هناك جديد في ما يخص الدول الإفريقية التي تمكنت من الخروج من مجموعة الدول الأقل نموا. وحققت سان تومي وبرينسيبي طفرة تاريخية عندما أصبحت الدولة الثامنة التي تخرج من فئة أقل البلدان نموا وفق تصنيف الأمم المتحدة. على المستوى الأفريقي، يتعلق الأمر بالدولة الرابعة. فبعد بوتسوانا في دجنبر 1994، والرأس الأخضر في دجنبر 2007، وغينيا الاستوائية في يونيو 2017، تنضم ساو تومي وبرينسيبي، وهي دولة جزرية صغيرة في وسط أفريقيا، إلى قلة قليلة من الدول التي نجحت في الخروج من هذا الوضعية المخصصة للاقتصادات الضعيفة.
ما هي الدول الأقل نموا؟ يتعلق الأمر بتصنيف للأمم المتحدة يشمل البلدان التي تواجه تحديات بنيوية كبيرة في التنمية بسبب انخفاض دخل الفرد ومواردها البشرية المحدودة وضعفها الاقتصادي والبيئي الكبير. وفي عام 2024، توجد في هذه القائمة 45 دولة من بينها 33 دولة إفريقية.
وبالنسبة لسان تومي وبرينسيبي، فإن هذا «الترقي» يكافئ التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبشري الملحوظ. بين عامي 2020 و2022، تجاوز الدخل الوطني الإجمالي للفرد 2271 دولارا، وهو ما يتجاوز بكثير سقف الخروج المحدد عند 1306 دولار. وقفز مؤشر «رأس المال البشري»، الذي يقيس التعليم والصحة، إلى 91.4 مقابل السقف المطلوب البالغ 66.
ومع ذلك، توضح منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أن «هذا التقدم هو شهادة على الإنجازات الاقتصادية للبلاد، لكن تنميتها المستقبلية لا تخلو من التحديات». والسبب أنه لا يزال الأرخبيل يعتمد على صادراته من الكاكاو وعرضة للديون والصدمات المناخية.
Une vue du principal port menant à Malabo, capitale de la Guinée équatoriale.. AFP
نهاية المساعدات الميسرة
وبغض النظر عن البعد الرمزي، فإن هذا «الترقي» يعني في الواقع مسؤوليات جسيمة. وقد تشهد أقل البلدان نموا سابقا انخفاضا في فرص وصولها إلى بعض آليات المساعدة الدولية، مثل التفضيلات التجارية أو التمويل الميسر. وتحذر منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، التي تعتزم أيضا مواصلة مساعدتها التقنية، قائلة: «لذلك تحتاج البلاد إلى مقاربة استراتيجية لتدبير هذا التحول بشكل فعال والتخفيف من الآثار السلبية على اقتصادها». وهو التحدي الذي كان لزاما على البلدان الأفريقية الثلاثة الأخرى أيضا أن تواجهه: بوتسوانا والرأس الأخضر وغينيا الاستوائية. وتعد بوتان وفانواتو وجزر ساموا وجزر المالديف أيضا جزءً من هذا النادي الحصري. لكنهم ليسوا أفارقة.
المعايير الثلاثة للخروج
وللوصول إلى هذه المرحلة، فإن إجراءات الأمم المتحدة صارمة وتستند إلى ثلاثة معايير رئيسية يتم تقييمها كل ثلاث سنوات: الدخل الوطني الإجمالي للفرد، ومؤشر رأس المال البشري (الصحة والتعليم) ومؤشر الضعف الاقتصادي والبيئي. ويتعين على أي دولة أن تجتاز اثنتين على الأقل من عتبات « لترقي» الثلاث خلال دورتين متتاليتين حتى تكون مؤهلة، ما لم يكن نصيب الفرد في الدخل أعلى بثلاث مرات من الحد الأعلى.
وهكذا، شكل خروج مجموعة البلدان أقل نموا تحديا كبيرا لتنويع هذه الاقتصادات، التي كانت حتى ذلك الحين تعتمد اعتمادا كبيرا على عدد محدود من المنتجات الأساسية. إذ كانت صادرات النفط تمثل أكثر من 90% من المبيعات الخارجية لغينيا الاستوائية قبل إعادة تصنيفها في عام 2017.
