قائمة 5 دول إفريقية الأكثر قدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية

بلدان إفريقية (صورة مركبة)

في 26/02/2025 على الساعة 19:45

في مواجهة الأزمات المناخية والطاقية والجيوسياسية، تتميز خمس دول إفريقية بقدرتها على امتصاص الصدمات. تحليل الاستراتيجيات التي تجعل منهم نماذج للصمود.

في سياق عالمي يتسم بالأزمات المتداخلة (المناخية، والطاقية، والجيوسياسية)، حدد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) خمسة بلدان إفريقية كنماذج للقدرة على الصمود. بـ«نماذج الصمود»، نعني البلدان القادرة على مقاومة الاضطرابات الخارجية والتكيف معها والتعافي منها بشكل فعال من خلال استراتيجيات بنيوية.

وفي هذا الصدد، يُسلّط الأونكتاد، في تقريرها الأخير عن التنمية الاقتصادية في إفريقيا 2024، الضوء على بوتسوانا والرأس الأخضر وموريشيوس والمغرب وجنوب إفريقيا. كما أن هذه البلدان الخمسة هي من بين البلدان الإفريقية التي حصلت على أدنى تصنيف من حيث المخاطر العملياتية في منتصف عام 2023 بسبب «سياساتها الضريبية والتجارية الملائمة نسبيا للمقاولات، فضلا عن استقرارها السياسي وفعاليتها الحكومية». وقد أظهرت هذه البلدان قدرتها على الصمود في العديد من مجالات الهشاشة الستة التي تم تحديدها (الهشاشة المناخية، والتواصلية، والاقتصادية، والطاقية، والمجتمعية وفي مجال الحكامة).

وأشار الأونكتاد إلى أن مستوى الضعف في هذه البلدان الخمسة في خمسة على الأقل من المجالات الستة المذكورة أعلاه منخفض، مقارنة بالمتوسط العام في إفريقيا. وقد يساعد مستوى تعرضها النسبي المنخفض للصدمات بشكل عام في تفسير قدرتها على التخفيف من الصدمات المتعددة والتعافي من الآثار السلبية للأزمات المتعددة. وهي المميزات التي تبحث عنها الشركات والمستثمرون في السوق عند اتخاذ قرار الدخول أو الاستثمار.

ويناقض هذه البلدان الخمسة أيضا الخطاب السائد. وكما أكد الأونكتاد، فإن «الخطاب السائد يبالغ في تقدير مخاطر التجارة والاستثمار في أفريقيا، في حين تواصل المنطقة في تحقيق أداء ضعيف في المجالات الحيوية، بما في ذلك الوصول إلى التمويل والبنيات التحتية والبيروقراطية والحكامة».

ومع انخفاض درجات الهشاشة باستمرار عن المتوسطات الإفريقية، تبرز هذه الاقتصادات كيف يمكن للإصلاحات البنيوية والاندماج الإقليمي الاستراتيجي والحكامة القوية أن تخفف من الصدمات الخارجية، بما في ذلك الأحداث غير المتوقعة والمزعجة التي تقع خارج نطاق السيطرة المباشرة للبلدان والتي تؤثر على اقتصاداتها.

وتشمل هذه الصدمات الأزمات المناخية، بما في ذلك الجفاف، وأزمات الطاقة (مثل ارتفاع أسعار المحروقات)، والاضطرابات الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا التي تؤثر على الأسواق العالمية، أو التقلبات في أسعار المواد الخام أو السياحة.

وهكذا، تؤكد ريبيكا غرينسبان، الأمينة العامة للأونكتاد، أن «القدرة على الصمود هي التي تصنع الفارق بين الصدمة والتأثير». وبالتالي فإن قدرة هذه البلدان على الصمود لا تلغي الصدمات، بل تحد من عواقبها من خلال الاستعداد النسقي. لنتعمق في آليات نجاحهم.

موريشيوس: الصمود والاستقرار والابتكار

مع درجات هشاشة أقل بكثير من المتوسطات الإفريقية -الاقتصادية (23.5 مقابل 69.5)، والحكامة (2 مقابل 51.3) والطاقة (0.31 مقابل 48.5)- تجسد موريشيوس صمودا راسخا في الاستقرار والابتكار. تتمتع البلاد باستقرار سياسي، مدعوم بمؤسسات فعالة وأطر تنظيمية قوية، مع تنويع اقتصادي تدريجي، مما يقلل من اعتمادها على القطاعات التقليدية مثل السياحة. وتفسر ريادتها في الانتقال الطاقي، بـ6.3% من الطاقات المتجددة في عام 2023، النتيجة الطاقية الاستثنائية التي حصلت عليها، والتي تعد واحدة من أدنى المعدلات في القارة.

