في سياق عالمي يتسم بالأزمات المتداخلة والتحديات البنيوية، سلطت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، في أحدث تقرير استراتيجي لها، الضوء على الدور الرائد الذي تلعبه 13 دولة إفريقية في تصور سياسات مبتكرة.
🌍 What's the economic forecast for 2025?
— UN DESA (@UNDESA) February 14, 2025
📊 Which trends are happening where, and how does that impact achieving the #GlobalGoals?
Here are 6️⃣ things you should know about the global economy: https://t.co/Cmhy8tG4Pi pic.twitter.com/SZS2ILmAfC
وأشار التقرير الضوء إلى الكيفية التي تحولت بها ناميبيا وسيراليون وسيشيل وموريشيوس وكينيا وإثيوبيا ورواندا والسنغال وتنزانيا وزامبيا ونيجيريا وملاوي وجنوب السودان إلى مختبرات للتجريب، حيث يعمل الاستشراف الاستراتيجي والتحول الأخضر والحكامة الشاملة على إعادة تعريف نماذج التنمية.
ويشار إلى أن الوظيفة الأساسية لهذا التقرير تتمثل في تقديم تحليلات مستقبلية وأدوات عملية وتوصيات سياسية للدول الأعضاء لتوقع التحديات الناشئة واستغلال الفرص المرتبطة بالتنمية المستدامة. وتشكل هذه الوثيقة جزءً من مهمة إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، التابعة للأمم المتحدة، لتعزيز قدرات الحكومات على تحقيق التحولات العادلة (المناخية والرقمية والاجتماعية) مع دمج أهداف التنمية المستدامة في أجنداتها الوطنية. ووفقا لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، فإن البلدان المذكورة تمثل مقاربات متنوعة، ولكن متكاملة لتوقع المخاطر المستقبلية.
Dakar, la capitale du Sénégal. Le Sénégal a déployé une architecture informatique modulaire capable d’agréger des données non structurées– des réseaux sociaux aux registres communautaires– pour affiner le suivi des ODD.
التحول الأخضر والتدبير المندمج للموارد
وتتميز ناميبيا بخارطة الطريق الخاصة بالمناخ واستخدام الأراضي والطاقة وأنظمة المياه، والتي تم إعدادها بدعم من إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة. ويتيح هذا الإطار المندمج إمكانية نمذجة التظافر والتحكيمات بين المناخ والطاقة والمياه، وهي مقاربة أساسية للبلدان التي تواجه ندرة المياه. وقال لي جونهوا، نائب الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «تساعد أدوات النمذجة الدول على توقع الصدمات المناخية وإعطاء الأولوية للاستثمارات المرنة».
وتشكل سيشل وموريشيوس نموذجا للتحول الطاقي المبني على الابتكار المؤسساتي. ففي سيشل، عززت الأوراش الاستشرافية التنسيق بين الوزارات لمواءمة استراتيجيات الطاقة مع أهداف التنمية المستدامة. ومن جانبها، تستخدم موريشيوس التنبؤات المناخية لإعداد سيناريوهات إزالة الكربون، ودمج رهانات ارتفاع مستويات المياه والتنويع الاقتصادي.
التكيف مع عدم اليقين في المستقبل
وفي سيراليون، شكلت إصلاحات الوظيفة العمومية نقطة تحول في تحديث جهاز الدولة. وفي أعقاب أوراش العمل التي نظمتها إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، اعتمدت البلاد توصيات مهيكلة: التوظيف على أساس الكفاءة لمحاربة المحسوبية، ولامركزية الكفاءات لتقريب الخدمات العمومية من المواطنين، وتعزيز قدرات تدبير الأزمات، وهو أمر بالغ الأهمية في سياق الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية المتكررة. وهي تدابير تستجيب بشكل مباشر لمبادئ الأمم المتحدة للحكامة الفعالة، التي تدعو إلى «مؤسسات مرنة، قادرة على التكيف مع عدم اليقين في المستقبل».
لقد نجحت كينيا في تحويل التحديات التي يواجهها الشباب ــوالتي غالبا ما ينظر إليها على أنها قنبلة ديموغرافيةــ إلى فرصة استراتيجية. ومن خلال دمج القادة الشباب في اللقاءات الحكومية حول السلام والأمن (الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة)، نجحت البلاد في إرساء حوارات غير مسبوقة بين الأجيال. لقد ساعدت هذه المساحات الإبداعية المشتركة في تهدئة التوترات التاريخية مع إعداد سياسات أكثر شمولا لمنع النزاعات.
