اكتشف الأسباب التي تدفع الدول الإفريقية إلى بناء مطارات جديدة وتوسيع القديمة

نماذج من مطارات إفريقيا

في 04/04/2025 على الساعة 17:00

إن الزيادة في حركة المسافرين وتطور السياحة ونمو المبادلات الجارية تجعل المطارات الإفريقية، وخاصة تلك الموجودة في البلدان الكبيرة، غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المسافرين والبضائع. وهناك خياران لتجنب هذا الازدحام. وفي الوقت الذي تعمل فيه دول مثل المغرب ومصر على توسيع مطاراتها، قررت دول أخرى، مثل إثيوبيا، بناء مطارات جديدة لتصبح قادرة على التعامل مع المسافرين والبضائع وتقديم خدمات أفضل.

تتميز مطارات أديس أبابا بولي والقاهرة والدار البيضاء وغيرها بقدراتها على الاستقبال، حيث تعمل كمنصات عبور رئيسية. وهناك أفاق واعدة بازدياد حركة الركاب.

وبحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي، من المتوقع أن تشهد إفريقيا أحد أعلى معدلات نمو حركة المرور في العالم، مع توقع نمو بمعدل متوسط يبلغ حوالي 5.7 % سنويا حتى عام 2034. ويشير الاتحاد إلى أن حركة المرور الجوي في إفريقيا قد تتضاعف بحلول عام 2040 لتصل إلى 300 مليون مسافر سنويا.

وأمام هذا النمو، الذي أصبح واضحا خلال العامين الماضيين، تواجه المطارات الإفريقية تحديات كبيرة: بنيات تحتية متقادمة وعدم القدرة على استيعاب الأعداد المتزايدة، مما يؤدي إلى تأخيرات متكررة وعدم رضا المسافرين المتكرر.

ومن هنا جاءت المشاريع العديدة لتحديث و/أو إنشاء بنى تحتية جديدة للمطارات ذات قدرات كبيرة من أجل الاستجابة لزيادة حركة المرور وفتح الأجواء الإفريقية في إطار سوق النقل الجوي الأفريقي الموحد. ولكن عدد قليل من البلدان الإفريقية قادرة على تأمين الاستثمارات الضخمة التي من شأنها تحويل المطارات إلى أدوات للنمو والاتصال على نطاق عالمي.

إثيوبيا: مطار جديد بسعة 100 مليون مسافر

في مجال النقل الجوي، فإن إثيوبيا، التي تملك أكبر شركة طيران في القارة، الخطوط الجوية الإثيوبية، لها طموحات كبيرة. إذ تعتزم بناء أكبر مطار في إفريقيا وأحد أكبر المطارات في العالم لتلبية الطلب المتزايد على النقل الجوي والمساهمة في تطوير الربط الجوي في إفريقيا.

مطار أديس أبابا بولي الدولي لديه القدرة على استقبال 22 مليون مسافر سنوات بعد عمليات التوسيع الأخيرة. ومع ذلك، فإن المطار يبدو غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة سنة بعد سنة.

ولهذا السبب، ستبني البلاد مطارا جديدا في أبوسيرا بالقرب من بيشوفتو في منطقة أوروميا، على بعد 40 كيلومترا من أديس أبابا، على مساحة تقدر بـ35 ألف متر مربع. ونسيتم بناء المطار الجديد على مرحلتين على مدى خمس سنوات. وتتمثل المرحلة الأولى في بناء مطار قادر على استقبال 60 مليون مسافر سنويا بحلول عام 2029. وستكون المرحلة الثانية، بعد اكتمالها، قادرة على استيعاب أكثر من 100 مليون مسافر سنويا، أي أربعة أضعاف العدد الحالي.

وسيحتوي المطار على أربعة مدرجات، وسيتم بناؤه على ارتفاع 1920 مترا، مقارنة بـ2320 مترا في مطار أديس أبابا بولي الدولي. من خلال الإقلاع على ارتفاع أقل، من المتوقع أن تتمكن الخطوط الجوية الإثيوبية من أن تقتصد بشكل كبير في الكيروسين.

وقد تم توقيع اتفاقية مع شركة « سيدارا »، وهي شركة هندسة مقرها دبي، والتي ستتولى تصميم المطار الجديد ومساعدة الشركة الإثيوبية في تشغيل شركات المناولة من أجل بنائه.