أداء مدعوم بالاتصال اللوجستي العالي (34.9/100)، مما يسهل اندماجها في سلاسل القيمة الإقليمية وجذب المستثمرين على الرغم من الاضطرابات العالمية. وأكد التقرير أيضا أن «الأطر التنظيمية القوية والفعالية الحكومية» يشكلان عوامل رئيسية. ومع ذلك، تكابد هذه الدولة من أجل التغلب على عقبة مستمرة: الوصول إلى التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، والذي ذكرته 32% من الشركات على أنه عائق أمام نموها. إن هذا التحدي بمثابة تذكير بأن حتى الاقتصادات الأكثر قدرة على الصمود يجب أن تجمع بين الإصلاحات البنيوية والإدماج الاقتصادي لاستدامة نجاحها.

بوتسوانا: التنوع الاستراتيجي وتحديات الطاقة

مع انخفاض معدل الهشاشة الاقتصادي بشكل كبير عن المتوسط الإفريقي (43.4 مقابل 74) والحكامة المستقرة (12.4 مقابل 64)، فإن بوتسوانا توضح كيف يمكن للتدبير الحذر للموارد الطبيعية أن تبني القدرة على الصمود. لقد كانت البلاد تعتمد تاريخيا على الماس (30% من الناتج الداخلي الخام)، وقد تمكنت من التخفيف من هذا الخطر بفضل صندوق بولا السيادي، وأداة استقرار الميزانية، والسياسات التي تعزز ريادة الأعمال في القطاعين الفلاحي والتكنولوجي.

ومع ذلك، فإن درجة هشاشتها الطاقية (31.21/100) تكشف عن ضعف بنيوي. وأكد التقرير أن 64% من الشركات عانت من انقطاع التيار الكهربائي في عام 2023، مما أدى إلى زيادة تكاليفها والحد من قدرتها التنافسية. ولتعزيز اتصالها، الذي يعاني حاليا من نقص (48.8/100)، تعتمد بوتسوانا على منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، على أمل توحيد التشريعات وتحفيز التجارة داخل المنطقة.

وكما أشارت الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ريبيكا غرينسبان، فإن «التنويع الاقتصادي يظل بمثابة حاجز لا غنى عنه ضد الصدمات»، وهو شعار تطبقه البلاد، ولكنه لا يزال يتطلب استثمارات ضخمة في البنيات التحتية للطاقة والخدمات اللوجستية لتعزيز نموذجها.

الرأس الأخضر: الصمود الاجتماعي كرافعة اقتصادية

وعلى الرغم من إكراه السياق الجغرافي، فإن الرأس الأخضر يتمتع بصمود اجتماعي مثالي (16.53/100)، بدعم من سياسات الإدماج والسياحة المستدامة التي تمثل 25% من الناتج الداخلي الخام. لقد ساعد هذا القطاع، الذي يركز على السياحة البيئية والطاقات المتجددة، في استقرار الاقتصاد مع خلق فرص العمل المحلية. وتعزز الحكامة الصارمة (9.8/100) هذه الدينامية، مع وجود مؤسسات شفافة وإطار تنظيمي جذاب للمستثمرين. ومع ذلك، فإن عزلة البلاد تؤثر على اتصالها بالعالم. وهذا يمنحها درجة هشاشة تبلغ 59.9/100، مما يحد من الوصول إلى الأسواق الإقليمية ويزيد من تكاليف الخدمات اللوجستية.

ولمعالجة هذه المشكلة، تعتمد الرأس الأخضر على شراكات طموحة بين القطاعين العام والخاص، وتحديث موانئها واعتماد البنية التحتية الرقمية للتعويض عن عزلتها. وكما يسلط التقرير الضوء على أن «الاقتصادات الجزرية تظهر أن الصمود يتطلب التكيف مع الخصوصيات الجغرافية»، وهو واقع تعمل البلاد على تحويله إلى فرصة، على الرغم من الحاجة المستمرة للتمويل لدعم هذه التطورات في بيئة عالمية متقلبة.

المغرب: انتقال طاقي رائد في مواجهة الهشاشات الاقتصادية

مع درجة هشاشة طاقية تقترب من الصفر (0.62 مقارنة بمتوسط إفريقي يبلغ 48.5) ومزيج من الكهرباء يتكون من 40% من الطاقات المتجددة في عام 2023، يفرض المغرب نفسه كنموذج أفريقي للانتقال الأخضر. وتساهم استثماراته الضخمة في محطات الطاقة الشمسية (مثل نور ورزازات) ومزارع الرياح، إلى جانب التكامل التجاري الدينامي مع أوروبا وغرب أفريقيا، في تعزيز قدرته على الصمود. ومع ذلك، تظل البلاد معرضة لمخاطر اقتصادية (63.4%)، مرتبطة باعتمادها على واردات الحبوب ــوالتي تفاقمت بسبب موجات الجفاف المتكررةــ وتحويلات المهاجرين، التي تتسم بالحساسية للظروف الاقتصادية العالمية.

