محاكمة نجل الرئيس الجزائري ضمن مهربي الكوكايين: من يريد رأس عبد المجيد تبون؟

Le président algérien Abdelmadjid Tebboune (AFP).

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب). AFP or licensors

في 27/06/2025 على الساعة 15:51

إن إعادة محاكمة البوشي بشكل مثير تحيي فضيحة اعتقدت السلطات الجزائرية أنها قد أقبرتها. وفي قلب هذه الفضيحة، تكمن تدخلات عبد المجيد تبون المتكررة لحماية ابنه، المتورط في شبكة دولية لتهريب الكوكايين. وهذا يلقي الضوء على الممارسات المافيوية لنظامٍ تنخره المحسوبية وتصفية الحسابات.

مرت هذه المعلومة في سرية تامة، ولكنها تكشف بوضوح عن مناورة محكمة تستهدف رئيس «الدولة». في 15 يونيو 2025، أعاد القضاء الجزائري فتح قضية اعتقد عبد المجيد تبون أنها أقبرت إلى الأبد: ما يسمى بمحاكمة البوشي، وهو اللقب الذي يطلق على المنعش العقاري الذي تحول إلى تاجر مخدرات، والذي ضبطت له حوالي 701 كيلوغرام من الكوكايين في ميناء وهران في ماي 2018، مما أدى إلى إحداث زلزال سياسي وقضائي في الجزائر. هذه المحاكمة، التي أحياها جناح معارض لتبون من داخل النظام نفسه، هي أكثر من مجرد معركة قضائية، بل إنها فصل من فصول المواجهة التي لا تنتهي بين مختلف أجنحة السلطة الجزائرية. وفي قلب هذه العاصفة، يبرز اسم خالد تبون، نجل الرئيس الجزائري. فإذا عادت هذه المحاكمة إلى الواجهة عام 2025، فسيكون ذلك لتذكير الرأي العام الجزائري، والعالم، بواحدة من أكثر قضايا الفساد في «عهد» عبد المجيد تبون.

مرة أخرى، وبفضل ضغط الأب، أجلت المحاكمة... إلى أجل غير مسمى. لم يحدد موعد آخر للمحاكمة. وهذا أمر نادر جدا. وأوضح أحد الخبراء قائلا: « قد يستخدَم التأجيل دون تحديد موعد أحيانا بشكل استراتيجيٍّ لقبر قضية ما، لا سيما في القضايا الحساسة. ولذلك، يجب تبرير هذا القرار. ويمكن للأطراف، في بعض الحالات، إحالة الأمر إلى هيئة أعلى (مثل النيابة العامة أو محكمة الاستئناف) إذا اعتقدت أن حقوقها قد مست أو انتهكت». ولكن في هذه الحالة، لا شيء يبرر التأجيل إلى أجل غير مسمى، سوى أن الأب قد تدخل مرة أخرى.

إن إعادة محاكمة البوشي ليست مجرد حماس قضائي: إنه يرسِل إشارة قوية إلى الرئاسة. إنها رسالة تحذير. منذ توليه منصبه في دجنبر 2019، حرص عبد المجيد تبون على محو كل آثار هذه القضية، بل وصل به الأمر إلى تبرئة ابنه خالد رغم اتهامات خطيرة وجهت له تتعلق بـ«الفساد» و«استغلال النفوذ» و«تلقي هدايا غير مستحقة».

كان كل شيء مدبرا لإغلاق الملف. في يناير 2020، أعادت المحكمة العليا تكييف القضية. وعقد قاضي محكمة سيدي امحمد جلسة محاكمة صورية. وكانت النتيجة: تبرئة سريعة في 26 فبراير 2020. إنه مثال صارخ على قضاء مذعن ومشوه وخاضع للأوامر.

