الأمين العام للاتحاد المغاربي الطيب البكوش يفضح من جديد الطغمة العسكرية ويثير غضب أصواتها الدعائية

الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش

في 03/05/2023 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 03/05/2023 على الساعة 18:45

في مقابلة بثتها، يوم الإثنين، قناة فرانس 24، أشار الطيب البكوش، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، بوضوح، وبأمثلة ملموسة، إلى مسؤولية الجزائر في استمرار شلل هذه المنظمة الإقليمية التي يرأسها منذ 7 سنوات. صراحة الدبلوماسي التونسي أثارت غضب إعلام الطغمة العسكرية الجزائرية التي قامت بالتهجم عليه.

التونسي الطيب البكوش هو «مغاربي قح». هذا النقابي السابق والأستاذ الجامعي المتخصص في اللسانيات والوزير السابق بما في ذلك وزيرا للشؤون الخارجية التونسية (2015-2016) والرئيس الفخري للمعهد العربي لحقوق الإنسان، يستعد لمغادرة الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي الذي ترأسه منذ 5 ماي 2016. يغادر منصبه مع أسف واحد فقط، وهو أن الجزائر منعته من تنفيذ مهمته للتقدم، ولو بمقدار ذرة واحدة، في البناء المغاربي.

هذا هو الشعور الذي عبر عنه بوضوح يوم الاثنين فاتح ماي خلال مقابلة مع قناة فرانس 24 الناطقة بالعربية. في هذه الخرجة الإعلامية القصيرة التي استمرت حوالي ربع ساعة، تحدث قبل كل شيء عن خلافاته الأخيرة مع الطغمة العسكرية الجزائرية بعد تعيين الدبلوماسية المغربية، أمينة سلمان، ممثلةً دائمةً لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي. وقال إنه فوجئ، من خلال الصحافة، برد الفعل الدبلوماسية الجزائرية الذي وصفه بأنه «زوبعة في فنجان» بعد احتجاجها على هذا التعيين. وأوضح أن رد الفعل الرسمي الوحيد الذي تلقاه هو مذكرة قادمة من أديس أبابا وموقعة من سفير الجزائر في الاتحاد الإفريقي.

على قناة فرانس 24، دافع الطيب البكوش مرة أخرى عن شرعية نهجه، لأنه، حسب قوله، «مبدأ التعيين في هذا المنصب قد تم الاتفاق عليه منذ عام 2018، عندما أعطت الدول المغاربية الخمس الضوء الأخضر على ذلك خلال قمة الاتحاد الإفريقي في نواكشوط، بعد طلب من رئيس المفوضية الإفريقية موسى فقي».

هذا التعيين، الذي تأخر بسبب وباء كوفيد-19، يجب اليوم الترحيب به من طرف جميع دول اتحاد المغرب العربي، لأنه يضع حدا للغياب الملحوظ لتمثيلهم كمجموعة اقتصادية مع الاتحاد الإفريقي، في حين أن المجموعات الاقتصادية الإقليمية السبعة الأخرى في الاتحاد الإفريقي ممثلة فيه منذ فترة طويلة. ويتعلق الأمر بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ومجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية، ومجموعة شرق إفريقيا، والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقي، وتجمع دول الساحل والصحراء، والسلطة الحكومية للتنمية.

كما برر البكوش تعيين الدبلوماسية المغربية بكون اتحاد المغرب العربي، باعتباره مجموعة اقتصادية إقليمية، فإن المغرب، بحكم كونه المسؤول عن إدارة الشؤون الاقتصادية لهذه الهيئة، وبالتالي هو المخول له بطبيعة الحال تمثيل الاتحاد المغاربي لدى الاتحاد الإفريقي.

على الرغم من أن فترة ولايته الثانية التي دامت ثلاث سنوات انتهت فعليا في غشت الماضي، وهو ما تلومه وسائل الإعلام الجزائرية على البكوش، إلا أن هذا الأخير لا يزال، ومن الناحية القانونية، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي طالما لم يتم تعيين خلفه. البكوش الذي أراد تقديم استقالته في منتصف نونبر 2022، أخبر من بلده الأصلي تونس التي لديها الحق الحصري في هذا المنصب والمغرب حيث يوجد المقر الدائم لاتحاد المغرب العربي أنه مازال من الناحية القانونية الأمين العام للاتحاد المغاربي ما دام لم يتم تعيين خليفته.