ولتنويع مصادر النمو، يراهن المغرب على منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، حيث يمكن لبروتوكول الاستثمار الخاص بها أن يعمل على تعزيز التدفقات الأفريقية الملموسة بالفعل. وتذكر ريبيكا غرينسبان أن «إفريقيا يجب أن تستغل أسواقها الإقليمية للتعويض عن الصدمات العالمية»، مؤكدة على الحاجة الملحة إلى تقليص الهوة اللوجستية والتنظيمية التي لا تزال تعوق إمكانات القارة. وإذا جمعت المملكة بين رؤيتها في مجال الطاقة وتجدرها الإقليمي، فإن التحدي الذي تواجهه يكمن في تأمين سلاسل التوريد الخاصة بها وإشراك الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذا التحول المهيكل.

جنوب إفريقيا: صمود اقتصادي متباين على الرغم من الهشاشة النظامية

تتمتع جنوب إفريقيا بأقل درجة في ما يخص الهشاشة الاقتصادية ضمن هذه الدول الخمس (16.5/100)، وتستمد قدرتها على الصمود من قطاع مالي متطور وصناعة متنوعة تمثل 15% من الناتج الداخلي الخام. وتتمتع جنوب أفريقيا ببنية تحتية للاتصال (درجة 19.3/100)، وخاصة الموانئ (ميناء ديربان) والطرق، مما يجعلها مركزا لوجستيا استراتيجيا في جنوب أفريقيا. ومع ذلك، تواجه البلاد صعوبة في التغلب على عدم استقرار الطاقة المزمن (درجة 13.71/100)، مع انقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي يؤثر سلبا على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ومن المفارقات أن السوق المالية المحلية تظهر علامات مشجعة، حيث تم تمويل 20% من المشاريع الدولية في البلاد في عام 2023 من قبل مستثمرين محليين، مما يكشف عن إمكانات غير مستغلة لرأس المال المحلي. وتعكس هذه الثنائية اقتصادا معقدا، حيث تتعايش المزايا الهيكلية (الاتصال والتنويع) مع التحديات السياسية والطاقية التي لا يمكن حلها دون تعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص.

تظافر الاستراتيجيات

وتتقاسم البلدان الخمسة القادرة على الصمود التي حددها الأونكتاد، وهي بوتسوانا، والرأس الأخضر، وموريشيوس، والمغرب، وجنوب إفريقيا، مقاربة ثلاثية في مواجهة الصدمات العالمية. أولا، يعمل التنويع الاقتصادي على هيكلة نماذجها: تقليل الاعتماد على المواد الخام من خلال إصلاحات قطاعية معينة (السياحة المستدامة في الرأس الأخضر، والتمويل المتطور في جنوب إفريقيا). وثانيا، تعمل الحكامة المعززة، التي تجسدها موريشيوس بدرجة هشاشتها السياسية القريبة من الصفر (2/100)، على ضمان أطر تنظيمية مستقرة، وجذب المستثمرين على الرغم من الأزمات. ثالثا، يعمل التكامل الإقليمي، الذي تسارعت وتيرة تحقيقه بفضل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، على توسيع المنافذ. وكما أشار التقرير، فإن الاستثمارات الإفريقية البينية مولت 20% من المشاريع في قطاع الخدمات في عام 2023، وهي علامة على نضوج السوق القارية.

ومع ذلك، فإن الهشاشات المحددة تذكرنا بأن الصمود لا تزال عملية غير مكتملة. وتعاني بوتسوانا من الاعتماد على الطاقة المكلفة، ويعاني المغرب من الانقسامات الاجتماعية (على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام)، وتعاني القارة بأكملها من صعوبة الوصول إلى التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تشير 32% من الشركات الإفريقية إلى ذلك باعتباره العقبة الرئيسية. وتكشف هذه التحديات، إلى جانب البنيات التحتي غير المتكافئة والانتقالات الطاقية الخجولة (2.3% من الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة)، الحاجة إلى التنسيق بين بلدان أفريقيا لتحويل النجاحات الوطنية إلى ديناميات قارية.

وهكذا، تكشف هذه البلدان الخمسة أن الصمود الإفريقي يرتكز على التوازن بين الإصلاحات الداخلية (الطاقة والحكامة) والتعاون الإقليمي. ورغم أن نجاحهم ليس خاليا من النقائص، فإنه يوفر السبل لجعل إفريقيا أقل اعتمادا على الصدمات الخارجية وأكثر سيطرة على مصيرها الاقتصادي. ويبقى أن نطبق هذه النماذج على نطاق قاري، وهو التحدي الملح والمعقد في الوقت ذاته.

البلدانمن حيث الاقتصادمن حيث الحكامةمن حيث الاتصالاجتماعيامن حيث الطاقاتمن حيث المناخ
بوتسوانا43.412.448.828.5131.2115.1
الرأس الأخضر479.859.916.537.8319.7
موريشيوس23.5234.96.50.311
المغرب63.434.942.928.220.6226.2
جنوب إفريقيا16.519.819.318.2313.7115.2
تحرير من طرف موديست كوامي
في 26/02/2025 على الساعة 19:45

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800