ابن الرئيس.. شخصية مهمة في سجن الحراش

للإشارة، اعتقل خالد تبون عام 2018 بينما كان والده مغضوبا عليه بعد فترة وجيزة قضاها كوزير أول من 25 ماي إلى 15 غشت 2017. سجن في سجن الحراش، وحظي بمعاملة تفضيلية صارخة عند انتخاب والده رئيسا. حوِل المستوصف إلى جناح خاص لإيوائه. مدير السجن بنفسه أمر بذلك وأكد قائلا: «لن يمكث طويلا»، كما لو كان يعلن عن عفو مبكر.

وهكذا، تحركت آلة الدولة. نظام قضائي خاضع للتعليمات، ومدعون عامون مذعنون، ورئيس قوي مستعد لفعل أي شيء لحماية ابنه من عواقب أفعاله. حتى الرأي العام المصدوم فشل في كسر جدار الإفلات من العقاب الذي شيد حول سلالة تبون.

إن إعادة فتح محاكمة البوشي كسرت أسطورة السلطة المطلقة للرئاسة. وتكشف أن داخل السلطة نفسها هناك أجنحة اختارت الضرب في الموضع الذي يؤلم أكثر: داخل العائلة.

لأن خالد ليس حالة معزولة. لقد اتخذت رئاسة تبون مظهرا ملكيا من عصر آخر: يبدو أن لكل من أبناء الرئيس مجال نفوذه الخاص. محمد، الابن الأكبر، مستشار سري. صلاح الدين إلياس، من محبي سيارات الرئاسة، يناور خلف الكواليس. تهيمن سلوى ومها على التعيينات وشبكات النفوذ. حكومة ظل حقيقية، منظمة حول أهواء العائلة.

رئيس مافيا داخل دولة عصابات

تبون، الذي وعد بتطهير الحياة العامة، حول نفسه إلى زعيم عصابة، مستخدما موارد الدولة كما لو كانت ثروته الشخصية. وتعدّ قضية أمير دي زاد، المعارض المقيم في فرنسا، والذي تعرض لعملية اختطاف ومحاولة اغتيال مدبرة انطلاقا من الجزائر في أبريل 2024، دليلا آخر على آليات السلطة المافيوية.

وبحسب مصادر مطلعة، فقد حظيت العملية، التي قادتها المخابرات الجزائرية، بموافقة مباشرة من تبون نفسه. وقد تم حشد عملاء من قنصلية كريتيل لهذه العملية القذرة.

وفي الآونة الأخيرة، كشفت قضية رفض منح تأشيرة محامي بوعلام صنصال عن الشخصنة المفرطة للسلطة: فقد كانت الرئاسة هي التي أمرت بالمنع لمعاقبة كاتب أهانه تبون علنا. لم يعد هذا حكما رشيدا، بل ثأرا من كاتب أعزل. ومع إعادة محاكمة البوشي، يتصدع صرح الإفلات الرئاسي من العقاب بأكمله. الرسالة واضحة: لن يتمكن الرئيس من حماية أبنائه إلى الأبد أو عرقلة العدالة. يظهر إعادة فتح هذه القضية الحساسة أن صراعات السلطة لن تسلم منها العائلة الرئاسية.

وفي هذا النظام القائم على السرية والخوف والتنازلات، قد تندلع تصفية حسابات داخلية في أي وقت.

ظن عبد المجيد تبون أنه أغلق صفحة الكوكايين في وهران. لكن حرب الأجنحة داخل السلطة قررت إعادة فتحها. وهذه المرة، قد يكون مقعده هو الذي يتداعى.

قضية الخليفة: ماض لازال شبحه يلاحق الرئيس الجزائري

مع أن عبد المجيد تبون، الذي يقدم على أنه رجل التجديد في مرحلة ما بعد بوتفليقة، ونموذج « الجزائر الجديدة »، إلا أنه يحمل ندوب نظام حكم يدعي أنه يحاربه. في قلب قضية الخليفة، إحدى أكبر الفضائح المالية في الجزائر المستقلة، يعود دوره الغامض إلى الواجهة، وسط غموض قانوني، وامتيازات مشبوهة، وحصانات مريحة.

