ففي ظل القيود التي تفرضها الحكومة الإيطالية منذ 9 مارس 2020 وإلى غاية اليوم، لمواجهة فيروس “كوفيد-19” ونسخه المتحورة، اضطر أصحاب المطاعم المغاربة للتكيف مع التغيرات التي فرضتها الجائحة من أجل مواصلة نشاطهم، حتى ولو بطريقة محدودة وبمداخيل قليلة.
وأوضح محمد، صاحب مطعم بإيطاليا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المطاعم بوسط مدينة روما شأنها شأن تلك المتواجدة في باقي المدن السياحية، هي التي تكبدت أكثر الخسائر لأن سومة الكراء مرتفعة جدا مقارنة مع مناطق أخرى وكذا فاتورة الكهرباء والضرائب ورواتب العمال، فضلا عن الخسائر الناجمة عن المنتجات والمواد الغذائية التي تنتهي مدة صلاحياتها في ظل غياب زبائن لاستهلاكها.
ولا يخفي محمد أنه تم تسريح عاملين في المطعم “بسبب عدم القدرة على دفع أجورهم”، مضيفا أنه “ليس استثناء، فجميع أرباب المقاهي والمطاعم لم يجدوا بدا من هذا الخيار المؤلم (…) فهم يواجهون المشاكل نفسها منذ انتشار فيروس كورونا”.
وقال “أفتح كل يوم أبواب المحل حتى يتذكر الزبناء أن المطعم ما زال موجودا”، مضيفا أن عدد العمال أصبح محدودا ويشتغلون ثلاثة أيام في الأسبوع فقط وتم خفض أجرتهم اليومية”.
وأكد أن “المطاعم المغربية على غرار مطاعم البلد المضيف تتقيد بتطبيق الإجراءات الوقائية، من فرض تباعد وتنظيف مستمر واستخدام أكواب ذات الاستعمال الواحد، في الوقت الذي تعزز فيه السلطات المحلية عمليات المراقبة والتفتيش حرصا على تطبيق توصيات اللجنة العلمية لكبح جماح فيروس “كوفيد-19”.
وبحسب عدد كبير من أرباب المطاعم، فإن العمل في ظل هذه القيود لا يسمح بتوفير الحد الأدنى من المداخيل ولا يغطي مصاريف المطعم الأساسية، وأحيانا لا يوفر أية أرباح لبعض العاملين في هذا القطاع الذين باتوا مضطرين لبيع جزء من ممتلكاتهم أو الحصول على قروض صعبة من البنوك لمحاولة الصمود في وجه الجائحة لأطول فترة ممكنة.
ويشتكي أصحاب المطاعم من محدودية الدعم المقدم إليهم من قبل الدولة منذ بدء الأزمة، إذ يحاولون الصمود عبر تأمين المصاريف الشهرية المتمثلة أساسا في دفع الإيجار وفواتير ورواتب العاملين من خلال إرسال طلبيات الطعام إلى المنازل.
وإذا كانت خدمات سحب الوجبات الجاهزة والتوصيل للمنازل، قد شكلت طوق نجاة لبعض المطاعم من الإفلاس في هذا السياق الاستثنائي، فهذا بالتأكيد ليس هو حال المطاعم التي تحضر مأكولات لا يمكن نقلها للمنازل مثل الكسكس والطاجين وغيرها من الأطباق، بحسب مصطفى السنتيسي صاحب مطعم في بريشيا بشمال إيطاليا.
وسجل أن الكثير من المطاعم في هذا البلد الأوروبي تعتبر بمثابة “مطاعم عائلية” يديرها ويعمل بها أبناء الأسرة الواحدة، وأدى توقفها إلى توقف دخل العائلة بشكل كامل، ما أوقع هذه العائلات في صعوبات مالية غير مسبوقة، وسط مطالبات للدولة بتخفيف القيود المفروضة وتقديم مزيد من الدعم لأصحاب المطاعم لإنقاذهم من خطر الإفلاس في هذه المرحلة الصعبة.
وما يزيد الطين بلة هو تراجع السياح الذين يزورون هذا البلد بحوالي 90 في المائة، حيث توقع السيد السنتيسي أن تحتاج المطاعم إلى ثلاث أو أربع سنوات للتعافى كليا من تداعيات الأزمة الصحية.
وبالنسبة لجميع أرباب المطاعم، فإن “وعود الحكومة بالتعويض عن بعض عائداتهم المهدرة، ليست كافية لإطعام عائلاتهم ومواصلة دفع رواتب العمال العاطلين عن العمل”.
وتحت ضغط الاحتجاجات التي يخوضها العديد من أصحاب المطاعم، قرر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، تخفيف القيود اعتبارا من اليوم الاثنين، إذ ستتمكن المطاعم من استقبال الزبناء مرة أخرى لتناول وجبة الغداء أوالعشاء، ولكن في الهواء الطلق فقط، وذلك وفق مرسوم جديد، يمدد حالة الطوارئ حتى 31 يوليوز المقبل.
وعلى إثر قرار تخفيف القيود، يستعد أصحاب المطاعم المغاربة اليوم لاستقبال الزبائن وفق القرارات الجديدة للسلطات المحلية، آملين عدم العودة مرة أخرى لحالة الإغلاق ومستبشرين خيرا بقرب انفراج الأزمة.