كزافيي دريانكور يُحلّل لماذا لن يعود الحراك في الجزائر ولماذا سيستمر النظام

Le Grand Témoin par Le360: au coeur de «L'énigme algérienne» avec Xavier Driencourt

كزافيي دريانكور، سفير فرنسا في الجزائر مرتين ومؤلف الكتاب الشهير تحت عنوان «اللغز الجزائري» والمتخصص في شؤون الجارة الشرقية، ضيفا على Le360 في إطار سلسلة ندوات «Le Grand Témoin» التي يعقدها Le360

في 03/11/2024 على الساعة 18:24

حل كزافيي دريانكور، سفير فرنسا في الجزائر مرتين ومؤلف الكتاب الشهير تحت عنوان «اللغز الجزائري» والمتخصص في شؤون الجارة الشرقية، ضيفا على Le360 في إطار سلسلة ندوات «Le Grand Témoin» التي يعقدها Le360. الدعم الفرنسي للسيادة المغربية على الصحراء وتأثيره على العلاقات بين باريس والجزائر، وشروط خروج فرنسا مما سَمّاه «الفخ الجزائري»، وآفاق تطور «النظام»... كانت هذه بعض العناوين الكبرى لهذا اللقاء الغني.

كزافيي دريانكور هو دبلوماسي فرنسي قضى فترة طويلة كسفير في الجزائر. وعلق بنوع من الدعابة خلال هذا اللقاء قائلا: «لأنني لم أنجح في المرة الأولى، فرض علي إعادة الصف». وكانت الفرصة مثالية، حيث تم إصدار كتاب تحت عنوان :«اللغز الجزائري: مذكرات سفارة بالجزائر»، وهو تحليل رائع لهذا البلد القريب جدا ولكنه غامض للغاية، ويكشف عن تعقيده وما يسميه الجزائريون أنفسهم «النظام».

«هذا ليس كتابا من الذاكرة. لدي مذكرات قيد الإعداد»، هذا ما أكده الديبلوماسي الفرنسي. وقد أثنى مسير اللقاء رشيد العشعاشي، الخبير والمحلل وكاتب رأي، على الكتاب. وعلق قائلا: «الكتاب يشبه رواية استقصائية. نتتبع الشخصية الرئيسية، هناك قدرة على إعادة خلق سياق لكل لحظة، ليس فقط سياسيا، بل عاطفيا وذهنيا. وفي بعض الأحيان، كان لدي انطباع بأنني في الغرفة نفسها التي كان فيها كزافيي دريانكور وهو يتحدث إلى وزير جزائري على سبيل المثال». وحذر مسير اللقاء قائلا: «ومع ذلك، فإن هذا ليس كتابا للإدانة من السهل مواجهته». «لقد أردت أن أكتب لوحة للجزائر الحالية بنقاط قوتها ونقاط ضعفها وتناقضاتها، وتعقيدات نظامها السياسي، وصعوبة العلاقة مع فرنسا»، كما يؤكد المؤلف نفسه. وهذا الأمر كان كافيا ليكون النقاش غنيا وشيقا، خاصة بفعل كثرة المواضيع. وفيما يلي ملخص لهذا النقاش.

أن تكون دبلوماسيا فرنسيا في الجزائر

بالنسبة كزافيي دريانكور، فإن تولي منصب سفير باريس لدى الجزائر هو أصعب منصب في الدبلوماسية الفرنسية. وأوضح الديبلوماسي قائلا: «إنه خليط من السياسة الخارجية والسياسة الداخلية. لأن هناك الماضي التاريخي، اتفاقيات 1968. وهناك أيضا ما يقرب من 7 ملايين شخص يعيشون في فرنسا، الذين لديهم روابط مباشرة أو غير مباشرة مع الجزائر. نحن نتحدث عن 10% من السكان الفرنسيين». العلاقة فصامية. والدليل على ذلك أن «الأشخاص نفسهم في الجزائر الذين ينتقدون فرنسا خلال النهار يتصلون، في المساء، بالقنصل أو السفير للحصول على تأشيرة أو خدمة».

تغيُّر موقف فرنسا من الصحراء: ماذا بعد؟

إذا كان هناك موقف واحد صدم الجزائر، فهو التغير في موقف باريس بشأن قضية الصحراء، إذ أصبحت فرنسا تدعم الآن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وأوضح دريانكور: «لقد أراد رئيس الجمهورية في الواقع الخروج من المأزق الذي وجدت فيه فرنسا نفسها مع المغرب لمدة 4 أو 5 سنوات حتى الآن، وأدرك أنه في نهاية المطاف ليس لديه الكثير ليتوقعه من الجزائريين، لأنه اتخذ عدة إجراءات خاصة في مسألة الذاكرة، ولكن لم يحصل على أي شيء في المقابل. وأضيف أنه كانت هناك دبلوماسية مغربية فعالة للغاية وحصيفة. لقد توصلنا إلى نتيجة الصيف الماضي، ورسالة ماكرون إلى جلالة الملك، وزيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة إلى الرباط، والخطاب أمام البرلمان المغربي».