قضية الولاية هذه لا تعني شيئا على الإطلاق، حيث بقي سلف الطيب البكوش، أي مواطنه الحبيب بن يحيى، لثلاث فترات متتالية على رأس اتحاد المغرب العربي (من فاتح فبراير 2006 إلى 5 ماي 2016)، بالإضافة إلى عام آخر بانتظار تعيين خليفته دون أن تشكك الجزائر في صفته كأمين عام لاتحاد المغرب العربي.

أشار البكوش إلى أن الجزائر هي آخر دولة يمكنها أن تتحدث عن الشرعية أو معارضة تعيين الدبلوماسية المغربية، لأن الجزائر لم تسحب فقط، اعتبارا من عام 2016، جميع دبلوماسييها المعتمدين لدى اتحاد المغرب العربي، ولكن أيضا منذ ذلك التاريخ، لم يدفع النظام الجزائري أي درهم في خزينة المنظمة المغاربية، وترك الأمر بلا خجل لأمانة اتحاد المغرب العربي لدفع رواتب الموظفين الجزائريين. والأسوأ من ذلك، أنها قطعت العلاقات مع الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، ولم تقبل دعوة اتحاد المغرب العربي إلى القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية التي عقدت في الجزائر في نونبر الماضي، على الرغم من أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أرسل رسالة دعوة شخصية للأمين العام للاتحاد المغاربي.

وردا على سؤال حول قضية الصحراء، أكد البكوش أن المشكلة الحقيقية ليست هي التي تعيق عملية الاندماج المغاربي، كما يميل البعض إلى الاعتقاد، لكن السبب الحقيقي يكمن في العداء الذي لا يمكن تفسيره للجزائر تجاه المغرب، لأن اتحاد المغرب العربي أنشئ في عام 1989 فيما اندلع نزاع الصحراء قبل خمسة عشر عاما، أي في عام 1975.

وأعرب عن أسفه لفشل محاولاته المتعددة للتقريب بين الجارين المغاربيين الكبيرين، من خلال تفادي إثارة نزاع الصحراء، ويعود هذا الفشل إلى تصعيد ومزايدات الجزائر التي أدت إلى القطيعة الديبلوماسية التامة بين البلدين.

بالإضافة إلى التدهور في العلاقات الجزائرية المغربية، خلقت الجزائر أيضا خلافًا بين المغرب وتونس لأنه، وفقا للبكوش، فإن الترحيب الذي خصه قيس سعيد لزعيم انفصاليي البوليساريو في غشت الماضي هو «مناورة»، ولكن «لا ينبغي البحث عن أصلها في الجانب التونسي»، على اعتبار أن «تونس أبدت دائما حيادا إيجابيا في نزاع الصحراء».

على الرغم من كل شيء، لا يزال البكوش متفائلا بشأن مستقبل اتحاد المغرب العربي، الذي ستقوده الأجيال الجديدة المقبلة، أي عندما يغادر الحكام الجزائريون الطاعنون في السن، سدة الحكم.

نفس التفاؤل مطلوب أيضا في ما يتعلق بملف الصحراء. أوضح الطيب البكوش أن «تسوية هذا النزاع ممكنة، طالما أن الأمم المتحدة تنكب عليه وتتحرك ببطء ولكن بثبات في الاتجاه الصحيح، أي الحل السياسي الذي لا مفر منه».

بمعنى آخر أن اتحاد المغرب العربي لم تعد له علاقة بتسوية هذا الصراع، الذي تظل مسؤولية الحصرية منحصرة لدى الأمم المتحدة، كما قرر الاتحاد الإفريقي منذ مدة.

من الواضح أن صراحة الأمين العام لاتحاد المغرب العربي تفسر الهجمات العنيفة التي قامت بها وسائل الإعلام التابعة للطغمة العسكرية الجزائرية مثل موقع الشروق أونلاين، الذي نشر مقالا تحت عنوان «البكوش التونسي بجبة سوداء للمرافعة عن نظام المخزن»، في حين أن «Algérie maintenant» طلب من قيس سعيد «العثور بسرعة على بديل للطيب البكوش».

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 03/05/2023 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 03/05/2023 على الساعة 18:45