وشدد منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية مؤخرا على أن «هذا الأمر أصبح أكثر إلحاحا اليوم لأن هذا الاعتماد القوي يجعل البلاد معرضة بشدة للصدمات المرتبطة بأسعار النفط، الذي ستنفذ احتياطياته في غضون بضعة عقود»، داعية إلى «تحديث كبير للقطاع الفلاحي والصناعي وتنويع الأنشطة القروية».
وكان تحسين رأس المال البشري (الصحة والتعليم) أيضا هدفا رئيسيا، مع تحقيق تقدم ملحوظ كما يتضح من انخفاض معدل وفيات الرضع بنسبة 43% في غينيا الاستوائية خلال العقد الأول من 2000. الأولوية الأخيرة: تعزيز متانة هذه الاقتصادات المعرضة بشدة للصدمات الخارجية.
رواندا وأوغندا وتنزانيا مرشحة للخروج من فئة البلدان أقل نموا في 2027
هناك الكثير من الدروس القيمة للدول الأفريقية الأخرى. خلال المراجعة التي تجري كل ثلاث سنوات لعام 2024، ظهرت رواندا وأوغندا وتنزانيا كدول مرشحة للخروج مستقبلا من وضعية البلدان أقل نموا. لقد تجاوزت هذه الدول الثلاث في شرق أفريقيا لأول مرة العتبات المطلوبة لاثنين من معايير «الترقي» الثلاثة التي حددتها الأمم المتحدة. ومثل هذه الدول الأفريقية الثلاثة، من المتوقع أيضا أن تكون بنغلادش ولاوس ونيبال في عام 2026، وكذلك جزر سليمان في عام 2027.
فقد استوفت متطلبات مؤشر رأس المال البشري، الذي يقيس التقدم في التعليم والصحة، فضلا عن متطلبات مؤشر الضعف الاقتصادي والبيئي. المعيار المتعلق بنصيب الفرد من الدخل الوطني الإجمالي لم يتحقق بعد. وإذا تمكنت هذه الدول من تأكيد هذا التقدم خلال تقييم 2027، من خلال استيفاء اثنين على الأقل من المعايير الثلاثة لدورتين متتاليتين كما تفرضها معايير الأمم المتحدة، فيمكن عندئذ لبرواندا وأوغندا وتنزانيا أن تصبح مرشحة للخروج الرسمي من فئة البلدان أقل نموا.
وهو أفق واعد ومصدر للتحديات الكبرى التي تواجه اقتصادات شرق أفريقيا. فمن ناحية، فإن الوصول إلى هذا الإنجاز يؤشر على الاعتراف بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي، مع مكاسب محتملة لجذب المستثمرين الأجانب.
ولكن من ناحية أخرى، كما هو حال الدول السابقة، فإن هذا التغيير في الوضع يمكن أن يقلل أيضا من إمكانية وصولهم إلى بعض آليات مساعدات التنمية المخصصة لفئة البلدان الأقل نموا، مثل التفضيلات التجارية أو التمويل الميسر.
ويمثل هذا تحديا كبيرا لهذه البلدان الثلاثة غير الساحلية، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على تصدير بعض المواد الخام الفلاحية مثل القهوة أو الشاي أو القطن. ولذلك فإن أولويتها الرئيسية ستظل هي مواصلة جهود التنويع الاقتصادي، مع تعزيز متانة بنيتها التحتية في مواجهة المخاطر المناخية والبيئية.
وتبقى منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى مستعدة لدعمهم في هذا التحول الدقيق، كما كان الحال بالنسبة للدول الثمانية الحالية. إن تجربة هذه الأخيرة، مع نجاحاتها ومزالقها أيضا، ستوفر دروسا قيمة للاستعداد بشكل أفضل لهذه المرحلة الحاسمة الجديدة من التنمية المستدامة في أفريقيا.
البلدان | تاريخ الخروج من فئة أقل البلدان نموا |
---|---|
بوتسوانا | دجنبر 1994 |
الرأس الأخضر | دجنبر 2007 |
غينيا الإستوائية | يونيو 2017 |
سان تومي وبرينسيبي | دجنبر 2024 |