تأتي قيمة الكتاب الذي أشرفت على تقديمه وتنسيقه فاطمة الزهراء المرابط في كونه يُعيد للعديد من الأدباء الأموات قيمتهم وذكراهم في قلوب القراء. كما يكشف بعمق عن التحولات المعرفية والجمالية التي ألمّت بالعمل الأدبي، بما يجعل تجاربهم حاضرة في عيون النقاد الجدد وتكتسب قيمتها وأهميتها انطلاقاً من هذه المقاربات الجديدة التي تعمل على تفكيك أعمالها الروائية والقصصية والشعرية وتسعى جاهدة إلى إعادة التعريف بها وبما كانت تطرحه من قضايا جوهرية ذات صلة بالمجتمع المغربي خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. وتأخذ الفكرة جديتها في كونها تعيد للأموات صوتهم وتستعرض مسارهم وشخصياتهم وتضمن لهم سيرورتهم داخل المجال الثقافي اليوم. وتُركّز هذه الأعمال النقدية على قصصهم، أيْ أنّها تتناول بالفحص والنقد التجارب القصصية وتعمل على تشريحها وفق مناهج جديدة وآليات مختلفة.
وحسب تقديم الكاتبة فاطمة الزهراء المرابط، فإنّ الباحثون يستحضرون « بعض رموز القصة المغربية، من رواد التجربة الواقعية مثل: محمد زفزاف ومحمد شكري وإدريس الخور، ومن خلفهم من أجيال لاحقة، مثل: محمد غرناط ومليكة نجيب ومحسن أخريف، لعلنا نسهم في نفض الغبار عن الذين طالهم النسيان بعد رحيلهم. هذا الكتاب الذي نعتبره عملا إنسانيا أكثر منه نقديا، اصطدمنا بندرة الأعمال القصصية، وصعوبة الحصول عليها، وخاصة الصادرة خارج المغرب، وقد حز في أنفسنا غياب إنتاجات أسماء كبيرة ومعروفة، لها مكانتها وصيتها في المشهد الأدبي المغربي والعربي، مما حرمنا -نحن الأجيال اللاحقة- من العثور عليها، والتمتع بالسفر في عوالمها السردية ».