ارتفاع غير مسبوق في أسعار اللحوم الحمراء بمختلف مناطق المملكة، دفع عددا من المواطنين إلى العزوف عن اقتنائها، ما تسبب في نوع من الركود بمحلات الجزارة، وفق ما استقيناه من بعض مهنيي القطاع بالعاصمة الاقتصادية للمملكة.
ووفق ما وثقته كاميرا Le360 صباح الثلاثاء 31 يناير 2023، فعلى غير عادته، يشهد سوق «جميعة» بدرب السلطان، إقبالا محتشما على اقتناء اللحوم الحمراء، لأسباب أرجعها مهنيو الجزارة إلى عدم قدرة المواطنين على مواكبة الزيادات المتتالية في أسعار المواد الغذائية، بالتالي اتجاههم إلى اقتناء الضروريات فقط.
أسعار غير مسبوقة
أجمع مهنيو الجزارة الذين التقيناهم بالسوق المذكور، على أن الأسعار التي وصلتها اللحوم اليوم لم يسبق لها مثيل بالمغرب، مشيرين إلى تضرر القدرة الشرائية للمواطنين خصوصا ذوي الدخل المحدود.
ففي وقت لم يكن فيه ثمن كيلوغرام واحد من لحم العجل أو الخروف يتجاوز 75 درهما بمختلف ربوع المملكة، تفاجئ المواطنون منذ أسابيع بقفزة « صاروخية » في أسعار اللحوم الحمراء، متجاوزة سقف ال 100 درهم وهو السعر الذي لم تصله من قبل.
تضرر القدرة الشرائية للمواطنين
جاء ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، لينضاف إلى سلسلة الزيادات المتتالية في أسعار المواد الغذائية التي أثقلت كاهل الأسر المغربية، خصوصا ذوي الدخل المحدود.
يقول الحاج حميد وهو مواطن مغربي التقيناه بالسوق المذكور، « اليوم الموظفون الذين يقدر راتبهم ب 10 آلاف درهم فما فوق يعتبرون من الطبقة المتوسطة، أما من يقل دخلهم عن 4000 درهم فيعيشون الفقر المدقع ».
وأضاف المتحدث في تصريح لـLe360: «بعد وصول ثمن اللحم إلى 100 درهم، سيصبح عدد من المواطنين يشاهدونه في الصور فقط».
من جانبه، قال الحاج مصطفى وهو أقدم جزار بسوق «جميعة»، « أصبحنا نخجل من زبنائنا
عندما نعرض أثمنة اللحوم، من كان يقتني كيلوغراما واحدا أصبح اليوم يكتفي بالنصف، ومن كان يقتني النصف تخلى عن شراء اللحم».
نقص في المنتوج
أرجع مهنيو الجزارة أسباب الزيادات المفاجئة في أسعار اللحوم إلى عدة عوامل، أبرزها الخصاص الذي تعرفه السوق الوطنية في كميات المواشي الموجهة للذبح.
«هناك نقص كبير لدرجة إذا تأخرت لبضع دقائق عن المجازر يمكن أن تعود خالي الوفاض، عدد من المهنيين لم يستطيعوا مواكبة هذا الوضع وفضلوا إغلاق متاجرهم». يؤكد عبد الواحد وهو أمين سوق «جميعة» لبيع اللحوم.
أسباب أخرى
تعتبر موجة الجفاف التي خيمت على المملكة المغربية منذ حوالي 3سنوات، من الأسباب المباشرة التي أدت إلى تضرر سوق اللحوم، فبعد ارتفاع أسعار الأعلاف، أصبح مربوا الماشية يتخلصون من إناث أغنامهم وأبقارهم عن طريق توجيهها للذبح فيما يحتفضون بالذكور لبيعها في عيد الأضحى حيث يتزايد الإقبال عليها، الشيء الذي تسبب في تراجع عدد المواليد بالتالي تراجع القطيع الوطني.
هذه الأزمة لم يكن لها انعكاس فقط على سوق اللحوم، بل تسببت في نقص حاد بمادة الحليب على المستوى الوطني، ما دفع وزارتي الفلاحة والداخلية إلى منع ذبح الأبقار الحلوب، معتبرة أن هذا الاختيار يهدف إلى معالجة النقص المسجل في التزود بمادة الحليب، ويحول دون « ضياع القطيع الوطني».
لكن وحسب مهنيي القطاع هذه الإجراءات غير كافية في الوقت الراهن، فحسب تصريحاتهم مع منع ذبح الإناث يحتاج القطاع إلى 5 سنوات تقريبا من أجل التعافي، مشيرين إلى أن أسرع حل يمكن أن تتخذه السلطات المختصة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والقطاع من الضياع، هو الانفتاح أكثر على السوق الخارجية لتعويض الخصاص، مع إلغاء الضريبة على القيمة المضافة التي تبلغ قرابة 4000 درهم للفرد، من أجل تشجيع المستثمرين على الاستيراد، واستعادة التوازن في السوق الداخلية.