هذا ويُعتبر الباحث سعيد بوخليط من أهم الباحثين والمترجمين الذين عملوا على مدار سنواتٍ طويلة على العناية بفكر غاستون باشلار أكثر من أي باحث آخر. بل إنّ كتابات وترجمات بوخليط حول صاحب « جماليات المكان »، لا يُمكن عدّها وحصرها بسبب كثرتها وقُدرتها على الخوض في موضوعات متعدّدة تتّصل بجوانب ظلّت مُهملة في فكر باشلار. وهذا الأمر، ما أعطى لكتابات وترجمات بوخليط قيمة مضافة للقارئ المغربي وجعلته يكتشف عوالم مختلفة حول باشلار وسيرته وكُتبه ونمط عيشه والروافد الفكرية التي أثرت في سيرته وتوجته باعتباره مفكراً وشاعراً وحالماً.
تأتي الترجمة الجديدة لتُعطي القيمة أكبر لهذا الفيلسوف الذي ظلّ داخل الفكر العربي المعاصر مُهملاً وخاضعاً لنظرة إبستمولوجية في التعامل مع تراثه الفكري، في الوقت الذي فتح فيه بوخليط عيون القراء على الجانب الأدبي في كتابات باشلار وتطلّعها الدائم نحو بناء نظرية أدبية لا يستقرّ موضعها عند الفكر، بل تغوص عميقاً في بنية الحواس وتُعيد نسج علاقة خفيّة وساحرة مع الماء والنار والأرض والهواء. يتعلق الأمر هنا بالترجمة الجديدة التي أنجزها باشلار من بداية أربعينيات القرن العشرين، والتي تمحور موضوعها حول انسياب خيالات الشعراء والأدباء من وجهة نظر الرؤى والأحلام والهواء.
هذا وقد تضمَّن كتاب الهواء والرؤى دراسة في خيال الحركة، أربعة عشر فصلا، ومقدمة للمترجِم؛ استطردت في الإحاطة ببعض جوانب شعرية غاستون باشلار والثورة المنهجية التي أحدثتها. يطلعنا الفهرس على موضوعات متنوعة من أهمها: شعرية الأجنحة، حلم التحليق، الخيال والحركة، نيتشه ونفسية الارتقاء، أعمال روبير ديزويل، السماء الزرقاء، الغيوم، السَّديم، الريح، الشجرة الهوائية، إلخ.