والآن؟ بالنسبة للدبلوماسي، فإن الجزائر كانت تعتقد أن إسبانيا، وبشكل أخص فرنسا، لن يغيرا مواقفها بشأن الصحراء. والتغيير الفرنسي له أهمية خاصة، لأن فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن، ولأن الجزائر اعتبرته مجرد فرضية بعيدة التحقق. وعلى الرغم من التهديدات، فإن الجزائر لن تكون قادرة على تغيير الوضع. العدو الرئيسي يبقى هو الشريك الرئيسي. وأشار دريانكور قائلا: «أقارن ذلك بما حدث مع إسبانيا قبل عامين. فقد قطعت الجزائر جميع العلاقات الاقتصادية معها وأوقفت جميع الرحلات الجوية إلى مدريد. وباستثناء سحب السفير، لم توقف الجزائر رحلاتها الـ300 أسبوعيا مع فرنسا». كما أن الجزائر معزولة على المستوى الدبلوماسي، حيث «اتخذت روسيا مسافة معها والنظام الجزائري هو في صراع مفتوح مع النيجر ومالي والمغرب»، يضيف الديبلوماسي الفرنسي.

«يجب أن نتمسك بالخط الدبلوماسي الحازم نفسه»

بالنسبة للدبلوماسي الفرنسي، فإن الدعم الفرنسي للمغرب في مسألة الصحراء سيحدث تغييرا في مفاهيم وتصورات الطبقة السياسية الفرنسية. وعلق قائلا: «لقد قال الرئيس ماكرون، في شتنبر 2021، في مقابلة مع صحيفة لوموند، كلاما قاسيا للغاية في ما يتعلق بالجزائر. فهو الذي تحدث عن ريع الذاكرة، وهو الذي تحدث عن تزوير التاريخ من قبل الجزائر، وعن استغلال التاريخ من قبل نظام سياسي-عسكري. لكن بعد بضعة أشهر، ذهب إلى الجزائر لتقبيل الرئيس تبون. الانتقاد الذي وجّهه للحكومة الفرنسية هو عدم وجود مبادئ توجيهية واضحة لسياستنا اتجاه الجزائر».

لكن من الآن فصاعدا، تم الحسم والاختيار، بحسب الدبلوماسي. وقال: «من خلال الاعتراف بمغربية الصحراء، بدأت فرنسا في رسم الخطوط». وختم قائلا: «يجب أن نتمسك بخط دبلوماسي حازم وألا نتصرف بأسلوب «في الوقت نفسه». لقد راهن الرئيس ماكرون منذ عام 2017 على الجزائر. في الواقع، اعتقد ماكرون أنه قادر على النجاح مع الجزائر، في الوقت الذي لم ينجح ديغول ولا ميتران ولا شيراك. لكن الرهان تحول إلى فخ جزائري. الآن، يجب ألا نغير المسار». وفضلا عن ذلك، تتوفر فرنسا أيضا على أدوات عديدة في مواجهة الجزائر.

مراجعة الاتفاقيات الفرنسية الجزائرية

بالنسبة لدريانكور، فإن التغيير في التصورات يبدأ بمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين فرنسا والجزائر. وذكر دريانكور في هذا الصدد بالتقرير الذي أعده مؤخرا لمركز التفكير الليبرالي فوندابول (Fondapol)، والذي سارعت الطبقة السياسية الفرنسية بأكملها إلى تبني مضمونه، من إدوارد فيليب، ونيكولا ساركوزي إلى مارين لوبان، وبارديلا، وإيريك زمور مرورا بمانويل فالس. في قلب هذا التقرير، توجد اتفاقيات 68.

وأوضح السفير الفرنسي السابق بالجزائر، قائلا: «نصت اتفاقيات إيفيان عام 1962 على حرية التنقل بين فرنسا والجزائر. والسبب هو أن المفاوضين الفرنسيين اعتقدوا أن الأقدام السوداء ستظل في الجزائر. ولهذا السبب لم تنص اتفاقيات إيفيان على أي تصريح إقامة، ولا جواز سفر، ولا تأشيرة للسفر بين فرنسا والجزائر. ولكن منذ 62 يوليوز، عادت الأقدام السوداء إلى فرنسا، وبالتالي بقيت حرية التنقل متاحة للجزائريين فقط. ومن هنا جاء التفاوض على اتفاقية 1968 التي لا تعيد حرية التنقل، ولكنها تعطي عدة مزايا للجزائريين مقارنة بالجنسيات الأخرى. من أجل الاستقرار في فرنسا ومن أجل التجمع العائلي...».

وتَناقض النخب الجزائرية يتمثل، بالنسبة له، في انتقاد فرنسا، ولكن في الوقت نفسه المطالبة بعدد معين من المزايا أو الرغبة في الاحتفاظ بعدد معين من المزايا. لذلك، هناك لحظة يتعين عليك فيها أن تكون على اليمين أو على اليسار. لا يمكننا أن نجلس بين كرسيين. ومن الواضح أن الجزائريين والصحافة الجزائرية والسلطات الجزائرية سارعوا إلى انتقاد هذا الموقف. وقال دريانكور: «الرئيس تبون قال إن فرنسا احتلت الجزائر لمدة 132 عاما، وبالتالي يحق للجزائر الحصول على تأشيرة الدخول لفرنسا لمدة 132 عاما!».

بدعة جواز السفر الدبلوماسي

ومن الأمور الشاذة الأخرى، اتفاق 2007 الموقع بين مراد مدلسي، وزير الخارجية الجزائري الأسبق، وبرنار كوشنر، الذي كان وزيرا للخارجية، وهو عبارة عن تبادل بسيط للرسائل حول الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية. ومع ذلك، فمن المفترض أن يسهل هذا الاتفاق عمل الدبلوماسيين، أصبح جواز السفر الدبلوماسي أداة لاستقطاب النخبة الجزائرية، وأداة للاحتفاظ بولاء زبناء النخبة الجزائرية. وهو جواز سفر يمنح لجميع الشخصيات البارزة وزوجاتهم وأطفالهم... «تمثل جوازات السفر الدبلوماسية جزءً صغيرا من مكانة معينة ويتم منحها للسياسيين وعائلاتهم والدبلوماسيين بطبيعة الحال، ولكن للكثير من الأشخاص، وبالتالي يسمح لهذه الفئات بالقدوم إلى فرنسا بدون تأشيرة». بالنسبة له، لقد حان الوقت لوضع حد لهذا الإعفاء من التأشيرة.

الجزائر، هذه الأرض المجهولة

وفي مواجهة فرنسا، تلعب الجزائر بورقة غموض نظامها السياسي. في الظاهر، هناك جميع مؤسسات الجمهورية: مجلس المحاسبة وبرلمان، وغيرها من المؤسسات. ثم هناك الحقيقة المتوارية خلف هذا الحجاب، وهي سلطة غير واضحة المعالم، حيث يتعين على كل شخص فيها أن يكتشف هامش المناورة المتاح له والخطوط التي لا يجب تجاوزها. الجيش الذي كان خلف الستار كشف عن نفسه وأخذ الأمور بيده. لكن بالنسبة لفرنسا، تظل البلاد لغزا.

وأوضح السفير قائلا: «إن الجزائريين يعرفوننا أفضل مما نعرفهم، حتى بعد 132 عاما من الاستعمار». بالنسبة له، الفرنسيون لا يعرفون الجزائر. لأن الذهاب إليها أمر معقد، لأننا لا نريد بالضرورة الذهاب إلى هناك، لأن الوحيدين الذين يذهبون إليها هم الفرنسيون-الجزائريون الذين يعودون إلى الجزائر في الصيف. «تفتقر الطبقة السياسية الفرنسية إلى نوع من التبصر تجاه الجزائر والفرنسيين، والشعب الفرنسي لا يعرف سوى القليل عن الجزائر، ويعرف المغرب، لأن كل الفرنسيين جاؤوا إلى طنجة، إلى الدار البيضاء، إلى مراكش. تظل الجزائر أرضا مجهولة بالنسبة للعديد من الفرنسيين. هذا هو الواقع».

الحراك مات، عاش النظام!

كزافيي دريانكور، الذي كان شاهدا على الحراك الشعبي، لديه أفكار قاطعة بشأن هذا الموضوع. بالنسبة له، هذه الحركة الشعبية الاحتجاجية ضد النظام قد ماتت وأن النظام سيستمر. وأكد قائلا: «استمر الحراك من فبراير 2019 إلى مارس 2020. أعتقد أنه منذ البداية كان هناك تناقض عميق. لقد طالب المتظاهرون الجزائريون بتغيير النظام، وكان قايد صالح، قائد الجيش آنذاك، يريد تغيير الرجال، واعتبر أنه بمجرد أن نغير الرجال، أي لو تمت إزاحة بوتفليقة، فإن الجميع سيكونون سعداء بذلك. لكنه لم يكن يريد تغيير النظام». الجيش أراد تغيير الرجال للحفاظ على النظام، والمتظاهرون أرادوا تغيير الرجال وتغيير النظام. وفي آخر المطاف انتصر الجيش.

وأضاف الديبلوماسي: «أنا متشائم بشأن تطور هذا النظام. وسوف يستمر النظام. ومع وجود 13 مليون متظاهر، كان النظام يخشى حدوث سيناريو مشابه لما حدث في ليبيا أو مصر أو سوريا أو تونس في أحسن الأحوال. الجيش كان خائفا للغاية، وقرر اليوم في أخذ الأمور بيده وإبقائها في يده». لذلك، شعر بالخطر يحيق به وسيفعل كل شيء لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 03/11/2024 على الساعة 18:24