ولتمويل هذا المطار الضخم، الذي تقدر استثماراته بنحو 7.8 مليار دولار، وقعت إثيوبيا والبنك الأفريقي للتنمية مذكرة تفاهم في 14 مارس 2025 في أديس أبابا.

وستستوعب البنية التحتية الجديدة الزيادة في أسطول الخطوط الجوية الإثيوبية، والذي من المتوقع أن يشمل 124 طائرة جديدة، ليصل أسطولها إلى 271 طائرة بحلول عام 2035. سيحتوي هذا المطار الضخم على موقف يتسع لما يصل إلى 270 طائرة، وهو الأسطول الذي تخطط الشركة لامتلاكه في غضون عشر سنوات.

ومن المقرر أن يؤدي تشغيل هذا المطار الجديد في عام 2029 إلى تعزيز مكانة إثيوبيا كمركز للنقل الجوي في القارة ومركز عالمي رئيسي. وسوف يتيح ذلك لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية، التي تربط حاليا 63 مدينة في إفريقيا ببقية العالم، تعزيز دورها كمركز استراتيجي. يشار إلى أن الشركة الإثيوبية التي تمتلك أكبر أسطول طائرات في القارة تخدم حاليا أكثر من 150 وجهة وطنية ودولية للمسافرين والبضائع في خمس قارات ونقلت 17 مليون مسافر في عام 2024.

ويندرج هذا المطار الجديد في إطار رؤية الخطوط الجوية الإثيوبية 2035. وفي هذا السياق، قال مسفين تاسيو، المدير العام للشركة: « في إطار رؤية 2035، نهدف إلى مضاعفة عدد الوجهات من 131 وجهة اليوم إلى 207 وجهات، ولاستيعاب هذا التوسع، نخطط لمضاعفة عدد الطائرات في أسطولنا مرة أخرى، من 140 طائرة إلى 271 طائرة ».

مطار الدار البيضاء محمد الخامس: 45 مليون مسافر قبل مونديال 2030

يعد مطار الدار البيضاء محمد الخامس المركز الرئيسي للخطوط الملكية المغربية ويلعب دورا رئيسيا في حركة النقل الجوية بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. ولكن للأسف، ورغم عمليات التوسيع المتتالية، فإن هذا المطار أصبح غير قادر على استيعاب الأعداد المزايدة من المسافرين.

وأمام النمو القوي في السياحة، التي ستصبح الأكبر في القارة بحلول عام 2024 مع وصول 17.4 مليون سائح، ومع المواعيد النهائية المهمة، وخاصة كأس العالم 2030، كان على المغرب توسيع القدرة الاستيعابية لمطاراته.

وبحسب المكتب الوطني للمطارات، فإن تطوير البنية التحتية الجديدة في مطار محمد الخامس سيشمل بناء محطة ثالثة، ومدرج جديد (3700 متر/45 متر)، وبرج مراقبة جديد بارتفاع 42 مترا، وممرات للطائرات، ومواقف للطائرات، والربط مع خط القطار فائق السرعة.

تم تأمين الأرض بالفعل بـ910 هكتارات من قبل المكتب الوطني للعقارات بعد نزع ملكية قطع من الأراضي التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط (190 هكتارا)، ووكالة المساكن والمعدات العسكرية (703 هكتارات) والملك الخاص للدولة (16 هكتارا). وبعد الانتهاء من دراسات الجدوى، من المتوقع أن تبدأ أشغال التوسعة قريبا، وستستمر لمدة أربع سنوات. في منتصف شهر مارس، أطلق المكتب الوطني للمطارات طلبات عروض من أجل بناء المحطة الجديدة بتكلفة تقدر بنحو 35 مليون دولار.

باستثمار قدره 25 مليار درهم، أي ما يعادل حوالي 2.5 مليار دولار، سيشهد مطار الدار البيضاء محمد الخامس زيادة في قدرته الاستيعابية للركاب ثلاث مرات، حيث سترتفع من 15 إلى 45 مليون مسافر بحلول عام 2029. ويأتي هذا التوسيع في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء نتيجة لتوقعات نمو حركة المرور لعامي 2040 و2050.

ومن خلال هذا التوسيع، يهدف مطار الدار البيضاء إلى تعزيز مكانته بين المراكز الأكثر كفاءة في العالم والتنافس مع المراكز الدولية الكبرى.