وفي جنوب السودان، أصبح تأثير التدريب الذي تقدمه إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة محسوسا على المستوى المحلي، إذ يشهد أحد المعلمين من منطقة بوما أن الأدوات المكتسبة خلال أوراش العمل -رسم خرائط مخاطر المناخ وتقنيات الوساطة المجتمعية- عززت القدرة على الصمود في مواجهة الصدمة المزدوجة المتمثلة في النزاعات والجفاف.
التمويل المستدام والاستثمارات الاستراتيجية
وقد استفادت نيجيريا وملاوي من الاستثمار في أهداف التنمية المستدامة لوضع اقتصاديهما على خريطة الاستثمار المستدام. وقد اجتذبت نيجيريا المانحين الدوليين من خلال مشاريع البنيات التحتية المرنة ــالمستشفيات التي تعمل بالطاقة الشمسية وممرات النقل الخالية من الكربون- والشراكات المبتكرة بين القطاعين العام والخاص في مجال الصحة الرقمية، وهو قطاع رئيسي للحد من عدم المساواة في الولوج إلى العلاجات الصحية.
ومن جانبها، راهنت ملاوي على الصناعة الفلاحية الدائرية، التي تجمع بين إنتاج الوقود الحيوي من النفايات الفلاحية والمحاصيل المقاومة للجفاف، وبالتالي جذب الصناديق المهتمة ببصمتها الكربونية.
وتمكنت زامبيا، من خلال الاعتماد على أوراش العمل الإقليمية التي نظمتها إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، من تحسين آلياتها لتعبئة التمويل الأخضر، ولا سيما من خلال سندات المناخ المدعومة بمشاريع إعادة التشجير.
البيانات والتقنيات
وعلى صعيد التكنولوجيا، أحدثت إثيوبيا ثورة في تدبير الكوارث من خلال شبكة الإنذار المبكر المدعومة بأجهزة استشعار إنترنت الأشياء ومعطيات الأقمار الصناعية، مما أدى إلى تقليل أوقات الاستجابة للفيضانات المتكررة. وفي رواندا والسنغال، ساعدت مبادرة المعطيات الآنية في معالجة الفجوات الإحصائية المزمنة. وقد قامت رواندا بدمج المعطيات المتنقلة لرسم خريطة الوصول إلى الخدمات الأساسية، في حين قامت السنغال بوضع بنية تكنولوجيا معلومات معيارية قادرة على تجميع البيانات غير المنظمة -من الشبكات الاجتماعية إلى سجلات المجتمع- لتحسين رصد أهداف التنمية المستدامة.
وتمتد ديناميية المرونة هذه إلى المستويات الإقليمية: فقد قامت تنزانيا وزامبيا بتوحيد استراتيجياتهما للوصول إلى الأموال الخضراء أثناء الحوارات عبر الحدود، مما أدى إلى إنشاء مجالات للتعاون حول التكيف مع المناخ في ممر زامبيزي.
وهكذا، تجسد هذه البلدان الثلاثة عشر أفريقيا الاستباقية، حيث يصبح الاستشراف رافعة للتحول. وفي قلب نظام الابتكار هذا، تبرز ثلاثة مبادئ أساسية: التكامل النظامي لرهانات المناخ والطاقة والبيانات، ومأسسة الحوارات التي تدمج الشباب والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وتعاضد المعرفة عبر المنصات الإفريقية. وكما يشير لي جونهوا، فإن هذا المقاربة الاستشرافية « يحول حالة عدم اليقين إلى فرصة »، ويرسم عقدا اجتماعيا تصبح فيه المرونة التقنية والمساواة الاجتماعية ركيزتين للتنمية الجريئة والشاملة.
وتعتمد أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 2015، على 169 هدفا يتعين تحقيقها بحلول عام 2030، وأهمها: القضاء على الفقر، ومكافحة الجوع، والولوج إلى الرعاية الصحية وإلى التعليم الجيد والمياه والصرف الصحي، والمساواة بين الجنسين، وبناء المدن والمجتمعات المستدامة.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا