اعتبرت الصحراء الغربية مغربية، إذ كانت تطلب بين الحين والآخر من سلطان المغرب التدخل لتقديم المساعدة لبحارتها الغرقى أو تحرير مواطنيها الذين أسرتهم القبائل المحلية.

« الدولة الصحراوية ».. امتداد لنظام الجزائر

إن استعادة المغرب للصحراء الأطلسية لا يعود تاريخها إلى المسيرة الخضراء.

فمنذ استقلال المغرب عام 1956، كانت الصحراء الغربية في قلب العمل السياسي والعسكري للسلطات المغربية. سياسيا، في مارس 1956، دعم الملك محمد الخامس تنظيم مؤتمر الساقية الحمراء « حيث أعلن عدة آلاف من ممثلي جميع قبائل المنطقة مغربيتهم وتمسكهم بالعرش العلوي ».

عسكريا، منذ عام 1957، حارب جيش التحرير الوطني المغربي الإسبان بالسلاح، بل ونجح في تحرير مدينة السمارة. يتذكر المؤلف قائلا: « في نونبر 1957، كانت الصحراء الإسبانية بأكملها تقريبا تحت سيطرة جيش التحرير الوطني، باستثناء ثلاث نقاط مقاومة: فيلا سيسنيروس (Villa Cisneros)، والعيون، ورأس جوبي ». ثم قدم الجيش الفرنسي يد المساعدة للجيش الإسباني بالتدخل في الصحراء الأطلسية. وبفضل تدخل الجيش الفرنسي، تراجع جيش التحرير الوطني نحو الشمال. ويذكرنا التحالف العسكري الفرنسي مع إسبانيا في الصحراء الغربية، حتى لو كانت الوسائل العسكرية غير قابلة للمقارنة، بأول عملية استعمارية فرنسية-إسبانية خلال حرب الريف (1925-1927).

وعلى الصعيد السياسي دائما، « في عام 1962، وأمام رفض إسبانيا تسليم الصحراء الغربية للمغرب، قرر الملك الحسن الثاني أن يطلب من لجنة إنهاء الاستعمار التابعة للأمم المتحدة إدراج إفني والصحراء الغربية على قائمة الأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي ».

وعلى الرغم من هذا الارتباط الملحوظ، منذ عام 1956، من قبل المغرب بأراضيه في الجنوب الأطلسي، واصل نظام الجزائر الحديث عن الصحراء باعتبارها مسألة إنهاء الاستعمار. ماذا تخفي هذه الرواية؟

تصفية الاستعمار في إفريقيا لن تكتمل ما دام المغرب لم يستعد الأراضي التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر

إحدى الأسطوانات التي يرددها النظام الجزائري دائما هي القول بأن « الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في أفريقيا » والرغبة المستمرة في ربط هذه القضية بمشكلة تصفية الاستعمار. في الواقع، يوضح برنار لوغان، يتعلق الأمر بـ »صراع مصطنع سمح للجزائر باستبعاد مسلسل تصفية الاستعمار التي كان ينبغي عليها القيام بها في الداخل، عام 1962، من خلال إعادة الأراضي المغربية التي انتقلت مباشرة من الاستعمار الفرنسي إلى الاستعمار الجزائري، إلى المغرب. وهذه الأراضي هي كولومب بشار وتندوف والساورة وتوات وقورارة وتيديكلت. وبخصوص هذا الموضوع، يستشهد برنارد لوغان بالمؤرخ المغربي جيلالي العدناني الذي أوضح في كتابه « الصحراء في عهد الاستعمار » مناورة النظام الجزائري التي خلقت صراعا مصطنعا بهدف حرف الأنظار عن مسألة إنهاء استعمار الأراضي المغربية التي نهبها الاستعمار الفرنسي وضمها إلى الجزائر الفرنسية.

إن مناورة النظام الجزائري لا يمكن أن تنطلي على الأشخاص الذين يعرفون جوهر الملف. وفي هذا الصدد، أعلن أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، يوم 23 يونيو 2023، خلال مؤتمر عقد في معهد العلوم السياسية في باريس، أن الصحراء الغربية بعد إنهاء استعمارها في عام 1975 « لم تعد مطروحة في إطار مسلسل إنهاء الاستعمار ». من خلال قراءة كتاب برنارد لوغان، نفهم أن العملية الحقيقية لإنهاء الاستعمار التي يجب إكمالها هي إرجاع الأراضي التي سلبتها فرنسا المستعمرة من المغرب وضمتها إلى الجزائر.

الوصول إلى المحيط الأطلسي.. فكرة قديمة للجزائر الفرنسية

إذا كانت الجزائر الفرنسية، في كتاب برنارد لوغان، عنصر مهم لفهم أصول قضية الصحراء الغربية، فإن الجزائر، المولودة عام 1962، ساهمت في تأجيج وإدامة صراع يخدم المخططات التي صممت قبل وجودها.

ويوضح المؤلف قائلا: « إن قضية الصحراء الغربية هي أيضا، بالنسبة للجزائر، وسيلة لكسر عزلتها القاري من خلال محاولة الحصول على منفذ على المحيط الأطلسي، عبر دولة صحراوية وهمية، وبالتالي استئناف المشروع الاستعماري الفرنسي القديم ». ويضيف أن فرنسا الاستعمارية قد كان لديها مشروع لولوج الجزائر الفرنسية إلى المحيط الأطلسي عبر المغرب. ومن خلال خريطة معبرة للغاية، يمكننا حتى تصور مشروع بفتح منفذ للجزائر الفرنسية على المحيط الأطلسي.

La carte prouvant que la France coloniale avait déjà fomenté le projet d’un accès de l’Algérie française à l’Atlantique via le Maroc.

ومن مفارقات الجزائر المستقلة التي جعلت من « ريع الذاكرة »، على حد تعبير الرئيس إيمانويل ماكرون، أحد ركائز النظام، أنها في الوقت ذاته تمجد مناهضة الاستعمار، تدافع بحماس شديد عن الإرث الاستعماري. ومن خلال السعي إلى الانفتاح على المحيط الأطلسي، « أظهرت الجزائر المستقلة أنها الوريث المباشر للجناح الأكثر تطرفا للاستعمار الفرنسي، ذلك الذي غذى المشروع المجنون المتمثل في الاستيلاء على الجنوب المغربي من أجل فتح منفذ للجزائر الفرنسية على المحيط الأطلسي ». إلى الجزائر الفرنسية »، بحسب رأي المؤلف.

الأطماع الأطلسية للجزائر، المولودة عام 1962، كشفها المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، جيمس بيكر. ففي عام 2001، اقترح الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على جيمس بيكر فكرة تقسيم الصحراء الغربية كحل للصراع. وقد تناول الأمين العام للأمم المتحدة مقترح التقسيم هذا في تقريره السنوي حول الصحراء الغربية. وفي هذا التقرير المقدم إلى مجلس الأمن سنة 2002، أوضح كوفي عنان أن « الجزائر وجبهة البوليساريو مستعدان لدراسة تقسيم الإقليم أو التفاوض بشأنه كحل سياسي لنزاع الصحراء الغربية ». بل الأكثر من ذلك، في نفس العام، بعثت الجزائر رسالة إلى رئيس مجلس الأمن جاء فيها أن « الجزائر لا تزال مستعدة لدراسة اقتراح السيد بيكر بشأن احتمال تقسيم أراضي الصحراء الغربية بين الشعب الصحراوي والمملكة المغربية ».

لكن والحال هذه « خطة تقسيم الصحراء الغربية لم تكن فكرة جيمس بيكر، بل كانت نتيجة اقتراح قدمه الرئيس بوتفليقة لجيمس بيكر، في هيوستن، في 2 نونبر 2001″، يوضح الكاتب. وتساءل قائلا: « في مقترح التقسيم هذا بين الرباط والجزائر أين هو مبدأ تقرير المصير الذي ظلت الجزائر تتمسك به منذ ما يقرب من نصف قرن، والذي لا تزال تطرحه حتى اليوم؟ ».

التمييز بين « الدول الجديدة » والدول ذات السيادة

إحدى نقاط القوة في تحليل برنارد لوغان الموثق هو أنه يربط بشكل جوهري صراع الصحراء الغربية بالجزائر. ومن تناقضات هذا البلد أنه في نفس الوقت الذي يدين فيه الاستعمار وجرائمه وغيرها، فإنه يدافع بقوة عن الحدود الموروثة عن الاستعمار. فمن ناحية، يقدس نظام الجزائر رواية النضال ضد كل ما يتعلق بالاستعمار، ومن ناحية أخرى، يعتز بتراث الاستعمار، وخاصة فيما يتعلق بترسيم الحدود. لفهم التناقضات الجزائرية، يقدم برنارد لوغان نظرة ثاقبة تستند إلى التاريخ والقانون الدولي. « لقد تمسكت الجزائر بالوضع الاستعماري، أي بالحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار.

وذلك بموجب المبدأ الذي أقرته الأمم المتحدة والذي بموجبه « يتم تحديد حدود الدول الجديدة على أساس حدود الأقاليم المستعمرة السابقة التي تعوضها هذه الدول ». ومع ذلك، فإن مبدأ الأمم المتحدة هذا لا ينطبق إلا على « الدول الجديدة » مثل الجزائر، وليس على الدول ذات السيادة مثل المغرب. إن تحليل برنارد لوغان بهذا المعنى واضح للغاية.

وخلافا للجزائر، فإن المغرب ليس صنيعة استعمارية. ويذكر المؤلف أن « المغرب ولد في القرنين الثامن والتاسع الميلادي، في عهد الأدارسة. في عام 987، عندما اعتلى أوغو كابي (Hugues Capet)، أول ملك كابيتي، عرش فرنسا، كان عمر الدولة المغربية حينها قرنان من الزمن ».

تحرير من طرف طارق قطاب
في 03/05/2024 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 03/05/2024 على الساعة 09:00