في 12 دجنبر 2019، أصبح عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، في ظلّ رفض شعبي واسع. يرى الكثيرون أن هذه الانتخابات، التي أيدها رئيس أركان الجيش، تجسّد استمرارية نظام مكروه. لكن « الجوكر » الذي اختاره قايد صالح لإعادة الطابع المدني للنظام ليس شخصية جديدة على الإطلاق. فتبون يجر خلفه ماض وزاري وقضائي أسود.

في عام 2001، بصفته وزيرا للإسكان، كان من بين أعضاء الحكومة الذين وردت أسماؤهم في فضيحة بنك خليفة الضخمة. فضيحة مالية كبرى اختلس خلالها رفيق خليفة أكثر من 6 مليارات دولار من المال العام، معظمها من ودائع شركات وطنية كبرى ودواوين الترقية والتسبير العقاري.

خلال المحاكمة الأولى عام 2007 في البليدة، اتهم العديد من مديري دواوين الترقية والتسيير العقاري تبون تحديدا بأنه صاحب المراسلات الوزارية التي شجعنهم على إيداع فائض أموالهم في بنوك خاصة، رغم أن البنك الوحيد العامل آنذاك كان بنك خليفة. ونظرا لخطورة الوقائع، استدعي تبون كشاهد. أنكر كل شيء وتحصن خلف الاستقلالية القانونية لدواوين الترقية والتسيير العقاري. ومع ذلك، أشار المتهمون من الدواوين إلى مصدر واحد للأوامر: الوزير الوصي. ووجدت المحكمة أنهم نفذوا « أوامر عليا » دون الرجوع إلى التسلسل الإداري.

قرض وهمي وبطاقة ذهبية حقيقية

لكن القضية لم تتوقف عند المراسلات فحسب. فقد استجوبت المحكمة تبون أيضا بشأن بطاقة ماستركارد غامضة باسمه، صادرة عن بنك خليفة، رغم ادعائه عدم امتلاكه حسابا لدى المؤسسة.

واعترف باستخدامها عام 2002 لدفع تكاليف العلاج الطبي والإقامة الفندقية في باريس. ما هو المبلغ المقدر للقرض؟ 34 ألف دولار، وفقا للأرقام المعلن عنها بعد تصفية بنك خليفة.

وثيقة قدمت إلى المحكمة العليا، ثم نشرتها صحيفة الخبر لفترة وجيزة قبل سحبها تحت الضغط، تدرج 20 شخصية استفادت من بطاقات مسبقة الدفع في الخارج. من بينهم تبون، الذي لطالما وصف بأنه « الرجل النظيف » للنظام. لم يسترد أي مبلغ.

في عام 2012، فاجأت المحكمة العليا الجميع: وجهت إلى تبون في قضية خليفة تهم «التواطؤ في تبديد أموال عامة» و«الاختلاس». ومع ذلك، حظي بمعاملة تفضيلية: إذ أفرج عنه على ذمة التحقيق، واستفاد من الامتياز القضائي المخصص لكبار المسؤولين، وفقا للمواد من 574 إلى 577 من قانون الإجراءات الجزائية.

بعد بضعة أشهر، أُعيد تبون نفسه إلى الحكومة كوزير للإسكان في حكومة سلال. حولت هذه الحيلة القضائية المتهم إلى شاهد، ثم إلى وزير.

في عام 2019، قدم تبون، الذي لا يزال ماضيه غامضا، كوجه التغيير من قبل نظام عسكري متداع.

تم «التعامل بكرم» مع كبار المسؤولين والوزراء دون أن يظهروا رسميا على أنهم من أصدروا الأوامر. وبينما قضى المسؤولون الثانويون عقوبات بالسجن، ارتقى كبار المسؤولين في النظام في المناصب.

تجسد قضية خليفة وحدها الإفلات الانتقائي من العقاب في الجزائر. تبون، المستفيد السابق من النظام، هو الآن الضامن الأعلى له. لكن أعادة محاكمة البوشي يذكر بالأسرار الكثيرة التي تخفيها عائلة تبون. كما تذكر بالماضي المظلم لرجل كان أحد المستفيدين من الممارسات التي يدعي اليوم محاربتها.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/06/2025 على الساعة 15:51