ثلاث مناطق سياحية إفريقية استقبلت سياحا أكثر من عدد سكانها

سياحة الأرخبيلات بإفريقيا

في 10/07/2025 على الساعة 10:23

شواطئ رملية ناعمة، ومياه صافية، ونباتات وحيوانات متنوعة، وتراث ثقافي... كلها عوامل جذب سياحية مرغوبة خلال فصل الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة حول العالم. وتعد أرخبيلات سيشل وموريشيوس والرأس الأخضر ملاذا مثاليا من موجة الحر. وحققت نجاحا كبيرا إلى درجة أنها استقبلت سياحا أكثر من عدد سكانها.

مع بداية الصيف، وهي فترة مثالية للسياحة الشاطئية، خاصة مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. تحقق العديد من الوجهات السياحية في القارة أداء ممتازا خلال هذه الفترة. وفي هذا الصدد، تعد أرخبيلات موريشيوس وسيشل والرأس الأخضر وجهات سياحية ساحرة تصنف من بين أجمل جزر العالم. هناك ميل للاعتقاد بأن جميع هذه الأرخبيلات متشابهة، وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. وإذا كان القاسم المشترك بينها هو جمال شواطئها ومياهها الفيروزية وطبيعتها الخلابة، إلا أن كل واحدة منها تتمتع بطابع استثنائي وأصيل.

في عام 2024، استقبلت هذه الجزر ما يزيد عن 2.91 مليون سائح، من إجمالي عدد سكان يبلغ 2.02 مليون نسمة فقط. وخلال فترة الصيف، ولجذب المزيد من الزوار، تخطط السلطات للاستفادة من العوامل المناخية التي تتميز بارتفاع درجات الحرارة، وتجدد الاهتمام بالسفر الدولي، والحملات التسويقية، وتحسين الربط الجوي، وزيادة إمكانية الوصول بفضل تأشيرات الدخول عند الوصول إلى وجهات معينة.

وفضلا عن ذلك، تتزايد المنافسة بين هذه الوجهات المختلفة، والتي تعتمد جميعها على السوق الأوروبية، حيث تبرز كل منها نقاط قوتها واختلافاتها.

سيشل: وجهة ساحرة ومواقع استثنائية

تعد سيشل، وهي أرخبيل يقع في غرب المحيط الهندي، جنة على الأرض، موطنا للعديد من المواقع الاستثنائية التي تستحق الزيارة. أرخبيل سيشل، الذي يضم 115 جزيرة، بما في ذلك ثلاث جزر رئيسية هي ماهي وبراسلين ولا ديغ، مثير للإعجاب بساحله الساحر وخلجانه التي تتميز بصخور غرانيتية كبيرة نحتتها عوامل التعرية البحرية.

ببحره الفيروزي الصافي وشواطئه الرملية البيضاء الساحرة التي تنتشر فيها أشجار جوز الهند الشاهقة والنباتات الاستوائية الوارفة، يعد الأرخبيل وجهة ساحرة جذابة. شواطئ سيشل، المبطنة بصخور الغرانيت وأشجار النخيل الخضراء، واسعة واستثنائية، وفي معظمها، دائما غير مزدحمة. إنها تشكل واحدة من أكثر الوجهات الساحلية روعةً مع أكثر من 300 يوم مشمس في السنة. كما يعد الأرخبيل جنة للمتنزهين ومحبي الحياة البرية.

وعلى عكس الوجهات الأخرى التي تعتمد على زيادة أعداد السياح الوافدين، فإن أرخبيل سيشل يحافظ على تفرده: فهو واحد من أكثر الوجهات التي تم الحفاظ عليها. فالأرخبيل رائد في الحفاظ على النباتات والحيوانات. يطلب من المنتجعات الكبيرة احترام البيئة منذ إنشائها.

وهكذا، توفر جزر الغرانيت، بتضاريسها شديدة الانحدار ونباتاتها الوفيرة، مناظر طبيعية جذابة تعد موطنا لنباتات فريدة غنية بألف نوع، وحيوانات نادرة، و15 نوعا من الطيور.

ويعد موسم الجفاف من ماي إلى أكتوبر الوقت الأمثل للإقامة السياحية في سيشل. وتعد أشهر يونيو ويوليوز وغشت ملائمة بشكل خاص، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 25 و29 درجة، مع هطول أمطار نادرة.