وتشمل عمليات التوسيع والتحديث جميع مطارات المدن الكبرى في المملكة، مثل مطار مراكش المنارة، الذي سترتفع طاقته الاستيعابية من 9 إلى 16 مليون مسافر في عام 2029. وتهدف السلطات إلى الوصول إلى طاقة استيعاب وطنية تبلغ 80 مليون مسافر بحلول عام 2030 لتلبية متطلبات كأس العالم التي ينظمها المغرب بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، والحصول على بنية تحتية حديثة تلبي أفضل المعايير الدولية.

مطار القاهرة الدولي: محطة جديدة لاستيعاب 30 مليون مسافر

مطار القاهرة الدولي، الأكثر ازدحاما في إفريقيا، إذ استقبل 27 مليون مسافر في عام 2024 بينما تبلغ طاقته الاستيعابية 28 مليونا.

وترغب السلطات المصرية في دعم دينامية نمو شركة مصر للطيران، وكذا السياحة، وزيادة حركة الركاب...

ولهذا السبب، قررت السلطات المصرية تحديث مطار القاهرة، والأهم من ذلك، توسيع قدرته من خلال بناء منصة جديدة ستتمكن من استيعاب ما يصل إلى 30 مليون مسافر إضافي سنويا. وتشمل الأشغال، من بين أمور أخرى، بناء المحطة الجديدة ومرافق أخرى بهدف مضاعفة قدرات هذه البنية التحتية. ومن المقرر أن يبدأ تشغيله بحلول عام 2027.

ومن المتوقع أن يصاحب عمليات توسيع مطار القاهرة زيادة أسطول شركة مصر للطيران، الذي سيصل إلى 97 طائرة بحلول عام 2028، مقارنة بنحو 70 طائرة بحلول نهاية عام 2024. يشار إلى أن مصر للطيران وشركتها التابعة منخفضة التكلفة إير كايرو نقلت ما يقارب 15.3 مليون مسافر خلال العام الماضي.

رواندا: مطار جديد بالشراكة مع الخطوط الجوية القطرية

وترغب رواندا أيضا في أن تصبح مركزا إقليميا من خلال تعزيز قدرات شركتها « رواندا إير ». ولتحقيق هذه الغاية، تقوم الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، بالشراكة مع الخطوط الجوية القطرية، ببناء مطار جديد بالشراكة مع قطر، التي تمتلك 60 % من أسهم الخطوط الجوية الرواندية. وستساعد هذه البنية التحتية الجديدة في معالجة مشكلة اكتظاظ مطار كيغالي، الذي تبلغ سعته 1.6 مليون مسافر سنويا ويقع في منطقة لا توفر مجالا كبيرا للتوسع.

تأخرت عمليات بناء المطار، الذي بدئ في في بنائه منذ عام 2017 على مساحة 130 ألف متر مربع ويقع على بعد 40 كيلومترا جنوب شرق العاصمة كيغالي، عن الموعد المحدد له في البداية. باستثمار قدره 2 مليار دولار، من المقرر أن يبدأ تشغيل هذا المطار في عامي 2027 و2028 للمرحلة الأولى التي ستسمح باستقبال 7 ملايين مسافر سنويا. ومن المتوقع إطلاق المرحلة الثانية في عام 2032 لتوسيع المرافق واستقبال 14 مليون مسافر سنويا، ما يجعله من بين أكبر المطارات في القارة. كما سيحتوي على محطة شحن قادرة على معالجة 150 ألف طن سنويا.

وقالت إيفون ماكولو مانزي، المديرة العامة لشركة رواندا إير: « إن أديس أبابا هي بالفعل مركز ضخم، ولكن كيغالي ستكون مركزا إقليميا بديلا، نظرا للموقع الجغرافي لرواندا في قلب إفريقيا، مما يمنحنا إمكانية الوصول إلى جميع النقاط في القارة ». وستعمل هذه البنية التحتية الجديدة على تعزيز وجهة رواندا، التي أصبحت وجهة مفضلة للمنتديات والمؤتمرات الدولية.

نيجيريا: توسيع وبناء مطار جديد في لاغوس

تعمل أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان على بناء مطار جديد في لاغوس والذي سيكمل المطار الرئيسي في نفس الولاية. سيتم بناء هذا المشروع على مساحة 3500 هكتار على محور ليكي-إيبي وسيتطلب استثمارا قدره 900 مليون دولار. هذا المطار، الذي سيتم بناؤه في إطار شراكة مع مستثمرين محليين وأجانب، سيكون لديه القدرة على استقبال 5 ملايين شخص سنويا.

