وتأتي أهمية الكتاب في كونه في استناده على الأنثروبولوجية كعلم يُساعد الباحث في تقديم سردية معرفية مغايرة، تحاول أن تتماهى مع العليات وتسعى إلى تفكيك الطريقة التي بها ينظر الناس إلى الجبل. وما يميز هذا الكتاب أنه فكّر في موضوع نادراً ما استرعى اهتمامات الكتاب والباحثين. فداخل القافة المغربية لا نتوفر على دراسات أنثروبولوجية ترصد عادات وتقاليد ناس الجبل، بل هناك دراسات تاريخية قليلة تطرّقت إلى الجبل من المنظور التاريخي ولكنْ في علاقته بالحروب والصراعات التي كانت تدور بين القبائل والجماعات. وبالتالي فإن استخدام الأنثروبولوجيا في دراسة الجبل، تُساهم بطريقة ما في تقديم جديد يُعوّل عليه من الناحية المعرفية، لأنها عبارة عن علم يسعى إلى الحفر في العادات والتقاليد المترسبة في المجتمعات.
ومن المحاور التي تطرق إليها الباحث نجد الصلاة المشيشية وودكة والبيت الطيني الجبلي وحاكوزة وغيرها من المحاور ذات الصلة بالجبل وناسه. وتقدم الدراسة وعياً مختلفاً بمفهوم البحث العلمي، لأنّها تجعل من البحث الميداني أفقاً للتفكير والممارسة. كل هذا في وقتٍ لا نعثر فيه على دراسات أنثروبولوجية تشرك الرأسمال الرمزي وتجعل منه موضوعاتً للتفكير.