في عام 2024، ارتفع عدد السياح الوافدين بنسبة 0.5% مقارنة بعام 2023، ليصل إلى 352.762 سائحا، فيما عدد سكان الأرخبيل يبلغ 121.000 نسمة. وهذا يعني أن البلاد استقبلت ما يقارب ثلاثة أضعاف عدد سكانها. ويأتي الزوار الرئيسيون من ألمانيا (54.925 سائحا)، وفرنسا (42.410)، وروسيا (38.172). ويأتي حوالي 73% من السياح من السوق الأوروبية.

وفي الوقت ذاته، حققت البلاد مداخيل بقيمة 986 مليون دولار، بانخفاض طفيف قدره 0.8%. وبلغ متوسط إنفاق السائح الواحد 2795 دولارا، وهو من أعلى المعدلات في القارة.

وتتوقع سيشل خلال سنة 2025 نمو عدد الوافدين بنسبة 2.5%. ولتحقيق ذلك، تركز السلطات على تنويع أسواق المصدر، مع إيلاء اهتمام خاص لمنطقة الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية والصين والهند.

كما تخطط السلطات لتعزيز المنتجات السياحية من خلال استهداف أسواق متخصصة، مثل تنظيم المؤتمرات أو التظاهرات الرياضية وتطوير سياحة العافية.

وأخيرا، تعتزم السلطات الترويج للوجهة وتسهيل الوصول إليها بشكل أكبر. وقد جعل هذا الوضع سيشل وجهة سهلة الوصول للسياح من جميع أنحاء العالم، والذين يمكنهم الحصول على تأشيرة عند بلوغ الأرخبيل.

ويبلغ عدد سكان سيشل تقربا 121.000 نسمة، يعيش ثلاثة أرباعهم في جزيرة ماهي الرئيسية، حيث تتواجد العاصمة فيكتوريا، والتي تضم أكثر من 65 شاطئا. ويتمتع سكان سيشل بأعلى نصيب للفرد من الناتج الداخلي الخام في القارة الإفريقية.

موريشيوس: أفضل الشواطئ الرملية الناعمة في العالم

تشتهر موريشيوس، المعروفة أيضا باسم لؤلؤة المحيط الهندي، بشواطئها البكر وثقافتها الغنية ومأكولاتها الشهية. وتركز الجزيرة جهودها على هذه المجالات الثلاثة لجذب المزيد من السياح، لا سيما خلال فصل الصيف. يمتد موسم الذروة من يوليوز إلى دجنبر، وخاصة خلال العطلات الصيفية الأوروبية وأعياد نهاية السنة.

بالإضافة إلى شواطئها الرملية الناعمة الفريدة المزدانة بأشجار جوز الهند، تعد رياضة المشي لمسافات طويلة، ورياضة الغولف، والتسوق، والغوص، والشلالات، وتنوع النباتات والحيوانات، من أهم عوامل الجذب السياحي للبلاد.

في عام 2024، استقبلت موريشيوس 1.38 مليون سائح، بزيادة قدرها 6.7% مقارنة بعام 2023. وقد جاء أكثر من 64% من الزوار من أوروبا، بما في ذلك الفرنسيون (339.421 سائحا)، والمملكة المتحدة (158.188 سائحا)، وألمانيا (123.825 سائحا)، وغيرها. وشكلت إفريقيا 26% من مجموع عدد زوار البلاد. مع عدد سكان يبلغ حوالي 1.3 مليون نسمة، استقبلت موريشيوس عددا من السياح يفوق عدد سكانها.

هذا الأداء هو نتيجة للإجراءات التي اتخذتها السلطات الموريشيوسية، والتي حسنت الربط من خلال زيادة الرحلات الجوية المباشرة من المراكز الاستراتيجية (باريس ولندن وجوهانسبرغ)، وعززت حضور الوجهة في الأسواق الأوروبية والآسيوية، وتنظيم فعاليات محلية، بما في ذلك المهرجانات والمؤتمرات الدولية والتظاهرات الرياضية.

وبالموازاة مع ذلك، بلغت مداخيل السياحة في الجزيرة 1.66 مليار أورو في عام 2024، بمتوسط دخل قدره 1200 أورو لكل سائح. يبلغ متوسط مدة الإقامة 9.6 أيام، مما يعني أن السياح يفضلون إقامات أطول.