سيساعد هذا المطار الجديد في تخفيف الضغط في مطار مورتالا محمد الدولي المزدحم حاليا في إيكيجا بولاية لاغوس، على بعد 12 كيلومترا من العاصمة الاقتصادية لنيجيريا. ويعد هذا المطار أحد أكثر المطارات ازدحاما في القارة، ويوفر الوصول إلى لاغوس، مدينة الأعمال النيجيرية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 20 مليون نسمة، والذي يجري حاليا توسيعه.

وقد اكتملت أشغال التحديث والتوسيع، مع بناء محطة ثانية قادرة على استقبال 14 مليون مسافر سنويا في عام 2022. تم بناء المحطة الثانية، الأحدث في المطار منذ بنائه قبل حوالي 40 عاما، لتكملة المحطة الأولى. وهكذا، تبلغ الطاقة الاستيعابية الإجمالية لمطار مورتالا محمد الدولي حاليا أكثر من 21 مليون مسافر سنويا.

مع الأخذ بعين الاعتبار مطار لاغوس الثاني قيد الإنشاء، فإن قدرات الاستقبال المستقبلية في البنيتين التحتية للعاصمة الاقتصادية لنيجيريا ستمكن من استقبال أكثر من 26 مليون مسافر. وفضلا عن ذلك، من المقرر إجراء المزيد من التوسعات في مطار مورتالا محمد خلال الأعوام المقبلة.

جنوب إفريقيا: توسيع مطاري أوآر تامبو في جوهانسبرغ وكيب تاون

باعتبارها مركزا لتدفق الأشخاص والبضائع في جنوب إفريقيا، تلعب جنوب إفريقيا دورا رئيسيا في حركة النقل الجوي داخل القارة وبينها والقارات الأخرى. ويخضع مطارا جوهانسبرج وكيب تاون الرئيسيان لمشاريع توسعة. وفي جوهانسبرغ، ستسمح الاستثمارات ببناء محطة جديدة ومساحات تجارية وفندق وغيرها. والهدف هو الحفاظ على الموقع الرائد في حركة الركاب في القارة. وتبلغ القدرة الاستيعابية للبنية التحتية حاليا 28 مليون مسافر.

وفي كيب تاون، التي استقبلت 10.4 مليون مسافر في عام 2024، يتمثل الهدف في توسيع المحطة وتجديد المدرج وتوسيعه إلى 3500 متر في الطول وبناء بنيات تحتية أخرى.

وبالإضافة إلى توسيع البنيات التحتية للمطارات الحالية، تم الإعلان أيضا عن إنشاء مطارات جديدة. وهكذا، يجري العمل على خطة لتوفير مطار ثان لمدينة كيب تاون بحلول عام 2027. ويأتي توسيع وبناء مطار جديد في إطار طموح جنوب إفريقيا لزيادة عدد السياح الوافدين إلى 15 مليون سائح بحلول عام 2030.

وأخيرا، بالإضافة إلى هذه الأمثلة الستة، انخرطت العديد من البلدان الأخرى في مشاريع لتوسيع وتحديث المطارات القديمة، في حين بدأت بلدان أخرى مشاريع لبناء البنية الأساسية الجديدة للمطارات. وهذا هو الحال بالنسبة لمطار جومو كينياتا الدولي في كينيا، والذي سيحتوي على مدرج ثان ومحطة جديدة وممرات للطائرات ومناطق إضافية لوقوف الطائرات.

مطار جومو كينياتا الدولي، الذي تم بناؤه في عام 1970 بطاقة استيعابية تصل إلى 2.5 مليون مسافر، يستقبل حاليا مع ما يقرب من 7 ملايين مسافر سنويا. وهذا هو الحال أيضا في تنزانيا، التي تبني محطة في مسالاتو، التي تقع على بعد حوالي 14 كيلومترا من مركز دودولا، عاصمة تنزانيا. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من الأشغال خلال هذا العام. وسينضاف هذا المطار إلى مطار العاصمة وسيمكن من مواجهة الزيادة في أعداد الركاب.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 04/04/2025 على الساعة 17:00

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800