وبالنسبة للعام الحالي، وبعد بداية صعبة، استقبلت موريشيوس 561.636 سائحا بنهاية ماي 2025، بزيادة طفيفة قدرها 0.81%. وتعول البلاد على فترة الصيف لتحقيق أداء قوي.

الرأس الأخضر: أرخبيل يوفر تنوعا مذهلا من المناظر الطبيعية

الرأس الأخضر أرخبيل رائع يتيح للسياح الاختيار بين شواطئ جذابة، وبراكين خلابة، ورياضة المشي لمسافات طويلة، وثقافة محلية نابضة بالحياة. تتميز جزر الرأس الأخضر، الواقعة على بعد حوالي 600 كيلومتر من ساحل السينغال، بمناخ استوائي جاف، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 20 و30 درجة على مدار العام.

يتكون الأرخبيل من عشر جزر بركانية، تسع منها مأهولة بالسكان، ويوفر تنوعا مذهلا من المناظر الطبيعية: شواطئ نقية ذات قمم وعرة، ووديان خصبة، وصحاري بركانية...

الجزر الرئيسية هي سال (شواطئ، ركوب الأمواج الشراعية،...)، بوا فيستا (شواطئ، طبيعة،...)، سانتو أنتاو (مشي لمسافات طويلة، مغامرات،...)، ساو فيسينتي (ثقافة، موسيقى، مهرجانات)، سانتياغو (تراث، تنوع،...)، فوغو (بركان، مشي،...)، ومايو (شواطئ، كثبان رملية،...).

الكل يمكن أن يجد فيه ما يشتيه: العائلات، وعشاق الطبيعة، والمتنزهون، وعشاق الفن والثقافة، والسياح الباحثون عن الهدوء والسكينة، وعشاق ركوب الأمواج، وعشاق الصيد الرياضي...

وإذا كانت سال هي الجزيرة الأكثر تطورا وسياحة، تتميز بوا فيستا بأجمل شواطئ الأرخبيل، بما في ذلك شاطئ سانتا مونيكا، الذي يبلغ طوله 22 كيلومترا ويتميز برمال ناعمة.

وتضم أربع جزر - ساو فيسينتي (مينديلو)، وسال، وبوا فيستا، وسانتياغو (برايا)- مطارات دولية.

بسكانها البالغ عددهم 600 ألف نسمة، استقبلت الرأس الأخضر ضعف عدد سكانها تقريبا، أي 1.18 مليون سائح في عام 2024. ويمثل هذا العدد زيادة بنسبة 16.5% مقارنة بالعام السابق. وسجلت الفنادق 5.65 مليون ليلة مبيت، بزيادة قدرها 9.7% مقارنة بالعام الماضي.

ويعكس هذا النمو الطلب القوي من السياح الأوروبيين على هذه الوجهة، التي تعتبر أقرب بكثير إلى السوق الأوروبية، السوق الرئيسية المصدرة للسياح إلى إفريقيا، مقارنة بالوجهات المنافسة مثل موريشيوس، وسيشل، وزنجبار،... ويهيمن السياح البريطانيون على هذه السوق بشكل كبير.

وتتوقع السلطات تحقيق رقم قياسي جديد في أعداد السياح الوافدين خلال العام الحالي. ولتحقيق ذلك، تعتزم الحكومة تفعيل عدة روافع. أولا، تنويع عروض البلاد السياحية، التي كانت تصنف سابقا كوجهة سياحية تجمع بين الشمس والبحر.

ثانيا، تعول الدولة على تحسين الربط الجوي، لا سيما مع شركات الطيران منخفضة التكلفة. وقد ساهم انضمام الرأس الأخضر إلى رحلات شركة الطيران منخفضة التكلفة «إيزي جيت» بشكل كبير في زيادة تدفقات السياح إلى جزيرة سال، الوجهة السياحية الرئيسية في البلاد، متقدمة على بوا فيستا وسانتياغو وغيرهما.

وقد حددت الرأس الأخضر هدفا يتمثل في استقبال 2.4 مليون سائح بحلول عام 2030، وهو ما يضاعف عدد الوافدين خلال ست سنوات. وسيتطلب هذا استثمارات كبيرة في البنية التحتية الفندقية.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 10/07/2025 على الساعة 10:23